• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : لعَنَ الله.. مَن روَّع فاطمة ! .
                          • الكاتب : الشيخ محمد مصطفى مصري العاملي .

لعَنَ الله.. مَن روَّع فاطمة !

 بسم الله الرحمن الرحيم
 
روى المؤرخون حادثةً غُيِّبَت عن أذهان عموم الناس، تخفيفاً مِن هَولِ الجريمة التي ارتُكِبَت بحقِّ الزَّهراء عليها السلام.
 
لقد اختُلِفَ في أنَّ للنبيِّ (ص) ابنةٌ أخرى سوى الزَّهراء عليها السلام تُسمى (زينب)، فمنهم من ذَكَرَ أنَّها ابنته صلى الله عليه وآله (الكافي ج1 ص439)، ومنهم مَن ذهبَ إلى أنَّها ربيبته (ص) (مناقب آل أبي طالب ج1 ص162).
 
ومهما يَكُن الأمر، فإنَّ حَدَثاً عَظيماً قد وقع على زينب، حينما أرادت الإلتحاق بالنبي (ص) في المدينة المنوّرة، حيثُ أرسلَ (ص) مَن ينتظرُها ليَصحَبَهَا ويأتي بها إلىه (ص).
 
لقد رَكِبَت هودَجَها وخَرَجَت تطلُبُ المدينة، فعرفت قريشُ بالأمر، وخرَجَ منها رجالٌ في طَلبها.
 
ينقل ابن هشام في السيرة النبوية أنّهم أدركوها في ذي طوى، فيقول:
فكان أول من سبق إليها هبَّار ابن الأسود.. فروَّعَها هبَّارُ بالرمح، وهي في هودجها، وكانت المرأة حاملاً - فيما يزعمون - فلما ريعت طرحت ذا بطنها (ج٢ ص٢١٥).
 
أما الطبري وابن عساكر فقالا أنَّه:
عرض لها نفرٌ من قريش فيهم هبّار ينخسُ بها، وقَرَعَ ظهرها بالرُّمح، وكانت حاملاً، فأسقطت (المنتخب من ذيل المذيل ج1 ص39، وتاريخ مدينة دمشق - المستدركات ج٣، ص٣٥٦).
 
لقد صار الترويعُ، والنَّخسُ وهو الغَرزُ، والقَرعُ بالرُّمح، سبباً لإسقاط زينب ما في أحشائها، وكان النبيُّ صلى الله عليه وآله حياً حينها.
 
ثمَّ نقل مؤرخو (العامة) أنَّ النبي (ص) أمرَ بمعاقبة هبَّار بأسلوبين:
 
الأسلوب الأول: هو الإحراق !
 
حيث أمرَ بأن يحرق هبّار ومن معه، فنقلوا قوله:
إن ظفرتم بهبار ابن الأسود، أو الرجل [الآخر] الذي سبق معه إلى زينب فحَرِّقوهما بالنار! (السيرة النبوية ج٢ ص٢١٧).
وقوله:
إن ظفرتم به فاجعلوه بين حزمتين من حطب، وحرّقوه بالنار! (تاريخ مدينة دمشق - المستدركات ج٣، ص٣٥٦).
 
الأسلوب الثاني: هو القتل !
 
حيثُ قالوا أنَّ النبي(ص) عادَ ونهى عن إحراقه، لأنه (لا ينبغي لأحد أن يعذِّبَ بالنار إلا الله، فإن ظفرتم بهما فاقتلوهما)، وفي خبرٍ آخر (إن ظفرتم به فاقطعوا يديه، ورجليه، ثم اقتلوه).
 
وبغضِّ النَّظَر عن صحة هذا الكلام، فإنَّهُ ينبغي أن يقفَ المنصفُ وقفةً معَ (العامة) (وِفقَ مبانيهم ورواياتهم هذه)، فإذا كان ترويعُ زينب أو قَرعُها بالرمح حتى أسقطت سبباً في استحقاق هبّار لهذا النَّوع من العقاب، فماذا يستحقُّ مَن رَوَّع الزَّهراء حتى أسقطت مُحسناً ؟!
 
أيستحقُّ أن يُكرَّم ويصير خليفةً للمسلمين؟!
أم يستحقُّ أن يُقتلَ شَرَّ قتلةٍ كما استحقَّها هبّار؟!
 
