لو أردنا تحليل القرآن الكريم ، فمن الممكن أن نضعه على ثلاثة مستويات :
» الأول : مستوى اللفظ والمعنى الظاهر للفظ لكل متدبر ( بِلِسَانٍ عَرَبِيّٖ مُّبِينٖ ) .
» الثاني : مستوى المعاني الحقيقية لألفاظ القرآن الكريم ( وَمَا يَعۡلَمُ تَأۡوِيلَهُۥٓ إِلَّا ٱللَّهُۗ وَٱلرَّٰسِخُونَ فِي ٱلۡعِلۡمِ ) .
» الثالث : مستوى التطبيق الصحيح للقرآن الكريم والتجسيد الحقيقي لمرادات ألفاظه ( وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) .
وكان رسول الله يمثّل المستويات الثلاثة للقرآن مجتمعة ، فكان صلى الله عليه وآله يحمل القرآن لفظاً ومعنى وتجسيدا .. ولإن اكتمل كتاب الله لفظاً بين يدي المسلمين ، إلا أنه لم يكتمل عندهم على المستويين الثاني والثالث الا عند العترة الطاهرة ، الأمر الذي نفهم منه الحكمة وراء حديث الثقلين : ( اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي .. ) فلا يُسدّ الفراغ الذي يتركه رحيل النبي إلا بالقرآن الكريم بألفاظه ومعانيه ومَن يجيد العمل به .
ولهذا نجد أمير المؤمنين ؏ يخاطب معاوية مقرّعاً له : يَابنَ أبي سُفيانَ ، أنتَ تَدعوني إلَى العَمَلِ بِكِتابِ اللّه ِ وأنَا كِتابُهُ النّاطِقُ إنَّ هذا لَهُوَ العَجَبُ العَجيبُ وَالأَمرُ الغَريبُ .
وصل للمسلمين القرآن الكريم بتمام سوره وآياته وكلماته ، ولكنه لم يصل اليهم بحقائق معانيه ولا مهارات تجسيده على أرض الواقع .
من هذا التحليل نفهم مدى سذاجة قول : حسبنا كتاب الله ..!! بل مدى النفاق الذي تحمله هذه الكلمة الخبيثة والكيد الذي يضمره قائلها للإسلام ولرسول الإسلام .. فالذي سقى الرسول السمّ قتله مرة واحدة ، أما الذي ترك وصيته فقتله مرات ومرات .. ( إنهما وأبويهما شر من خلق الله ) بحسب رواية العياشي ..
آجركم الله
|