• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : أنبياء الأرض المقدسة (داوود عليه السلام) (ح 5) .
                          • الكاتب : د . فاضل حسن شريف .

أنبياء الأرض المقدسة (داوود عليه السلام) (ح 5)

كل مجموعة من حلقات هذه السلسلة تنشر في أحد المواقع.

وردت كلمة داود في القرآن الكريم: دَاوُودُ، وَدَاوُودَ، يَا دَاوُودُ، لِدَاوُودَ. قال الله تعالى عن النبي داوود عليه السلام "إِذْ دَخَلُوا عَلَىٰ دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ ۖ قَالُوا لَا تَخَفْ ۖ خَصْمَانِ بَغَىٰ بَعْضُنَا عَلَىٰ بَعْضٍ فَاحْكُم بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَىٰ سَوَاءِ الصِّرَاطِ" ﴿ص 22﴾ داوود اسم علم، وهل جاءك أيها الرسول خبر المتخاصِمَين اللذَين تسوَّرا على داود في مكان عبادته، فارتاع من دخولهما عليه؟ قالوا له: لا تَخَفْ، فنحن خصمان ظلم أحدنا الآخر، فاقض بيننا بالعدل، ولا تَجُرْ علينا في الحكم، وأرشِدنا إلى سواء السبيل، و "قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَىٰ نِعَاجِهِ ۖ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ ۗ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ" ﴿ص 24﴾ قال داود: لقد ظلمك أخوك بسؤاله ضم نعجتك إلى نعاجه، وإن كثيرًا من الشركاء ليعتدي بعضهم على بعض، ويظلمه بأخذ حقه وعدم إنصافه مِن نفسه إلا المؤمنين الصالحين، فلا يبغي بعضهم على بعض، وهم قليل. وأيقن داود أننا فتنَّاه بهذه الخصومة، فاستغفر ربه، وسجد تقربًا لله، ورجع إليه وتاب، و "يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ" ﴿ص 26﴾ يَا دَاوُودُ: يَا حرف نداء، دَاوُۥدُ اسم علم، يا داود إنا استخلفناك في الأرض وملَّكناك فيها، فاحكم بين الناس بالعدل والإنصاف، ولا تتبع الهوى في الأحكام، فيُضلك ذلك عن دين الله وشرعه، إن الذين يَضِلُّون عن سبيل الله لهم عذاب أليم في النار؛ بغفلتهم عن يوم الجزاء والحساب. وفي هذا توصية لولاة الأمر أن يحكموا بالحق المنزل من الله، تبارك وتعالى، ولا يعدلوا عنه، فيضلوا عن سبيله، و "وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ ۚ نِعْمَ الْعَبْدُ ۖ إِنَّهُ أَوَّابٌ" ﴿ص 30﴾ لِدَاوُودَ: لِ حرف جر، دَاوُۥدَ اسم علم، ووهبنا لداود ابنه سليمان، فأنعمنا به عليه، وأقررنا به عينه، نِعْم العبد سليمان، إنه كان كثير الرجوع إلى الله والإنابة إليه.
الوحي بمفهومه المعهود لدينا وهو وحي كلام الله إلى رسله وأنبيائه كما قال عز وجل في سورة النساء "إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَىٰ نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ ۚ وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَىٰ وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ ۚ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا" ﴿النساء 163﴾. قوله تعالى و "لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ" ﴿المائدة 78﴾ حصل اللعن على لسان الأنبياء. عن عبد الملك بن هارون عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن آبائه: قال: لما بلغ أمير المؤمنين عليه السلام أمر معاوية و أنه في مائة ألف قال من أيّ القوم؟ قالوا من أهل الشام، قال عليه السلام لا تقولوا من أهل الشام و لكن قولوا من أهل الشؤم، هم من أبناء مضر لعنوا على‌ لسان داود فجعل اللّه منهم القردة و الخنازير. جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى "إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهرون وسليمان وآتينا داود زبورا" (النساء 163) أن الله أوحى إلى نبيه محمدا صلى الله عليه وآله وسلم كما أنزل الوحي على أنبيائه نوح والنبيين الذين جاؤوا من بعد نوح، وكما أوحى إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب عليهم السلام وأنزل الوحي على الأنبياء من أبناء يعقوب، وعلى عيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان عليهم السلام، وكما أنزل الله على داود عليه السلام كتاب الزبور. وهذه الآية ترد على اليهود مؤكدة على أن شرائع الأنبياء العظام مستقاة كلها من ينبوع الوحي الإلهي، وإنهم جميعا يسيرون في طريق واحد، ولذلك لا تجوز التفرقة بينهم.
