كلّنا أو أكثرنا عنده مشاكل عالقة، مزعجة مرهقة مؤلمة، يعجز عن حلّها، ولا يجد من يعينه على إنهائها.
لنفترض أن شخصاً ذا كفاءة وأمانة تكفّل بالقيام بحلّ المشكلة العالقة، فمن الطبيعي أنه بمجرّد أن يتكفّل بحلّ المشكلة يكون عندنا استقرار نفسي، وإن كانت المشكلة لا تزال معلّقة.
نلاحظ هنا: إن الاستقرار والركون والوثوق حصل بسبب التكفّل فقط، حيث إن المشكلة لم تُحلّ بعد.
ويكون عندنا استقرار أكثر لو كان المتكفّل بحلّ المشكلة هو شخصية مرموقة، كأن يكون شيخ عشيرة أو وزير أو رئيس، أو نالت المشكلة اهتمام مجموعة دول.
كل ذلك يدعو إلى الاستقرار والوثوق والاطمئنان.
لو نظرنا بعين صحيحة لوجدنا أن المشكلة لا زالت عالقة، والاهتمام بحلّها هو مجرد طموح وسعي ورجاء لوجود الحلّ.
أسألك سؤالاً: ما رأيك لو كان المتكفّل بحل المشكلة هو خالقك الذي بيده كل شيء وهو السميع البصير، جبار السماوات والأرض، المحيط بكل شيء والعليم به؟.
إذا كنت تطمئن لوعود الناس لحلّ مشكلتك، بحيث أنك تثق بالوعد قبل حصول الحل، فلماذا لا تثقّ بوعد القادر على كل شيء والشفيق والرؤوف الرحيم؟
يقول الله تعالى: «أليس الله بكافٍ عبده»، ويقول سبحانه: «الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانًا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل * فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم».
فأي وعود أجمل من هذه الوعود التي تبعث على الطمأنينة؟!، لأن هذه الوعود صدرت من قادر مطلق ورحيم مطلق وشفيق مطلق، لا يعجز عن شيء، ولا يعيقه شيء، ولا يريد السوء بأحد، ولا يخيب من رجاه.
ولنقرأ هذا الحديث الشريف بإمعان، فإن فيه معاني جليلة..
عن بريد بن معاوية، عن أبي جعفر (ع) قال: وجدنا في كتاب علي (ع) أن رسول الله (ص) قال ـ وهو على منبره ـ: والذي لا إله إلا هو ما أعطي مؤمن قط خير الدنيا والآخرة إلا بحسن ظنه بالله ورجائه له، وحسن خلقه، والكف عن اغتياب المؤمنين.
والذي لا إله إلا هو لا يعذب الله مؤمناً بعد التوبة والاستغفار إلا بسوء ظنه بالله وتقصيره من رجائه، وسوء خلقه، واغتيابه للمؤمنين.
والذي لا إله إلا هو لا يحسن ظن عبد مؤمن بالله إلا كان الله عند ظن عبده المؤمن، لأن الله كريم بيده الخيرات، يستحيي أن يكون عبده المؤمن قد أحسن به الظن ثم يخلف ظنه ورجاءه، فأحسنوا بالله الظن وارغبوا إليه.
|