• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : وحدانية الصرخة الحسينية وتواترية المعرفة .
                          • الكاتب : حسن كاظم الفتال .

وحدانية الصرخة الحسينية وتواترية المعرفة

ود أهل العلم والدراية والمعرفة والتائقون للتعمق بالدلالات والأمارات تاقوا أن يَعْرِفوا أو يُعَرِفوا الامام الحسين عليه السلام أو يصفوه بما يستحق بالوصف إنما تعذر على الجميع بلوغ كنه معرفته

حتى أدرك البعض أنه حين يريد أن يعرفه ما عليه إلا أن يقول : ( هو الحسين عليه السلام ) فحسب

إذن هو الحسين صلوات الله عليه ويتحتم على مواليه أن يتعرف عليه أو يَعْرِفَه حق المعرفة بمقامه ومرتبته وفضله  ولكن ما هي المعرفة وكيف تتم ؟ وهل ثمة خطوط بيانية للمعرفة أم أن هنالك حدا واحدا ومرتبة واحدة ؟

وقد بين المعنيون بالشأن الحسيني أن من مبادئ وأدبيات زيارة الامام الحسين صلوات الله عليه بل من الشروط لها المعرفة أي معرفة الامام الحسين صلوات الله عليه .وهذا ما يؤكده قول الامام الرضا صلوات الله عليه حين يقول : من زار الحسين بن علي عارفاً بحقه كان من محدثي الله فوق عرشه ثم قرأ – عليه السلام: ( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (55) ) ـ القمر

وقد بين المحدثون والباحثون والمحققون بالشأن الحسيني أن للحسين عليه السلام حقين على الانسان: الحق الأول الذي يفرضه أصل العصمة إذ أنه امام معصوم شملته الآية الكريمة (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) ـ الأحزاب /33 وله الولاية التشريعية والتكوينية  ثم أخبر رسول الله صلى الله عليه وآله الناس وبين مقامه ومرتبته وعرفهم عليه ولعل أكبر مصداق على ذلك قوله : حسين مني وأنا من حسين .فهو أمام معصوم مفترض الطاعة وموجب الإتباع والاقتفاء والاقتداء به وهذا ما يحقق ويفرض أحقيته بالمعرفة . ويبدو أن جوهر المعرفة وأصلها وحقيقتها باطنية يصعب تصورها بكل يسر وبساطة

إنما بمعناها الكلي يقتضي أن يكون هذا هو حقا عاما على الناس جميعا إذ أن روحه منشطرة من روح جده صلى الله عليه وآله وقد عرف الله جل وعلا جده  بأنه : ( وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4)) ـ النجم

المعرفة بين خاصها وعامها

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

وبما أنه هو الامتداد الطبيعي والأحق لرسول الله صلى الله عليه وآله يقتضي ان تكون هذه المعرفة من أبجديات أو أولويات مراتب المعرفة الحقة وعلى الموالي أن تكون لديه مرتبة المعرفة الاولى وتلك مرتبة رتبه الله بها ومصداق ذلك ما نقرؤه في زيارة عاشوراء : ( وَلَعَنَ الله اُمَّةً دَفَعَتْكُمْ عَنْ مَقامِكُمْ وَأَزالَتْكُمْ عَنْ مَراتِبكُمُ الَّتِي رَتَّبَكُمُ الله فِيها )

وثمة مرتبة للمعرفة وإن كانت تستحق أن تحمل صفة العمومية إنما تتغلب بها صفة الخصوصية في جانب معين فمن من الأولى أن يختص بها كل إنسان حر أبي كريم ويعتمدها منهجا لمسيرة حياته . تلك الخصوصية التي تتساوق مع قاعدة ( الاسلام محمدي الوجود حسيني البقاء ) حيث أنه صلوات الله عليه رسخ كل قيم السماء وثبت ركائز الشريعة وقواعد أحكامها حين انتفض ضد الظلم والطغيان والعتو والعتاة وضحى بكل غالٍ ونفيس وبما لم يضحِ أحدٌ من قبله ولا من بعده من أجل صيانة جوهر وعمق الدين الاسلامي وحفظ المنهج المحمدي وجعله باقيا مع بقاء السماء   

صرخة تخمد صليل السيوف

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقد ظل صلوات الله عليه يعيش في وجدان كل امة وكل فرد يحن ويتوق للتحلي بالكرامة والعزة والإباء والسعادة والأمن فهو قد حقق للإنسان كل ذلك .

وحين انتفض صلوات الله عليه على الظلم والظلام شهر صرخته المدوية الرافضة قبل أن يشهر سيفه فأصاب بالإثنين .

فمن استعذب السيف واستهواه نال نصيبه وأصيب به ولقي به حتفه بكل استحقاق  ليساق إلى سقر  .

ومن أصغى لصرخته العظيمة وتلقاها بإنصاتٍ روحي عميق استودعها بعمق فؤاده وانصهر عقله وضميره بها وانصهرت هي فيه كذلك .

وكان للصوت أثرٌ ملأ الآفاق فاستقطب ما لم يستقطب أي صوت لا من قبل ولا من بعد وراحت القلوب تتوافد عليه وتهوي عنده وهي تتلو الصرخة وتتهجد بها بكل صدق واخلاص وبتلبية فريدة وحيدة لا نظير لها انفردت واختصت به ولم يشاركه في الدنيا أحد سواه وراح صداها يمتد عموديا وأفقيا تتنفسه الأجواء فتشهق بلبيك يا حسين .

سيفه احتز رقابا استحقت الفصل ورؤوسا عفنة عشش فيها الجبروت والتوق للعبودية والدعوة لتقويض الاصلاح بنشر الفساد والإفساد .

اما صرخته فاجتث بها الجهل من الألباب لتتنقى وتتنزه وتستنير بوهج الحق .

وهو الذي أخبر عنه جده صلى الله عليه وآله بقوله : ( إن الحسين بن علي في السماء أكبر منه في الأرض)

لذلك تعاطى مع الله سبحانه وتعالى بما لم يشابهه أحد

وكذلك مثلما ينفرد الامام الحسين صلوات الله عليه بكل شيء إذ لم يشابهه أحدٌ بصرخته الرافضة وبـ ( لائه ) المدوية كذلك لم يشابهه احدٌ بالاحتفاء وبإعادة ذكراه وتأكيد التلبية وتجديد وتصديق العهود والمواثيق واعلان صدق الولاء

لم يكن استذكار واقعة الطف يوما واحدا أو ذكرى سنوية كما هي الذكريات أو الإستذكارات الأخرى بل هو موسم ليس كما هي المواسم الأخرى إنما هو عبادي عقائدي إنساني أخلاقي اجتماعي شامل يلتقي به من بالشرق بمن في الغرب وحين ترتفع الأصوات تختلف الألسن وتتغاير اللغات انما تتوحد النوايا والمقاصد والغايات والأهداف ويتوحد الصوت حين ينطلق هتاف لبيك يا حسين




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=186384
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2023 / 09 / 11
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13