لقد اقتضت إرادة الله سبحانه وتعالى أن يختبر المؤمنين، ليميز الخبيث من الطيب، وليظهر الحق من الباطل.
تلك سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلا، بعض الناس وللأسف يتصورون أن الابتلاء الإلهي هو غضب من الله، وهذا تصور خاطئ لما ورد في الحديث :"أي الناس أشد بلاء يا رسول الله؟ فقال: الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، فيبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان رقيق الدين ابتلى حسب ذاك، وإن كان صلب الدين ابتلى على حسب ذاك، فما تزال البلايا بالرجل حتى يمشي على الأرض وما عليه خطيئة".
الصبر نعمة كبيرة على من يمن الله تعالى بها، وهو إما الصبر على الابتلاء، أو صبر على الطاعة، والمسلم مأجور في كل الأحوال ما دام صابرا.
وعلى الإنسان أن يسلم بما يقع له من ابتلاءات، وأن يستعين عليها بالذكر والقرآن.
يعود الصبر على صاحبه بالعديد من الثمرات والآثار المُتعلقة بالدنيا، والآخرة، ومنها: تخفيف أثر المصيبة، والتقليل من مَشقتها على الإنسان. الفوز بالثواب الجزيل، والأجر العظيم في الآخرة، يقول -تعالى-: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ).
تحصيل الطمأنينة في القلب، والرضا عن الحال. يقول -تعالى-: (وَاصبِروا إِنَّ اللَّـهَ مَعَ الصّابِرينَ).
طريق إلى نيل مغفرة الله -تعالى- للذنوب، قال -تعالى-: (إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَٰئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ).
عونٌ للعبد، وعدّة له في الاستعانة بالله -سبحانه-، قال -تعالى-: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ).
ربط الفلاح به، كما في قوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّـهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
الامورالمُعيناتٌ على الصبر كثيرة، وفيما يأتي بيان لبعضها:
الإيمان بالله -تعالى- وأنّ الأمر بيده، يُعطي ويمنع بمشيئته، والإيمان بالقضاء والقدر، واليقين ان لا مفر من المُصاب بعد وقوعه، وأن السخط واليأس لا يفيد صاحبه، ولا يُعيد شيئاً مما حصل
قال الله -تعالى-: (مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّـهِ يَسِيرٌ).
تشهد فلسطين في هذه الأيام أحداثاً جساماً،فمن قتل وقصف ، وتهجير وحصار ظالم يفرض على أبناء الشعب الفلسطيني.
فحدوث بعض المصائب في هذه الأيام أمر لا يدعو المسلم إلى التخاذل واليأس، والاعتراض على حكم الله بل لا بد أن يصبر، فالصبر نصف الإيمان.
إن اليأس أمر يفتك بالأمم، من هنا حارب الإسلام اليأس وأوجد الأمل، وحارب القنوط وأوجد التفاؤل.
لقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) متفائلاً في جميع أحواله فيوم اجتمع أعداء الإسلام من كل مكان لمحاربته في غزوة الخندق كان الرسول والمسلمون في حالة صعبة كما وصفهم القرآن الكريم :"إذ جاؤوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا هنالك ابتلى المؤمنون وزلزلوا زلزالاً شديداً".
ومع ذلك كان الرسول (صلى الله عليه وآله) متفائلاً بنصر الله وبشر اصحابه بأن نصر الله آت، فعندما اعترضتهم صخرة صلدة أثناء حفرهم للخندق ضربها بفأسه، وإذ بثلاث شرارات تتطاير فقال ابشروا أما الأولى فقد أضاء الله لي منها قصور الحيرة ومدائن كسرى، وأما الثانية فقد أضاء الله لي منها قصور الروم، وأما الثالثة فقد أضاء الله لي منها قصور صنعاء فإن الإسلام بالغ ذلك لا محالة.
|