في كلمته المشهورة، قال المجرم بايدن: "ليس من الضروري أن تكون يهوديًا لتكون صهيونيًا".
تعليقاً؛ قال روس، الذي عمل مع رؤساء من كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي منذ الثمانينيات: "من الواضح أن هناك شيئًا متجذرًا فيه بعمق". مستذكرًا ذلك اليوم من عام ٢٠٠٢ عندما حرص السيد بايدن على الظهور خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية، يسترسل روس: “أعتقد أن هذه العبارة تتحدث كثيرًا عن هذا الارتباط العاطفي الذي لديه."
اليوم غير الأمس، فلم يعُد خفياً "الكابوس" الذي يعيشه المجرم بايدن وهو يرى قطع الدومينو تتساقط واحدة تلو الأخرى. فبعد أن تلطّخت يداه بدماء الشعب الفلسطيني، يحاول تطهيرها بمعقّمات البراءة من الكوارث التي لحقت بغزة.
منذ الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون، حاولت الإدارات الأمريكية المتعاقبة في مؤتمرات قمة كامب ديفيد، والدبلوماسية المكوكية وغيرها من المحاولات الكبيرة لإقناع الزعماء الإسرائيليين والفلسطينيين بإجراء محادثات لتسوية النزاعات. لم يجعل بايدن المحادثات الإسرائيلية الفلسطينية أولوية. بدلاً من ذلك، رسم مسؤولو الإدارة ما أسموه سياسة بايدن للدبلوماسية "الهادئة". دعوا إلى تحسينات خجولة في الحريات الفلسطينية والظروف المعيشية في ظل حكومة القاتل نتنياهو التي شجعت الاستيطان في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل اليوم.
منذ منتصف تشرين الاول، شهدت امريكا عاصفة من الانتقادات والمظاهرات عمّت معظم الولايات. كانت أول هزةٍ لادارة بايدن لمظاهرةٍ دعت لها منظمتان يهوديتان مناهضتان للصهيونية، هما " Jewish Voice for Peace" و "If Not Now". تجمّع حوالي ٤٠٠ من أعضائهم داخل القاعة المستديرة لمبنى مكتب كانون هاوس، بقيادة ٢٥ حاخامًا. في الخارج هتف مئات آخرون "وقف إطلاق النار في غزة الآن". في كلمتها، قالت الحاخام ليندا هولتزمان: "حيث لا توجد عدالة، يجب أن أكون صوتاً من أجل العدالة".
ظهرت بوادر الانقسامات في الحزب الديمقراطي الذي ينتمي اليه بايدن. أظهر ائتلاف ذو ميول يسارية من الناخبين الشباب و ذوي البشرة السوداء استياءً تجاهه أكثر من أي وقت مضى منذ توليه السلطة. فمن الكابيتول هيل إلى هوليوود، في النقابات العمالية وجماعات الناشطين الليبراليين، في حرم الجامعات وفي المدارس الثانوية، يجد الانقسام حول غزة صدىً يهز أمريكا الليبرالية.
نقلت معظم القنوات التلفزيونية الأمريكية فيديوهات لمحتجين في داخل الكونغرس لوّنت ايديهم بالأحمر تعبيراً عن الدم المُراق في غزة، ليقطعوا التصويت على قرار من شأنه تقديم مساعدة ١٤،٣ مليار للكيان الصهيوني الغاصب، مرددين شعارات "وقف إطلاق النار الان".
ثم أخذ دور موظفي الحكومة الفيدرالية حيزاً آخر في التظاهرات، فقد خرجوا في مبنى الكابيتول بمكبرات الصوت، تصدح حناجرهم بوقف إطلاق النار في غزة، مع إدانة صمت المشرعين. (راجع صحيفة الأسوشيتد برس "Dissent over US policy in the Israel-Hamas war stirs unusual public protests from federal employees"، في ١٩ تشرين الثاني ٢٠٢٣)
أربكَ رد الفعل الإسرائيلي فريق بايدن بشكل لم يسبق له مثيل خلال فترة رئاسته. في شهر تشرين الثاني، طلب الموظفون المسلمون في البيت الأبيض عقد اجتماع مع كبار مستشاري الرئيس بايدن، لاعطاء وجهة نظرهم في الحرب، حتى وصل عددهم الالف لاحقاً. (راجع صحيفة واشنطن بوست "White House grapples with internal divisions on Israel-Gaza"، بتاريخ ٢٦ تشرين الثاني ٢٠٢٣)
تنازعَ بعض الديمقراطيين في الكونغرس مع إدارة بايدن بشأن مسعى من الديمقراطيين اليساريين فرض شروط على ضخ مساعدات لإسرائيل، وهو أحدث انعكاس للخلاف المتزايد داخل الحزب الحاكم بشأن دعم الدولة اليهودية. يشكل هذا النقاش خروجا صارخا عن الممارسة المتبعة منذ فترة طويلة في الكابيتول هيل، حيث وافق المشرعون على مدى عقود على مبالغ ضخمة من التمويل العسكري لإسرائيل دون شروط. (راجع صحيفة نيويورك تايمز "As Congress Weighs Aid to Israel, Some Democrats Want Strings Attached "، بتاريخ ٢٩ تشرين الثاني ٢٠٢٣)