جاء في مركز الأبحاث العقائدية عن قصّة نبي الله داود عليه السلام: قال تعالى في قصة طالوت: "وَقَالَ لَهُم نَبِيُّهُم إِنَّ اللّهَ قَد بَعَثَ لَكُم طَالُوتَ مَلِكاً قَالُوَا أَنَّى يَكُونُ لَهُ المُلكُ عَلَينَا وَنَحنُ أَحَقُّ بِالمُلكِ مِنهُ وَلَم يُؤتَ سَعَةً مِّنَ المَالِ قَالَ إِنَّ اللّهَ اصطَفَاهُ عَلَيكُم وَزَادَهُ بَسطَةً فِي العِلمِ وَالجِسمِ وَاللّهُ يُؤتِي مُلكَهُ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ" (البقرة 247)، فجعل جهة حقه في التقدم عليهم ما زاده الله من البسطة في العلم والجسم, واصطفاء اياه على كافتهم بذلك، فكانت هذه الآيات موافقة لدلائل العقول في ان الأعلم احق بالتقدم في محل الإمامة. (الارشاد:1/194). وفي حديث عن الإمام الصادق عليه السلام قال: (فلما كان زمان داود عليه السلام كان له أربعة اخوة ولهم أب شيخ كبير، وكان داود عليه السلام من بينهم خامل الذكر وكان أصغر اخوته لا يعلمون انه داود النبي المنتظر الذي يطهر الأرض من جالوت وجنوده، وكانت الشيعة يعلمون أنه قد ولد وبلغ أشده وكانوا يرونه ويشاهدونه ولا يعلمون أنه هو. فخرج داود عليه السلام واخوته وأبوهم لما فصل طالوت بالجنود وتخلف عنهم داود، وقال: ما يصنع بي في هذا الوجه، فاستهان به اخوته وأبوه وأقام في غنم أبيه يرعاها فاشتد الحرب وأصاب الناس جهد، فرجع أبوه وقال لداود: احمل الى اخوتك طعاما يتقوون به على العدو، وكان عليه السلام رجلا قصيرا قليل الشعر طاهر القلب، أخلاقه نقية، فخرج والقوم متقاربون بعضهم من بعض قد رجع كل واحد منهم الى مركزه، فمر داود عليه السلام على حجر فقال الحجر له بنداء رفيع: يا داود خذني فاقتل بي جالوت فإني إنما خلقت لقتله. فأخذه ووضعه في مخلاته التي كانت تكون فيها حجارته التي يرمي بها غنمه، فلما دخل المعسكر سمعهم يعظمون أمر جالوت، فقال لهم: ما تعظمون من أمره فوالله لئن عاينته لأقتلنه، فتحدثوا بخبره حتى أدخل على طالوت فقال له: يا فتى ما عندك من القوة وما جربت نفسك؟ قال: قد كان الأسد يعدوا على الشاة من غنمي فأدركه فأخذ برأسه وأفك لحييه عنها فآخذها من فيه، وكان الله تبارك وتعالى أوحى الله إلى طالوت أنه لا يقتل جالوت إلا من لبس درعك فملأها, فدعا بدرعه فلبسها داود عليه السلام فاستوت عليه فراع ذلك ومن حضره من بني اسرائيل, فقال: عسى الله أن يقتل به جالوت, فلما رآه أخذ الحجر فرماه به فصك به بين عينيه فدمغه (أي شجه) وتنكس بين دابته فقال الناس: قتل داود جالوت، وملكه الناس حتى لم يكن يسمع لطالوت ذكر، واجتمعت عليه بنو اسرائيل وانزل الله تبارك وتعالى عليه الزبور وعلمه صنعة الحديد فلينه له وأمر الجبال والطير أن يسبح معه، واعطاه صوتا لم يسمع بمثله حسنا، وأعطاه قوة في العبادة. وأقام في بني اسرائيل نبيا) (كما الدين وتمام النعمة:155). 2- هناك قولان في ملك داود عليه السلام: الأول: اتى بنو اسرائيل الى داود عليه السلام وأعطوه خزائن طالوت وملكوه عليهم عند مقتل طالوت. الثاني: قيل أن داود عليه السلام ملك قبل ان يقتل جالوت، فلما ملك جعله الله نبيا ملكا.(انظر البحار: 14/14). والأول أرجح لقول داود عليه السلام: "ان الله قد بعث لكم طالوت ملكا" (البقرة 247) فانه اقرار بملك طالوت، ولقول الشاعر: كان داود سيف طالوت حتى * هزم الخيل واستباح العديا. 3- وفي رواية عن حمران قال: قلت لأبي جعفر: ما موضع العلماء؟ قال: ( مثل ذي القرنين وصاحب سليمان وصاحب داود) (بصائر الدرجات:107). وعلق عليه العلامة المجلسي: لعل المراد بصاحب طالوت فانه يظهر من أخبارنا انه كان عبدا مؤيدا. ومن ذلك كله يظهر ان طالوت من الصالحين وعاقبته على خير.
