ان التعصب بكل أشكاله جزء لا يتجزأ من تكوين النفس البشرية وهو متأصل فيها في الماضي والحاضر والمستقبل المنظور بدرجات متفاوتة تبعا لدرجة الوعي او درجة التطور للمجتمع الذي يعيش فيه الفرد وفي هذه الحالة فانك لا تستطيع أن تجد إنسانا واحدا مستعدا لقول الحقيقة كلها إذا كانت تتعارض مع مصالحه 0
ولعل التعصب العشائري والديني في مجتمعاتنا الشرقية هو الأشد حضورا في حياتنا وأنشطتنا اليومية والأكثر تسببا للآلام إلى حد سفك الدماء أحيانا 0 إن كذاب ربيعة خير من صادق مضر شئنا ام أبينا 0
لقد تسلل التعصب في كثير من الأحيان الى المفاصل المهمة من عقائد الكثير من البسطاء فافسد بعضا منها فسادا واضحا ومنظما ومن يدري فقد يحاسب الله هؤلاء على قدر عقولهم او قد لا يحدث ذلك والله اعلم وفي هذا الإطار يندرج (الحلم) الذي رواه لي احد كبار السن من العراقيين الذين يشعرون بأنهم غارقون بالذنوب حتى آذانهم 0
يقول صاحبي : بينما كنت نائما رأيت في عالم الرؤيا وكأني مت ثم بعثت في يوم القيامة حيث وجدت ملايين البشر تنقل عبر بحر هائل وهائج على ظهور سفن كبيرة ومن مختلف الأجناس والألوان حتى إذا وصلنا الى شاطئ يمتد الى ماشاء الله باشرت مخلوقات تشبه الملائكة بتنظيم نزولنا على ذلك الشاطئ الذي علمنا فيما بعد بأنه المكان الذي ستحاسب فيه الناس لكي تعطى كتبها في يمينها او شمالها0
وبينما أنا كذلك إذ رأيت أناسا تتلقفهم( الزبانية )على الشاطئ بالضرب واللكم والاهانات فخشيت أن أكون احدهم فسالت احد الملائكة عن سر تعذيب هؤلاء قبل الحساب فتبسم (الملك) وقال هل أنت عراقي فقلت نعم قال لا بد انك ستكون واحدا منهم 0 إن الذي تراه ليس تعذيبا وإنما هو تأديب فهؤلاء مذنبون ولكنهم يحبون (عليا )ع وقد تشفع لهم واتفق مع بواب الجنة كي يدخلهم من دون حساب فكلف عددا من الزبانية بمهمة إيصالهم الى هناك , وهنا صرخت بأعلى صوتي وهل يحدث ذلك من دون علم الله ؟ فقال بل بعلمه ولكنه يغض الطرف 0وهنا شعرت بلكمة على انفي وكأن الأرض كلها قد سقطت عليه فاستيقظت من نومي فزعا 0
إن الموت نهاية مروعة للكائن البشري وهو رحلة في المجهول مليئة بالأهوال والمصاعب والمصائب وفقا لجميع الرؤى الدينية وفي هذه الحالة يحق للناس اللجوء الى جميع الوسائل التي من شانها تخفيف تلك الأهوال مما يسهل عليهم عملية قبول ذلك المصير ومواجهته بصبر وشجاعة ,ولكن من غير المقبول وغير المعقول أن يلجا الكثير من سياسيي العراق الجديد المتحصنين في المنطقة الخضراء خلف الكتل الكونكريتية والأسلاك الشائكة والمحمية بالعسكر ومئات الجنود الى إعلان حمايتهم للسراق والفاسدين والمزورين وشذاذ الآفاق تحت لافتة الدين الحنيف او تحت عباءة الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام او علي ع او الصحابة رضوان الله عليهم 0
إن الصراعات الدائرة اليوم والتي يدفع ثمنها عادة الفقراء والمحرومون إنما هي صراعات من اجل اقتسام الكعكة العراقية التي اتفقوا سابقا على التشارك فيها والمحاصصة عليها 0
إن سرقة ملايين الدولارات قضية فيها الكثير من النظر لان خلفها تقف الحيتان والدلافين ولكن الدنيا تقوم ولا تقعد عندما يخالف احد المشمولين بالرعاية الاجتماعية فقرة بسيطة من التعليمات فتنصب له المحاكم ويحرم من الإعانة ويتهم بقلة الحياء وقد يسجن 0 وقد قال الشاعر
قتل امرئ في غابة جريمة لا تغتفر وقتل شعب امن قضية فيها نظر
لك الله يا عراق |