إنَّ مِن معايير شِدَّة الجريمة وخطورتها أن يكونَ مَن وقَعَت عليه الجريمةُ أعظَم شأناً، والزَّهراء عليها السلام أعظمُ شأناً من كلِّ من عداها من النِّساء، فهي بضعة المصطفى وروحه التي بين جنبيه، وهي سيدة نساء أهل الجنة أجمعين، أفلا يستحقُّ ابنُ الخطاب عقاباً يوازي ما استحقَّهُ هبّار بل يزيد عليه ؟!
 
هذا لو ساوى فِعلُهُ فِعلَ هبّار، لكنَّه فاقَهُ بأشواط.. وقد ثبتَ أنَّ هناك تناسُباً طردياً بين شدَّة الجريمة وشدَّة العقاب، فماذا يستحقُّ هذا الجاني يا ترى؟!
 
لا ريبَ أنَّ عمرَ بن الخطّاب قد رَوَّع فاطمة حتى أسقطت جنينها، ولكنَّه روَّعها بما يفوق الخيال !
 
إنَّ من ينظر إلى ما ورد في كتب الفريقين يذهلُ لما فعله الأجلاف بها عليها السلام، حيث روي فيما روي:
 
1. إنّ عمر ضرب بطن فاطمة يوم البيعة حتّى ألقت الجنين من بطنها !
2. و إنّ عمر رفس فاطمة حتّى أسقطت بمحسن !
3. وَضَغَطُوا سَيِّدَةَ النِّسَاءِ بِالْبَابِ حَتَّى أَسْقَطَتْ مُحَسِّناً !4.  وَ دَعَا عُمَرُ بِالنَّارِ فَأَضْرَمَهَا فِي الْبَاب‏ !
5. فَرَفَعَ عُمَرُ السَّيْفَ وَهُوَ فِي غِمْدِهِ فَوَجَأَ بِهِ جَنْبَهَا ! .. فَرَفَعَ السَّوْطَ فَضَرَبَ بِهِ ذِرَاعَهَا !
 
وروي عن لسانه لعنه الله:
 
1. فَضَرَبْتُ كَفَّيْهَا بِالسَّوْطِ فَأَلَّمَهَا !
2. فَرَكَلْتُ الْبَابَ وَقَدْ أَلْصَقَتْ أَحْشَاءَهَا بِالْبَابِ تَتْرُسُه‏ !
3. فَصَفَقْتُ صَفْقَةً عَلَى خَدَّيْهَا مِنْ ظَاهِرِ الْخِمَار !
 
وعن لسانها عليها السلام:
 
1. فَأَخَذَ عُمَرُ السَّوْطَ مِنْ قُنْفُذٍ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ، فَضَرَبَ بِهِ عَضُدِي فَالْتَوَى السَّوْطُ عَلَى يَدِي حَتَّى صَارَ كَالدُّمْلُجِ.
2. وَرَكَلَ الْبَابَ بِرِجْلِهِ، فَرَدَّهُ عَلَيَّ وَأَنَا حَامِلٌ، فَسَقَطْتُ لِوَجْهِي، وَالنَّارُ تُسْعَرُ، وَتَسْفَعُ وَجْهِي.
3.. فَضَرَبَنِي بِيَدِهِ حَتَّى انْتَثَرَ قُرْطِي مِنْ أُذُنِي‏، وَجَاءَنِي الْمَخَاضُ فَأَسْقَطْتُ مُحَسِّناً قَتِيلًا بِغَيْرِ جُرْم.
 
وعن الله تعالى مخاطباً نبيه ليلة المعراج:
 
وَأَمَّا ابْنَتُكَ:
 
1. فَتُظْلَمُ وَتُحْرَمُ، وَيُؤْخَذُ حَقُّهَا غَصْباً الَّذِي تَجْعَلُهُ لَهَا.
2. وَتُضْرَبُ وَهِيَ حَامِلٌ.
3. وَيُدْخَلُ عَلَيْهَا وَعَلَى حَرِيمِهَا وَمَنْزِلِهَا بِغَيْرِ إِذْنٍ.
4. ثُمَّ يَمَسُّهَا هَوَانٌ وَذُلٌّ، ثُمَّ لَا تَجِدُ مَانِعاً.
5. وَتَطْرَحُ مَا فِي بَطْنِهَا مِنَ الضَّرْبِ.
6. وَتَمُوتُ مِنْ ذَلِكَ الضَّرْبِ!
 
والنتيجة أنَّهُم قتلوا جنينها، بل قتلوها سلام الله عليها.. فماذا يستحقُّ هؤلاء الأرجاس الأنجاس ؟!
 
