قال تعالى عن ال ياسين "سَلَامٌ عَلَىٰ إِلْ يَاسِينَ" ﴿الصافات 130﴾ ال ياسين اسم علم، وجعلنا لإلياس ثناءً جميلا في الأمم بعده. تحية من الله، وثناءٌ على إلياس. وكما جزينا إلياس الجزاء الحسن على طاعته، نجزي المحسنين من عبادنا المؤمنين. إنه من عباد الله المؤمنين المخلصين له العاملين بأوامره.
في الجزء الثاني من كتاب فضائل الخمسة ص 67: جاء في الدر المنثور للسيوطي: أخرج ابن أبي حاتم و الطبراني و ابن مردويه عن ابن عباس أنه قال في قوله تعالى: "سَلَامٌ عَلَىٰ إِلْ يَاسِينَ" ﴿الصافات 130﴾ نحن آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم آل ياسين.
جاء في تفسير جوامع الجامع للشيخ الطبرسي: قوله تعالى "وإن إلياس لمن المرسلين (123) إذ قال لقومه ى ألا تتقون (124) أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخلقين (125) الله ربكم ورب ءابآبكم الأولين (126) فكذبوه فإنهم لمحضرون (127) إلا عباد الله المخلصين (128) وتركنا عليه في الأخرين (129) سلم على إل ياسين (130) إنا كذا لك نجزى المحسنين (131) إنه من عبادنا المؤمنين (132)" (الصافات 123-132) اختلف في "إلياس" فقيل: هو إدريس النبي (1)، وقيل: هو من بني إسرائيل من ولد هارون بن عمران ابن عم اليسع، وقيل: إنه استخلف اليسع على بني إسرائيل ورفعه الله وكساه الريش فصار إنسيا ملكيا وأرضيا سماويا، وقيل: إن إلياس صاحب البراري، والخضر صاحب الجزائر، ويجتمعان كل يوم عرفة بعرفات. وبعل: صنم لهم كانوا يعبدونه. وقرئ: "الله ربكم" بالرفع على الابتداء، وبالنصب على البدل. (فإنهم لمحضرون) للحساب أو في العذاب أو في النار. واستثنى من جملة قومه الذين أخلصوا عبادتهم لله. وقرئ: "سلم على إل ياسين" (الصافات 130) على أنه لغة في " إلياس"، وقرأ ابن مسعود والأعمش (وإن إدريس) و (على إدراسين)، ولعل لزيادة الياء والنون معنى في السريانية، ولو كان جمعا كما قيل لعرف بالألف واللام، وقرئ: "على آل ياسين" (الصافات 130) ووجد في المصحف مفصولا من "ياسين"، وفي فصله منه دلالة على أن " آل" هو الذي تصغيره (أهيل)، قاله أبو علي الفارسي. وعن ابن عباس: آل ياسين: آل محمد، وياسين اسم من أسمائه.
التفسير الوسيط لمحمد سيد طنطاوي: قوله تعالى "وَتَرَكْنا عَلَيْهِما فِي الْآخِرِينَ * سَلامٌ عَلى مُوسى وَهارُونَ" (الصافات 119120) أى: وأبقينا عليهما في الأمم المتأخرة الثناء الجميل، والذكر الحسن. "إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ" (الصافات 121) أى: مثل هذا التكريم نجازي عبادنا المحسنين "إِنَّهُما مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ" (الصافات 122) أى الذين صدقوا في إيمانهم، وفي طاعتهم لنا. ثم ساق سبحانه جانبا من قصة إلياس عليه السلام وهو أيضا من ذرية إبراهيم وإسحاق. وإلياس عليه السلام هو ابن فنحاص بن العيزار بن هارون عليه السلام فهو ينتهى نسبه أيضا إلى إبراهيم وإسحاق. ويعرف إلياس في كتب الإسرائيليين باسم إيليا وقد أرسله الله تعالى إلى قوم كانوا يعبدون صنما يسمونه بعلا. ويقال: إن رسالته كانت في عهد (آحاب) أحد ملوك بنى إسرائيل في حوالى القرن العاشر ق م. والمعنى: "وَإِنَّ إِلْياسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ" (الصافات 123) الذين أرسلناهم إلى الناس ليخرجونهم من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان. وقوله: "إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَلا تَتَّقُونَ" (الصافات 124) شروع في بيان ما نصح به إلياس قومه، والظرف مفعول لفعل محذوف، والتقدير اذكر وقت أن قال لقومه ألا تتقون الله. وتخشون عذابه ونقمته. والاستفهام للحض على تقوى الله تعالى واجتناب ما يغضبه. ثم أنكر عليهم عبادتهم لغيره سبحانه فقال: "أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ" (الصافات 125). والبعل: اسم للصنم الذي كان يعبده قومه، وهو صنم قيل: سميت باسمه مدينة بعلبك بالشام، وكان قومه يسكنون فيها، وقيل: البعل: الرب بلغة اليمن. أى: قال لهم على سبيل التوبيخ والزجر: أتعبدون صنما لا يضر ولا ينفع وتتركون عبادة أحسن من يقال له خالق، وهو الله عز وجل الذي خلقكم ورزقكم. ولفظ الجلالة في قوله: "اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ" (الصافات 126) بدل من "أَحْسَنَ الْخالِقِينَ" (الصافات 125). أى: أتعبدون صنما صنعتموه بأيديكم، وتذرون عبادة الله تعالى الذي هو "ربكم ورب آبائكم الأولين" (الصافات 126). وقرأ غير واحد من القراء السبعة اللَّهَ بالرفع على أنه مبتدأ، ورَبَّكُمْ خبره. والتعرض لذكر ربوبيته تعالى لآبائهم الأولين، الغرض منه التأكيد على بطلان عبادتهم لغيره سبحانه فكأنه يقول لهم: إن الله تعالى الذي أدعوكم لعبادته وحده ليس هو ربكم وحدكم بل أيضا رب آبائكم الأولين، الذين من طريقهم أتيتم إلى هذه الحياة. وقوله تعالى "فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ" (الصافات 127) بيان لموقفهم من نبيهم، ولما حل بهم من عذاب بسبب إعراضهم عن دعوته. أى: دعا إلياس قومه إلى عبادة الله تعالى وحده، فكذبوه وأعرضوا عن دعوته، وسيترتب على تكذيبهم هذا، إحضارهم إلى جهنم إحضارا فيه ذلهم وهوانهم. "إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ" (الصافات 128) فإنهم ناجون من الإحضار الأليم، لأنهم سيكونون يوم القيامة محل تكريمنا وإحساننا. "وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ" (الصافات 129) أى: وأبقينا على إلياس في الأمم الآخرين "سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ" (الصافات 130) أى: أمان وتحية منا ومنهم على إلياس ومن آمن معه. "إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ" (الصافات 131-132).
