القدس/ المنــار/ مع تساقط الحرس القديم من آل سعود أبناء عبد العزيز تحت وطأة المرض، تبرز على السطح طموحات الامراء الشباب أي من هم على عتبة السبعين من العمر، يتدافعون لتقاسم كعكة الحكم من أيدي الطاعنين في السن، وتطرح باستمرار مسألة الوراثة والتوريث واحداث شكل جديد من أشكال توزيع ثروة الحكم وعدم ابقائها محصورة في أيدي الزاحفين الى قبورهم.
ولعل الدولة ذات الاهتمام الأكبر بالاوضاع في السعودية وهي الولايات المتحدة، هي التي حذرت من استمرار \"النمطية\" الحالية في توزيع المواقع بين الكبار في السن، لذلك لم يتوقف ارسال الطواقم المتخصصة الى الرياض لمساعدة العائلة الحاكمة في الخروج من المآزق التي تتزايد في محاولة منها لتنصيب امراء اقل سنا يدافعون عن مصالح امريكا، والعائلة السعودية التي وضعت ثقتها وثرواتها في اليد الامريكية مقابل حمايتها والدفاع عنها من الهبات الشعبية، جاهزة الان بعد رحيل نايف بن عبد العزيز لقبول هيكلية جديدة تعرضها الطواقم الامريكية المتواجدة في السعودية ويرى المراقبون أن العائلة السعودية تشهد منذ سنوات توزيعا في مواقع الحكم بحيث اذا رحل أحد من الحرس القديم، يسلم موقعه الى ابنائه، وهذا من شأنه اثارة واغضاب آخرين في الحرس القديم لم تعهد اليهم مناصب رفيعة في الدولة، لذلك، من الممكن أن تشهد السعودية بروز محاور وتحالفات متصارعة قد تترتب عليها اثار ضارة تمس أركان وقواعد هذا الحكم الذي يتمثل في سيطرة عائلة واحدة على شعب بأكمله، ومن هنا، ولهذا السبب هرعت قيادات امريكية الى الرياض فور الاعلان عن وفاة نايف بن عبد العزيز لمنع تفجر الصراع بين أبناء آل سعود.
الدوائر المهتمة بالوضع السعودي قالت لـ (المنار) بأن الذراع الامني في السعودية بات موزعا بين ابناء سلطان وابناء نايف، وهذا قد يتسبب في حدوث تناحر بين أبناء العمومة الذين سيتجهون الى استقطاب آخرين، وتضيف الدوائر أن واشنطن التي القت ببرامجها الى وكلائها في المنطقة تحت شعار الربيع العربي معنية في هذه المرحلة بتعزيز مكانة ومواقع ابناء سلطان وفي مقدمتهم بندر لاستكمال ما كان يقوم به نايف من دور، خاصة فيما يتعلق بالمسألة السورية وتسخير ثروات المملكة لدعم الارهابيين الذين يسفكون دماء أبناء الشعب السوري.
هذا المشهد في السعودية، المتمثل برحيل متتالي للحرس القديم يدفع الى ان يمسك الشباب وهم تربية أمريكية خالصة بالقرار السعودي المتعلق بالاوضاع اقليميا ودوليا، وسنرى نتائج ذلك قريبا. ويبقى الحرس القديم مجرد صورة شكلية فارغة من مضمونها وعناصرها، لا حول لهم ولا قوة، وهذا سيزيد من تحكم واشنطن بسياسة وثروات وقرارات آل سعود مما يعزز الموقف والدور القطري في ظل التقارب بين رئيس وزراء قطر وبندر بن سلطان، وكلاهما قدما الاسناد لاسرائيل في كافة معاركها في السنوات الاخيرة، حيث التنسيق بين هذه الاطراف يتعاظم باستمرار الى درجة الوصول الى التحالف.
وهذا يدفعنا الى القول بأن المشهد في السعودية سيكون مختلفا عن سنوات سابقة، لكن، ليس في صالح الشعب السعودي، وهذا التوجه قد يتعثر في حال انفجر صراع الوراثة وتوزيع المواقع، فالحرس القديم يتوارى عناصره تباعا، والملك، هو الآخر، مرشح للاختفاء في كل لحظة، وبالتالي، نشطت الدوائر الامريكية لتمسك بزمام الامور، ومنع اندلاع صراعات يتوقعها أبناء السعودية أنفسهم.
|