قد ينقطع الشخص عن وطنه ، ويبتعد عن أهله ، وتُغلق بوجهه سُبل العودة ، لضائقة ألمّت به ، مالية أو أمنية .. الخ أو لعارض معيّن ، هنا يصبح أحد مصارف الزكاة في الإسلام ويسمّى بإبن السبيل ..
وهناك من ينقطع عن الجو المعنوي أو البيئة المعرفية والإيمانية الخاصة التي كان يعيشها ، لإبتعاد مرشد أو موت أستاذ أو ترك رفيق .. الخ ، فهو الآخر يحتاج الى من يقف معه ويساعده في العودة الى موطنه الروحي ومسكنه الذي تهفو إليه نفسه .. ويعوّضه عن ذلك ولو جزئيا ، وهذا معنى وفهم أخلاقي لإبن السبيل .
أمّا مَن كان نفس الإنقطاع عن الأهل موطناً تسكن روحه إليه ، وباتت أجواءه التي يحنّ إليها هو نفس ذلك الطريق ( السبيل ) الذي كان ( إبنه ) يستحق الزكاة ، وفي المقابل يشعر بالوحشة لو بقيَ في وطنهِ الأمّ وتصبح مدينته بالنسبة إليه سكناً للأشباح وأن الحياة فيها مُعلّقة .. عندها تنعكس أطراف المعادلة وتنقلب نسب المقاييس ويتحرّك موضوع حكم الزكاة من ( إبن السبيل ) الى ( إبن المدينة ) ..!! قال تعالى ( ثُمَّ ٱلسَّبِيلَ يَسَّرَهُۥ) عبس ٢٠
هذا ما تفعلهُ زيارة أربعين الإمام الحسين ؏ في العراق ، فالسائر على طريق الزائرين رغم بُعد المسافة ومتاعب المشي ومخاطر بعض مقاطع الطريق نراه يعيش أميرا ، لا يحصي خَدَمتَهُ عددا ، ولا يستطيع أن يضع لأنواع وأصناف أكلهِ وشربهِ رقما .. بل هو مَن يتصدّق على أهل المدن التي يمرُّ بها والقرى التي يحلّ ضيفاً عليها بثواب خدمتهِ وحسنات وأجر خطواته ..
أخرج ابن قولويه في مستدرك الوسائل ج ١٠ ص ٢٣٨٠ بسنده عن عبد الله بن شعيب التميمي عن أبي عبد الله (ع) قال : يُنَادِي مُنَادٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَيْنَ شِيعَةُ آلِ مُحَمَّدٍ ( ص) فَيَقُومُ عُنُقٌ مِنَ النَّاسِ لَا يُحْصِيهِمْ إِلَّا اللَّهُ فَيَقُومُونَ نَاحِيَةً مِنَ النَّاسِ ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ أَيْنَ زُوَّارُ قَبْرِ الْحُسَيْنِ (ع) فَيَقُومُ أُنَاسٌ كَثِيرٌ فَيُقَالُ لَهُمْ خُذُوا بِيَدِ مَنْ أَحْبَبْتُمْ وَانْطَلِقُوا بِهِمْ إِلَى الْجَنَّةِ ، فَيَأْخُذُ الرَّجُلُ مَنْ أَحَبَّ ، حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ مِنَ النَّاسِ يَقُولُ لِرَجُلٍ يَا فُلَانُ أَمَا تَعْرِفُنِي أَنَا الَّذِي قُمْتُ لَكَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا فَيُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ لَا يُدْفَعُ وَلَا يُمْنَعُ .
|