جاء في الامثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: من هم إل ياسين؟ المفسرون والمؤرخون أبدوا وجهات نظر مختلفة بشأن (الياسين) منها: أ - ذهب البعض إلى أن إلياس والياسين هما لغتان، كما هو شائع بالنسبة ل (ميكال) و (ميكائيل) إذ أنهما لغتان في اسم واحد لأحد الملائكة، ول (سيناء) و (سينين) حيث تطلقان على مساحة من الأرض تقع بين مصر وفلسطين، و (إلياس) و (الياسين) هي أيضا لغتان في اسم واحد لهذا النبي الكبير. ب - البعض الآخر يعتبرها جمعا، وبهذا الشكل (إلياس) أضيفت إليها (ياء) فأصبحت (الياسي)، وبعد ذلك جمعت بإضافة الياء والنون إليها فأصبحت (الياسيين) وبعد تخفيفها غدت (الياسين)، وطبقا لهذا يفهم منها أنها تخص كل الذين أطاعوا الياس والتزموا بنهجه. ج - (آلياسين) بالألف الممدودة، مركبة من كلمتي (آل) و (ياسين) وقيل أن ياسين هو اسم والد (الياس)، ووفق رواية أخرى فإنه أحد أسماء نبينا الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وبهذا فإن كلمة (آل ياسين) تعني عائلة نبي الإسلام أو عائلة ياسين والد الياس. الدلائل الواضحة الموجودة في القرآن تؤيد المعنى الأول، والذي يقول: إن المقصود من (الياسين) هو (الياس) لأن الآية التي تلي هذه الآية المباركة سلام على إل ياسين بآية تقول: إنه من عبادنا المؤمنين وعودة الضمير المفرد على (الياسين) دليل على أنه شخص واحد لا أكثر، وهو إلياس. وهناك دليل آخر، هو أن الآيات الأربعة الأخيرة التي وردت في نهاية قصة إلياس، هي نفس الآيات التي وردت في نهاية قصص نوح وإبراهيم وموسى وهارون، وعندما نضع هذه الآيات الواحدة إلى جنب الأخرى نرى أن سلام الله في تلك الآيات مرسل إلى الأنبياء الذين تتطرق إليهم الآيات المباركة، "سلام على نوح في العالمين " (الصافات 79) "سلام على إبراهيم" (الصافات 109) "سلام على موسى وهارون" (الصافات 120). وطبقا لذلك فإن سلام على إل ياسين تعني السلام على إلياس. والنقطة التي ينبغي الالتفات إليها، أن الكثير من التفاسير أوردت حديثا بسند عن ابن عباس يصرح بأن المراد من (آل ياسين) هم آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم، لأن أحد أسماء نبينا هو ياسين. روى الشيخ الصدوق في كتابه (معاني الأخبار) في باب تفسير (آل ياسين) خمسة أحاديث بهذا الشأن، كلها لا تنتهي من حيث السند إلى أهل البيت عليهم السلام سوى واحد، والراوي لهذا الحديث شخص يدعى (كادح) أو (قادح) وهو مجهول ولا توجد ترجمته في كتب الرجال. وعلى فرض وفقا لهذه الأخبار أن الآية الآنفة تقرأ بصورة سلام على آل ياسين وبغض النظر عن عدم تناسب الآيات، ورأينا أن إسناد هذه الروايات أيضا قابلة للنقاش، فمن الأفضل أن نتجنب القضاء بخصوص هذه الروايات ونترك الحكم عليها لأهلها. أثنى الله سبحانه وتعالى وبعث بتحياته إلى آل ياسين، قال تعالى: سلام على إل ياسين. استخدام عبارة (الياسين) بدلا عن (الياس) إما لكونها من الناحية اللغوية لفظا ل (إلياس) واللتين لهما نفس المعنى، أو أنها إشارة إلى (إلياس) وأتباعه المؤمنين، فوردت بصورة الجمع. في البداية كانت (إلياس) ثم نسبت إليها ياء فأصبحت (الياسي)، ثم جمعت فأصبحت، (الياسيين) وعند تخفيفها أضحت (الياسين).
|