• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : مفهوم العدوان في القرآن الكريم (ح 10) .
                          • الكاتب : د . فاضل حسن شريف .

مفهوم العدوان في القرآن الكريم (ح 10)

عمل المؤمن ان يوافق شرع الله والا يعتبر ذلك اعتداء، ومن ذلك ان الله شرع الزواج والا لا يحق للمؤمن ان يتخذ منحى غير شرعي لاشباع غريزته وبذلك يعتبر عاد معتد "وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَىٰ وَرَاءَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7)" (المؤمنون 7-5). آيات القرآن الكريم تؤكد عدم الاعتداء خلال الحروب ومنها عدم الاعتداء على الاسرى قال الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم "وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ" (البقرة 190). قوله تعالى "وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ" (فصلت 34) حيث التعامل بالحسنى يبعد العداوة والبغضاء ويجعل المجتمع في وفاق. والتعامل الحسن بين المجتمعات المختلفة يمنع الفساد الاجتماعي في الارض "وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ" (البقرة 251) وهو ما يسمى دفع الأذى. وعلى صاحب القلم ان لا يفضح الناس بسوء اعمالهم الا اذا كانوا مصرين على الفساد والظلم العام بحيث يصبح كشفه مصلحة عامة والتأكد من صحة الخبر "لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ" (النساء 148). وان لا يحصل اعتداء بالقلم لناس لا علاقة لك بهم فتأخذ هذا وذاك بكتاباتك "وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ" (المائدة 87). والشعائر تعني محارم ايضا "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ" (المائدة 2) والاية تدور حول البيت والمسجد الحرام والمتعلقات بهما.
وعن الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: أرسل الله نبيا اسمه (اشموئيل) لإنقاذ قومه وهدايتهم، فتجمع حوله اليهود الذين كانوا قد ضاقوا ذرعا بالظلم وكانوا يبحثون عن ملجأ يأوون إليه، وطلبوا منه أن يختار لهم قائدا وأميرا لكي يتوحدوا تحت لوائه، ويحاربوا العدو متحدين يدا ورأيا، لاستعادة عزتهم الضائعة. اشموئيل الذي كان يعرف ضعفهم وتهاونهم وهبوط معنوياتهم قال لهم: أخشى إن اخترت لكم قائدا أن تخذلوه عندما يدعوكم إلى الجهاد ومحاربة العدو. فقالوا: كيف يمكن أن نعصي أوامر أميرنا ونرفض القيام بواجبنا، مع أن العدو قد شردنا من أوطاننا واستولى على أرضنا وأسر أبناءنا فرأى اشموئيل أن هؤلاء القوم قد شخصوا داءهم وها هم قد اتجهوا للمعالجة، ولعلهم أدركوا سبب تخلفهم، فتوجه إلى الله يعرض عليه ما يطلبه القوم فأوحى إليه: أن اخترنا "طالوت" ملكا عليهم. فقال اشموئيل: رب إني لا أعرف طالوت ولم أره حتى الآن. فجاءه الوحي: سنرسله إليك فاعطه قيادة الجيش ولواء الجهاد. قوله تعالى "الذين يكذبون بيوم الدين (11) وما يكذب به إلا كل معتد أثيم (12)" (المطففين 11-12) بعدما ذكرت آخر آية من الآيات السابقة مصير المكذبين، تأتي الآيات أعلاه لتشرح حالهم، فتقول: الذين يكذبون بيوم الدين، وهو يوم القيامة. وتقول أيضا: وما يكذب به إلا كل معتد أثيم. فإنكار القيامة لا يستند على المنطق السليم والتفكير الصائب والاستدلال العقلي، بل هو نابع من حب الاعتداء وارتكاب الذنوب والآثام (الصفة المشبهة " أثيم " تدل على استمرار الشخص في ارتكاب الذنوب). فهم يريدون الاستمرار بالذنوب والإيغال بالاعتداءات وبكامل اختيارهم، ومن دون أي رادع يردعهم من ضمير أو قانون.
جاء في الموسوعة الحرة عن عدوان (إسلام): علاج العدوان: الصحبة الصالحة: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل). معرفة عواقب العدوان السيئة في الدنيا والآخرة: مجاهدة النفس وتزكيتها، يقول الله في سورة الزخرف: "وَإِنَّا إِلَىٰ رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ (14) وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا ۚ إِنَّ الْإِنسَانَ لَكَفُورٌ مُّبِينٌ (15) أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُم بِالْبَنِينَ (16) وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَٰنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (17)" (الزخرف 14-17). عدم مقابلة العدوان بالعدوان: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عمر قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم: (إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ أَنْ يَلْعَنَ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ). قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ يَلْعَنُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ قَالَ: (يَسُبُّ الرَّجُلُ أَبَا الرَّجُلِ، فَيَسُبُّ أَبَاهُ، وَيَسُبُّ أَمَّهُ). الإيمان بالآخرة والرغبة بها، بحيث تغلب هوى نفسه، يقول الله في سورة القصص: "تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ" (القصص 83). ترك المحرمات وخصوصًا الخمر والميسر: قال تعالى في سورة المائدة: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ" (المائدة 90-91). ذكر الله، والدعاء: يقول الله في سورة الأعراف: "إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ" (الاعراف 201). قيل: مَن طال عُدْوَانه زال سلطانه. قيل: مَن جمح به العُدْوَان، جنح عليه الإخوان.
قال الرسول محمد صلى الله عليه واله وسلم (ولدي الحسين يقتل ظلما وعدوانا، الا ومن قتله يدخل في تابوت من نار، هو ومن شايع وبايع او رضي بذلك). ان للحرية قيود ومنها قيد قتل او انتحار النفس " وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا" (النساء 29) ونتيجته الخلود في نار جهنم لان الاية التالية جاءت بعد قتل النفس "وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا" (النساء 30). وجاء القضاء بمعنى استيفاء وتمام الأمر "أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ" (القصص 28). قال الله تعالى "أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ" ﴿الحج 39﴾ كان المسلمون في أول أمرهم ممنوعين من قتال الكفار، مأمورين بالصبر على أذاهم، فلما بلغ أذى المشركين مداه وخرج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة مهاجرًا إلى المدينة، وأصبح للإسلام قوة أَذِنَ الله للمسلمين في القتال، بسبب ما وقع عليهم من الظلم والعدوان، وإن الله تعالى قادر على نصرهم وإذلال عدوِّهم. امر الله عباده ان لا يتعاونوا على الاثم والعدوان، فالذي يتعاون مع الطاغية ويساعده على افعاله الاجرامية فهو فاسد غير مصلح كما قال عز من قائل "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ" (المائدة 2).




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=188063
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2023 / 10 / 31
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12