قال الله سبحانه وتعالى عن أقصى ومشتقاتها: "وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ قَالَ يَا مُوسَىٰ إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ" ﴿القصص 20﴾ أقصى فعل، أَقْصَى المَدِينَةِ: أبعد نواحي المدينة، وجاء رجل من آخر المدينة يسعى، قال يا موسى: إن أشراف قوم فرعون يتآمرون بقتلك، ويتشاورون، فاخرج من هذه المدينة، إني لك من الناصحين المشفقين عليك، و "وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ" ﴿يس 20﴾ وجاء من مكان بعيد في المدينة رجل مسرع (وذلك حين علم أن أهل القرية هَمُّوا بقتل الرسل أو تعذيبهم)، قال: يا قوم اتبعوا المرسلين إليكم من الله، اتبعوا الذين لا يطلبون منكم أموالا على إبلاغ الرسالة، وهم مهتدون فيما يدعونكم إليه من عبادة الله وحده، وفي هذا بيان فضل مَن سعى إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، و "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ" ﴿الإسراء 1﴾ الْأَقْصَى: الْ اداة تعريف، أَقْصَا صفة، يمجِّد الله نفسه ويعظم شأنه، لقدرته على ما لا يقدر عليه أحد سواه، لا إله غيره، ولا رب سواه، فهو الذي أسرى بعبده محمد صلى الله عليه وآله وسلم زمنًا من الليل بجسده وروحه، يقظة لا منامًا، من المسجد الحرام بـمكة إلى المسجد الأقصى بـ بيت المقدس الذي بارك الله حوله في الزروع والثمار وغير ذلك، وجعله محلا لكثير من الأنبياء، ليشاهد عجائب قدرة الله وأدلة وحدانيته. إن الله سبحانه وتعالى هو السميع لجميع الأصوات، البصير بكل مُبْصَر، فيعطي كُلا ما يستحقه في الدنيا والآخرة،
قال الله سبحانه وتعالى عن أدنى ومشتقاتها: "وَبَصَلِهَا ۖ قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَىٰ بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ ۚ اهْبِطُوا مِصْرًا" ﴿البقرة 61﴾ أدنى: اسم تفضيل بمعنى أقرب، وقيل: أدنى من الدناءة، واذكروا حين أنزلنا عليكم الطعام الحلو، والطير الشهي، فبطِرتم النعمة كعادتكم، وأصابكم الضيق والملل، فقلتم: يا موسى لن نصبر على طعام ثابت لا يتغير مع الأيام، فادع لنا ربك يخرج لنا من نبات الأرض طعامًا من البقول والخُضَر، والقثاء والحبوب التي تؤكل، والعدس، والبصل. قال موسى -مستنكرًا عليهم: أتطلبون هذه الأطعمة التي هي أقل قدرًا، وتتركون هذا الرزق النافع الذي اختاره الله لكم؟ اهبطوا من هذه البادية إلى أي مدينة، تجدوا ما اشتهيتم كثيرًا في الحقول والأسواق. ولما هبطوا تبيَّن لهم أنهم يُقَدِّمون اختيارهم في كل موطن على اختيار الله، ويُؤْثِرون شهواتهم على ما اختاره الله لهم؛ لذلك لزمتهم صِفَةُ الذل وفقر النفوس، وانصرفوا ورجعوا بغضب من الله؛ لإعراضهم عن دين الله، ولأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين ظلمًا وعدوانًا؛ وذلك بسبب عصيانهم وتجاوزهم حدود ربهم، و "وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا" ﴿النساء 3﴾ أدنى: أقرب، ذلك أدنى ألاّ تعولوا: ذلك أقرب إن لا تجوروا، أو أنْ لا تكثُر عيالكم، وإن خفتم ألا تعدلوا في يتامى النساء اللاتي تحت أيديكم بأن لا تعطوهن مهورهن كغيرهن، فاتركوهن وانكحوا ما طاب لكم من النساء من غيرهن: اثنتين أو ثلاثًا أو أربعًا، فإن خشيتم ألا تعدلوا بينهن فاكتفوا بواحدة، أو بما عندكم من الإماء. ذلك الذي شرعته لكم في اليتيمات والزواج من واحدة إلى أربع، أو الاقتصار على واحدة أو ملك اليمين، أقرب إلى عدم الجَوْرِ والتعدي، و "ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَىٰ وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَن تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ ۗ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ" ﴿المائدة 108﴾ أدنى: أقرب، ذلك الحكم عند الارتياب في الشاهدين من الحلف بعد الصلاة وعدم قبول شهادتهما، أقرب إلى أن يأتوا بالشهادة على حقيقتها خوفًا من عذاب الآخرة، أو خشية من أن ترد اليمين