لا شك بان انتخابات مجالس المحافظات تعتبر احدى الممارسات الديمقراطية ، وهي احد مظاهر النظام ذي اللامركزية الجزئية في العراق ، وتعد هذه الانتخابات من أبرز ثمار قيام نظام دستوري تعددي ديمقراطي بعد العام 2003.
إن هذه الانتخابات تتيح للمواطن العراقي الواعي التعبير عن رأيه والإدلاء بصوته والإسهام في بلورة جزء من هيكل النظام الحاكم عبر اختيار تشكيلات المجالس المحلية المكلفة بادارة الشؤون الداخلية في كل محافظة من المحافظات الثمانية عشرة .
وبصفتي باحثاً سياسياً و مواطناً عراقياً أرى أن هناك أهمية خاصة لهذه الانتخابات، و لابد من حثّ المواطنين على المشاركة الفاعلة فيها ، و ممارسة حقهم الدستوري والقانوني، في اختيار ممثليهم ، و إدارة شؤون كل محافظة من قبل مواطنيها ، باعتبار أن المجلس يختار المحافظ ،ومدير الشرطة ، و غيرهم من المسؤولين عن إدارة شؤون المحافظة ، للقيام بما أنيط بهم من مهام حسب المواد القانونية ذات العلاقة، وفي حالة تخلّفهم عن إنجاز المهام المناطة بهم يمكن للمجلس إقالتهم .
وينبغي لمفوضية الانتخابات تشجيع و حثّ المواطنين على المبادرة الفاعلة في تحديث بياناتهم ، و المشاركة في التصويت، كما يتوجب على الجهات المسؤولة في الدولة توفير الأجواء المناسبة و الظروف المواتية و الامكانات اللازمة من قبل الوزارات المختلفة و الجهاز القضائي والأجهزة المخصة، لتمكين المواطنين من الحضور في المحطات الانتخابية و صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم، فالوطن بحاجة لكل صوت من أصوات المواطنين،دون استثناء، فهذا حق و واجب على الجميع،ولايحق لأي شخص حرمان أي مواطن من المشاركة بالانتخابات سواء بالتهديد والوعيد أو بمزاعم التزوير وتكهنات المدعين،إن كانوا وطنيين حقا.
على المواطن أن يشعر بمسؤوليته الذاتية في بناء الوطن ولا يلتفت إلى الأصوات الداعية لمقاطعة الانتخابات وعلى رأس المقاطعين حزب البعث الغادرالظالم المحظور،وبعض الجهات المتذبذبة والدكاكين التي أفلست في ميدان العملية السياسية وتحولت إلى ميليشيات مسلحة خارجة عن القانون.
فمن خلال هذه الممارسة الديمقراطية يمكن معرفة الاوزان الحقيقية للاحزاب الناشطة في الساحة السياسية،ومن خلالها يمكن تشخيص مدى رغبة المواطن في تطوير محافظته واختيار الشخصيات القادرة على اعداد اللوائح القانونية الضرورية للنهوض بالواقع القائم في المحافظة، وخدمة المواطنين وتسهيل امورهم عبر إقرار المشاريع الخدمية بعد دراسة احتياجات مواطني المحافظة من الجوانب التنموية ثم دراسة وإعداد موازنة المحافظة و استيفاء حقوقها من ايرادات الدولة سواء من البترو دولار أوالمنافذ الحدودية وغير ذلك من المصادر، ومن واجبها الاستماع لطلبات المواطنين في المجالات الصحية و الصناعية والخدمية والامنية و الإدارية وغير ها .
ويمارس المواطن الرقابة على السلطة من خلال مجلس المحافظة المنتخب، حيث يتم استدعاء المدير المقصر و عزله، وشد أزر المدير الموفق الناجح و دعمه، واعادة انتخاب أعضاء مجلس المحافظة بعد أربع سنوات، في حالة رضا المواطنين عنهم.
ينبغي علينا كصحفيين وواعين أن نخلق رأياً عاماً مؤيداً للانتخابات، ولا بد لكل وسائل التواصل الاجتماعي من التركيز على ضرورة التصويت فيها ، و علينا إبراز الايجابيات وعدم اليأس من السعي لتطوير التجربة الماضية وتلافي جوانب النقص فيها، لأنه من الخطأ اليأس من جدواها و تثبيط المواطنين لمجرد وجود نواقص في هذه التجربة سابقا، ففي كل الدول يوجد الفاسد والنزيه، و يوجد الصالح و الطالح ،والكمال لله وحده .
توقعاتي أن تكون المشاركة متوسطة من حيث عدد الناخبين، و أتوقع أن القوائم الفائزة ستكون بحاجة لتشكيل ائتلافات تتمكن من خلالها من إدارة المحافظات بالأسلوب الأمثل،وكلما ازدادت مشاركة المواطنين الواعين والعشائر و الاتحادات و النقابات المهنية والقوات الأمنية و جماهير الأحزاب في التصويت فإن مجالس المحافظات ستكون أقدر على أداء مهامها،بعون الله.
|