جاء في موقع براثا عن شبهات في عصمة الأنبياء عليهم السلام وردّها الشبهة الثالثة: في عصمة النبي داوود عليه السلام للكاتب محمد صادق الهاشمي: رغم هذا الذكر القرآني له بكلّ صفات الخير لم يسلم داود عليه السلام من أصحاب الخرافات، فدسّت له تهمّةً فاضحةً كبيرةً، لا تليقُ برجلٍ محترمٍٍ من عامّة الناس، فكيف بنبيّ من هذا المستوى الذي ذكرته الآيات المتقدّمة. فقالوا: إنّ قوله تعالى: "وهل أتاك نبؤ الخصم إذ تسوروا المحرابَ * إذ دخلوا على داود ففزع منهم قالوا لا تخفْ خصمان بغى بعضنا على بعضٍ فاحكم بيننا بالحقّ ولا تشططْ واهدنا إلى سواء الصراط * إنّ هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزّني في الخطاب * قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض" (ص 21-24) قالوا: قد نزلت هذه الآيات تنبيهاً على معصيةٍ ارتكبها داود، إذْ أنّ داود كان يطارد عصفوراً أعجبه، وما زال العصفور يطيرُ من مكانٍ إلى مكانٍ، حتّى ساقة على سور بيتٍ، فتسوّر عليه داود، فرأى امرأة في غايةٍ من الجمال والحسن في فناء دارِها، فافتتن بها، وسألها: أأنت متزوّجةٌ؟ فقالت: نعم. وزوجي (أوريا)مسافرٌ في سرايا الجهاد والقتال في طاعة الله، فرجع داود وأصدر أمراً أنْ يوضع زوجها في الخطوط الأمامية للقتال؛ ليقتل، وبالفعل استشهد زوجها، فتزوّج داود بزوجته بعد عدّة الوفاة. وبعد فعلته هذه جلس في محرابه يتعبّد. فأرسل الله له من مثّل له فعلته الشنيعة، إذ تسوّر شخصان عليه المحراب، أي دخلا من السور. ولم يدخلا من الباب، وقال له أحدهما: إنّ هذا أخي له (99) نعجة، ولي نعجة واحدة، في كناية عن: أنْ يا داود لك من الزوجات (99) زوجةً. ولأخيك المجاهد على جبهات القتال زوجةً واحدةً، ألم تكن ظالماً بضمّ زوجة أخيك إلى زوجاتك؟ ففهمها داود أنّه هو المقصود بكلّ ذلك، فعرف داود أنّ هذين الرجلين هما ملكان، أرسلهما الله لتوبيخه وتأديبه. أورد المعنى الصنعاني، وهو من أقدم مفسّري العامّة (تـ: 211 هـ)، والطبريّ (تـ: 310 هـ). والطبرانيّ (تـ: 360 هـ )، وابن الجوزي (تـ: 597 هـ) والسيوطي ( تـ: 911 هـ ). وأورده من أصحابنا علي بن إبراهيم القمّي، وتبعه على ذلك جلُّ مَنْ يأخذ بالروايات على عواهنها، ويعتبر كلّ رواية عليها اسم إمام فهي حجّة. وهذا التفسير كفرٌ في حقّ نبيّ امتدحه الله وأثنى عليه ثناء كبيرا.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=187630
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2023 / 10 / 20
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12