الكاذبة من قِبَل أصحاب الحق بعد حلفهم، فيفتضح الكاذب الذي ردت يمينه في الدنيا وقت ظهور خيانته. وخافوا الله أيها الناس وراقبوه أن تحلفوا كذبًا، وأن تقتطعوا بأيمانكم مالا حرامًا، واسمعوا ما توعظون به، والله لا يهدي القوم الفاسقين الخارجين عن طاعته، و "فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ" ﴿الروم 3﴾ أدنى: أقرب، أدْنى الأرض: أقرب أرض الرّوم إلى فارس، فِي أَدْنَى الأَرْضِ: طرف بلاد الشام مما يلي الحجاز وهي أخفض نقطة في الأرض، غَلَبت فارسُ الرومَ في أدنى أرض (الشام) إلى (فارس)، وسوف يَغْلِب الرومُ الفرسَ في مدة من الزمن، لا تزيد على عشر سنوات ولا تنقص عن ثلاث. لله سبحانه وتعالى الأمر كله قبل انتصار الروم وبعده، ويوم ينتصر الروم على الفرس يفرح المؤمنون بنصر الله للروم على الفرس. والله سبحانه وتعالى ينصر من يشاء، ويخذل من يشاء، وهو العزيز الذي لا يغالَب، الرحيم بمن شاء من خلقه، وقد تحقق ذلك فغَلَبَت الرومُ الفرسَ بعد سبع سنين، وفرح المسلمون بذلك؛ لكون الروم أهل كتاب وإن حرَّفوه، و "تُرْجِي مَن تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَن تَشَاءُ ۖ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا" ﴿الأحزاب 51﴾ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ: أن تقسم لهن وأنت مخير يفرض به لأنه كرم منك وتفضل، ؤخر مَن تشاء مِن نسائك في القَسْم في المبيت، وتضم إليك مَن تشاء منهن، ومَن طَلَبْتَ ممن أخَّرت قَسْمها، فلا إثم عليك في هذا، ذلك التخيير أقرب إلى أن يفرحن ولا يحزنَّ، ويرضين كلهن بما قسمت لهنَّ، والله يعلم ما في قلوب الرجال مِن مَيْلها إلى بعض النساء دون بعض. وكان الله عليمًا بما في القلوب، حليمًا لا يعجل بالعقوبة على من عصاه.
جاء في تفسير غريب القرآن لفخر الدين الطريحي النجفي: (دنا) "في أدنى الأرض" (الروم 3) قيل في أطراف الشام أي في أدنى أرض العرب وقيل هي أرض الجزيرة وهي أدنى أرض الروم إلى فارس و "عرض هذا الأدنى" (الاعراف 168) حطام الشئ والأدنى يعني الدنيا وهي من الدنو بمعنى القرب لأنه عاجل قريب و "يدنين عليهن من جلابيبهن" (الاحزاب 59) يرخينها ويغطين بها وجوههن وأعطافهن. وقوله "ثم دنا" (النجم 8) يعني جبرئيل عليه السلام من رسول الله صلى الله عليه وآله "فتدلى" (النجم 8) فتعلق عليه في الهواء، وهو مثل في القرب كما سبق. قوله تعالى "في أدنى الأرض" (الروم 3) أي غلبت فارس الروم، وفارس: مجوس، والروم: أهل كتاب، وأدنى الأرض قيل: أدنى أرض العرب منهم وهي أطراف الشام، وقيل أرض الجزيرة. قال تعالى: "ذلك أدنى ألا تعولوا" (النساء 3) أي أقرب من "ألا تعولوا" (النساء 3) أي لا تجوروا ولا تميلوا في النفقة من قولهم: تعول علي أي تميل، وعول الفريضة: الميل عن حد السهام المسماة.
جاء في كتاب الإمام عليّ إلى واليه على مصر: (ثُمَّ اللهَ اللهَ فِي الطَّبَقَةِ السُّفْلَى مِنَ الَّذِينَ لاَ حِيلَةَ لَهُمْ وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُحْتَاجِينَ وَأَهْلِ الْبُؤْسَى وَالزَّمْنَى، فإِنَّ فِي هذِهِ الطَّبَقَةِ قَانِعاً وَمُعْتَرّاً ، وَاحْفَظْ لِلَّهِ مَا اسْتَحْفَظَكَ مِنْ حَقِّهِ فِيهِمْ ، وَاجْعَلْ لَهُمْ قِسمْاً مِنْ بَيْتِ مَالِكَ ، وَقِسماً مِنْ غَلاَّتِ صَوَافِي الإِسْلاَمِ فِي كُلِّ بَلَدٍ، فإِنَّ لِلأَقْصَى مِنْهُمْ مِثْلَ الَّذِي لِلأَدْنَى), جاء في الحديث (والجود بالنفس اقصى غاية الجود). وعن أقصى العقوبات ورد أن السرقات الكبرى تعتبر تجارة محرمة كتجارة المخدرات وهي من الكبائر تستحق انزال اقصى العقوبات بحق مرتكبيها. والسارق معتدي وخاصة عندما تتعاون مجموعة من السراق في سرقة معينة "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ" (المائدة 2). وكانت دول المغرب العربي يطلق عليها (دول المغرب الاقصى). يسمى المسجد الأقصى المبارك (أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين) في القدس.
|