الذي زاد من غضب الشعب الأمريكي، وهم يرون عدم اكتراث إدارة بايدن بكثرة القتلى، تصريح المسؤولون بوصول ١٥ ألف قنبلة و ٥٧ ألف قذيفة مدفعية إلى إسرائيل. لم تكشف الولايات المتحدة سابقًا عن العدد الإجمالي للأسلحة التي أرسلتها إلى إسرائيل ولا عن نقل ١٠٠ قنبلة طراز بي ال يو ١٠٩، وهي قنبلة خارقة للتحصينات تزن ٢٠٠٠ رطل (٩٠٧ كيلوغرام تقريباً). (راجع صحيفة وول ستريت جورنال "U.S. Sends Israel 2,000-Pound Bunker Buster Bombs for Gaza War"، بتاريخ ١ كانون الاول ٢٠٢٣)
بدأت انعكاسات ما اقترفه المجرم بايدن بحق شعب فلسطين تتجلّى للعيان، فقد أجرت ثلاثة صحف استطلاعات للرأي؛ وول ستريت جورنال، رويترز، و نيويورك تايمز بالتعاون مع كلية سيينا الأمريكية. أظهرت الاستطلاعات أن الوضع السياسي للرئيس بايدن في أضعف نقطة له. حيث منحه المشاركون في الاستطلاعات أدنى درجات الأداء الوظيفي وفضلوا دونالد ترامب للمرة الأولى. تمثل هذه النتائج أحدث صدمة لبايدن والديمقراطيين، الذين أعرب بعضهم علانية عن قلقهم بشأن قدرة الرئيس البالغ من العمر ٨١ عامًا على المنافسة، واصفين الجمهوري ترامب بأنه عازم على الانتقام. (راجع صحيفة وول ستريت جورنال "Trump Takes 2024 Lead as Biden Approval Hits New Low, WSJ Poll Finds"، صحيفة رويترز "Biden-Trump rematch would be close, with RFK Jr a threat to Biden"، و صحيفة نيويورك تايمز "Poll Finds Wide Disapproval of Biden on Gaza, and Little Room to Shift Gears")
لم تقف الأصوات المعارضة لسياسة بايدن عند هذا الحد، فقد رفعت منظمة حقوقية "The Center for Constitutional Rights" دعوى قضائية ضد بايدن وادارته. تقول المنظمة إن فريق الرئيس يتهرب من المسؤولية القانونية عن تصرفات إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية في غزة، بينما يتباهى بايدن بالتنسيق الوثيق بين الولايات المتحدة وإسرائيل. (راجع صحيفة ميدل ايست آي "Biden seeks to dismiss lawsuit that says he is failing to prevent genocide of Palestinians"، بتاريخ ١٠ كانون الاول ٢٠٢٣)
في سابقةٍ نادرةٍ، وصل المسلمون في امريكا الشمالية إلى تشكيل تكتل يدعو إلى عدم التصويت إلى بايدن تحت عنوان حملة "التخلي عن بايدن" لانتخابات عام ٢٠٢٤. فقد أطلق الزعماء المسلمون في الولايات الأمريكية المتأرجحة الرئيسية جهودهم لضمان عدم حصول بايدن على ولاية ثانية، مشيرين إلى دعمه للقصف الإسرائيلي على غزة.
في مؤتمر صحفي في مدينة ديربورن بولاية ميشيغان، اجتمع المسلمون من ولايات أريزونا، فلوريدا، جورجيا، مينيسوتا، نيفادا، وبنسلفانيا للإعلان عن جهد منسق على الصعيد الأمريكي لضمان عدم تأمين بايدن لولاية ثانية في منصبه.
بدأ بايدن حملته الانتخابية قبل ثلاثة أيام في كنيسة إيمانويل التاريخية في ولاية كارولينا الجنوبية، والتي شهِدت مقتل ٩ أشخاص من ذوي البشرة السوداء على يد رجلٍ أبيض. حاول بايدن استمالة عطف الأميركيين من أصول أفريقية في تلك الولاية. حالما وصل في خطابه إلى "الأرواح مقدسة" في إشارة إلى الضحايا التسعة، قام بعض الحضور بمقاطعته وهم يهتفون "نطالب بوقف إطلاق النار الآن"، كما صرخ أحدهم قائلا "إذا كنتم تهتمون حقا بالأرواح التي فقدت هنا، فعليكم الدعوة إلى وقف إطلاق النار في فلسطين"، حتى اكتظت الكنيسة بالفوضى، ليكون أول حجر يلقم فمه الجمهور الأمريكي.
قالت كارين: نحن نستنكر الهتافات الداعمة لفترة رئاسية جديدة لبايدن، إلى أي مدى يمكن أن تكون تلك الكنيسة دينية، وهي تُعيد ٤ سنوات إضافية لإبادة جماعية من قبل بايدن.
أما جوي برافو فقال: آلة التنظيم الحربي لدينا تحت قيادة نتنياهو المتهورة. من الواضح أنها ليست تحت قيادة بايدن، نتنياهو يرغب في حرب إقليمية واسعة يقاتل فيها الأميركيون ويدفعون ثمنها.
ستبقى غزة كابوساً تؤرق يقظة بايدن، وتدميرها يقضُّ مضجعه، فقد أثمرت دماء الأطفال و صرخات النساء المدوية صهيلاً أرجفت حُلُمُ بايدن بالتجديد لولاية ثانية.
|