إنَّ فِعلَهم هذا هو سنَّةٌ جاهليةٌ متأصِّلَةٌ فيهم، فالإساءة إلى النساء هو طَبعٌ تَطَبَّعَ عليه الأعراب، بعدَما تطبَّعوا على وأد البنات، أليس عُمَر هو القائل: يا رسول الله اني وأدت في الجاهلية! (المجموع للنووي ج١٩ ص١٨٧).
 
أليس هو القائل:
ذهبت بابنة لي لوأدها، فكنت أحفر لها الحفرة وتنفض التراب عن لحيتي وهي لا تدري ماذا أريد لها (أضواء البيان ج٨ ص٤٣٧).
 
وهذا التاريخُ يكشفُ لنا بعضاً من قبائح هذه الشخصية، حيث ذكروا أنَّ أخت عمر بن الخطاب وصِهره قد أسلما قبله، فثارت ثائرته:
 
فوثب عمر على خِتنه فوطئه وطأ شديداً، فجاءت أخته فدفعته عن زوجها، فنفحها بيده نفحةً فدمي وجهها! (الطبقات الكبرى لابن سعد ج٣ ص٢٦٨).
وفي رواية الحاكم: فضرب وجهها فأدمى وجهها! (المستدرك ج٤ ص٥٩).
 
لَم يكُن هذا الجِلفُ إلا أعرابياً لا يُراعي لأحدٍ حُرمَةً، ولا يشتملُ على شيءٍ من الإنسانية، فإنَّ مَن اتَّصَفَ بشيءٍ منها رَحِمَ النساء لِضَعفِهِنَّ، فكيف وقد أوصى بهنَّ رسول الإنسانية عَن ربِّ العالمين وَصيَّة مؤكدة مكرَّرة، ثم أوصى بابنته الزَّهراء مراراً حتى لم يُبقِ لمُعتَذِرٍ عُذراً..
 
لكنَّ مَرضى القلوب لا يزيدُهم وَعظُ السَّماء إلا رِجساً إلى رِجسهم، قال تعالى: ﴿وَأَمَّا الَّذينَ في‏ قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَماتُوا وَهُمْ كافِرُونَ﴾ (التوبة125).
 
ولقد كان ابن الخطَّاب رِجساً بنفسه كما وصفته أخته ! حيث روي أنَّه كان لدى صهره وأخته مَن يقرأ لهما شيئاً من القرآن بعدما أسلما، ولمّا ضربهما عمر أراد أن يحصل على الكتاب الذي عندَهم، فقالت أختُه كلمةً تهزُّ وجدان العاقل، حيث خاطبته بقولها:
(إنك رِجسٌ، ولا يمسه إلا المطهرون)! (الطبقات الكبرى ج٣ ص٢٦٨).
 
وهَل يعتدي على أهل بيت الطُّهر إلا الأرجاس الأنجاس ؟!
 
إنَّ هذا وأمثاله لا يستحقون شَفَقَةً ولا رحمة، حتى مِن أطهر القلوب، فهذه الزَّهراء عليها السلام تقول له ولصاحبه:
وَلَئِنْ لَقِيتُ النَّبِيَّ (ص) لَأَشْكُوَنَّكُمَا إِلَيْه‏.
 
ثم تقول للأول:
لَأَدْعُوَنَّ الله عَلَيْكَ فِي كُلِّ صَلَاةٍ أُصَلِّيهَا (البحار ج28 ص358).
 
الصلاة مِعراجُ المؤمن، وقُربان كلِّ تقيّ، وبابٌ من أبواب الرحمة الإلهية، ولكنَّ الزَّهراء عليها السلام تدعو عليهما فيها، لسوء ما ارتكبا بحقِّها وحقِّ أبيها وبعلِها وبنيها، وبحقِّ دين الله عزَّ وجل.
 
ولا يزالُ المؤمنون يدعون الله عليه وعلى صاحبه في صلواتهم، ويتوسَّلون إلى الله تعالى أن يزيدهم عذاباً فوق عذابهم، فإنَّهما أسسا أساس الظُّلم والجور على آل محمدٍ، فحَمَلا في رِقابهم أوزاراً مع أوزارهم..

 
والحمد لله رب العالمين


كافة التعليقات (عدد : 1)


• (1) - كتب : سليمان علي صميدة ، في 2023/12/20 .

لا يعتدي على الناس و لا يقتل الانبياء و الاوصياء و أولاد الانبياء الا ابناء الزناء




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=189571
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2023 / 12 / 20
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13