• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : اشارات قرآنية في كتاب مرشد المغترب للسيد محمد سعيد الحكيم (ح 2) .
                          • الكاتب : د . فاضل حسن شريف .

اشارات قرآنية في كتاب مرشد المغترب للسيد محمد سعيد الحكيم (ح 2)

عن بعض الأمور التي لها أهمية خاصة في العلاقة بالله تعالى يقول السيد محمد سعيد الحكيم في كتابه مرشد المغترب: 1 ـ إقامة الفرائض، فإن من تركها هلك، لأهميتها شرع. ولاسيما الصلاة التي هي عمود الدين وشعار الإسلام الأكبر، حتى قال الإمام الصادق عليه السلام في صحيح عبيد بن زرارة المتقدم: (فإن تارك الصلاة كافر). وخصوصاً بعد أن كانت لا تفارق الإنسان في جميع الأوقات، حيث تكون سبباً لاستمرار اتصاله بالله تعالى وارتباطه به، وترويضه على الانضباط والالتزام، والبعد عن الغفلة والإهمال. وحبذا لو تقام في أماكن عامة، كالمساجد والحسينيات ونحوه، حيث يتم بها إقامة الشعار على الوجه الأكمل. كما تكون سبباً لتعارف المؤمنين فيما بينهم وتآلفهم، ثم تفقّد بعضهم لبعض، وتعرفه على حاله، وتعاونهم فيما بينهم. 2 ـ القرآن العظيم الذي هو عهد الله تعالى في خلقه، وكتابه المجيد الذي "لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ" (فصلت 42). وهو بعدُ معجزة الإسلام الخالدة وحجته الواضحة القاهرة التي يحقّ للمسلمين أن يرفعوا رؤوسهم فخراً به. كما ينبغي للناس جميعاً أن يطأطؤا برؤوسهم بخوعاً له. ولاسيما بمقارنتها بكتب الأديان الأخرى. حيث يبدو الفرق ظاهراً للعيان، وقد قال الله عز وجل: "قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً" (الاسراء 88). فعلى المسلم أن يلزم نفسه بقراءته بتدبر وتبصر، ويحاول العمل عليه، والاتعاظ به قال الله تعالى: "إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً" (الاسراء 9) وقال عز من قائل: "وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً" (الاسراء 82).
ويستمر المرجع الديني السيد الحكيم قدس سره عن أهمية علاقة المغتربين بالله تعالى قائلا: 3 ـ ما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته الطاهرين عليه السلام من المواعظ والإرشادات، التي تضمنتها أحاديثهم وخطبهم وسيرهم، كما أشرنا إليه آنف. ولعل لنهج البلاغة ميزته في ذلك، لجامعيته على اختصاره، وسهولة تناوله، ورفعة مضامينه وبلاغته، حتى عدّ أول كتاب إسلامي بعد القرآن المجيد. فينبغي لكم تعاهده ومدارسته، والتدبر في مضامينه، والتفاعل معه، فإنه خير معين لكم في غربتكم. بل هو فخر لكم أمام غيركم، وأقوى في تثبيت حجتكم. 4 ـ ذكر الله تعالى ودعاؤه والالتجاء إليه، والتضرع بين يديه في غفران ذنوبكم، وستر عيوبكم، وإصلاح نفوسكم، وجبران نقصكم، وإعانتكم في أمركم، وقضاء حوائجكم العامة والخاصة، ونصركم على أعدائكم، ودفع البلاء عنكم، إنه ولي المؤمنين، الرحيم بهم. وقد تظافرت الآيات والروايات في الحثّ على ذلك، قال عز من قائل: "فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ" (البقرة 152). وقال سبحانه: "تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" (السجدة 16-17). وقال عز وجل: "قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ" (الفرقان 77). وقال تعالى: "ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ" (المؤمنون 60). وفي رسالة الإمام الصادق عليه السلام (وعليكم بالدعاء فإن المسلمين لم يدركوا نجاح الحوائج عند ربهم بأفضل من الدعاء، والرغبة إليه، والتضرع إلى الله والمسألة، فارغبوا في ما رغبكم الله فيه، وأجيبوا الله إلى ما دعاكم، لتفلحوا وتنجحوا [وتنجوا من عذاب الله). ولأهل البيت صلوات الله عليهم من ذلك كنوز ثمينة، ولآلي مكنونة، وجواهر منضدة، حملها عنهم شيعتهم، وحافظوا عليها وتعاهدوه، حتى عرفوا به، فكانت عنوان فخرٍ لهم، ووسام عز وشرف يشهد بانتمائهم لأهل البيت صلوات الله عليهم حقاً وركوبهم لسفينتهم، وبتمسكهم بهم، وبخوعهم لهم، واختصاصهم بهم، حتى خصهم أهل البيت عليهم الصلاة والسلام بالعلوم والمعارف الإلهية التي أودعها الله تعالى عندهم، وأعطاهم مفاتيحه. و "الْحَمْدُ لِلهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَـذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللهُ" (الاعراف 43). ويؤكد ذلك عليكم أنكم في بلاد أطبق عليها ظلام الضلال والغفلة، لا يعرف فيها الله تعالى، ولا يذكر، فاجهدوا أن تكثروا من ذكره لتكونوا نوراً في ذلك الظلام، ومصابيح لله تعالى في تلك البلاد. وفي وصية النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأبي ذر رضي الله عنه: (قال: يا أبا ذر الذاكر في الغافلين كالمقاتل في الفارين في سبيل الله) ونحوه نصوص كثيرة.
يقول آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم قدس سره عن التكاتف والتزاور بين المغتربين: عليكم بالتآلف بينكم والتكاتف، والتناصح والتوادد، والتلاقي والتزاور، ودعم بعضكم بعض، ومواساة بعضكم لبعض، وأن يحب له ما يحب لنفسه، قياماً بحق أخوّة الإيمان التي جعلها الله تعالى بينكم حينما قال: "إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ" (الحجرات 10). وقد أكدت النصوص على ذلك تأكيداً لا يبقي عذراً لمعتذر. ففي صحيح أبي المعزا عن الإمام الصادق عليه السلام: (قال: المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يخونه. ويحق على المسلمين الاجتهاد في التواصل، والتعاقد على التعاطف، والمواساة لأهل الحاجة). وفي موثق السكوني عنه عليه السلام: (قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الخلق عيال الله فأحب الخلق إلى الله من نفع عيال الله، وأدخل على أهل بيت سروراً)، وفي حديث أبان بن تغلب عنه عليه السلام: (قال: من كان وصولاً لإخوانه بشفاعة في دفع مغرم، أو جرِّ مغنم، ثبّت الله عز وجل قدميه يوم تزل فيه الأقدام).
وعن الحسد يقول السيد الحكيم قدس سره في كتابه مرشد المغترب: عليكم الحذر كل الحذر من الحسد الذي هو داء الأمم، حيث منعهم حسدهم لأهل الفضل من إذعانهم لهم، بل اعتدوا عليهم بدل ذلك، وعصوا الله فيهم، واعترضوا عليه، وانتهكوا حدوده، حتى قتل قابيل أخاه هابيل، وغيّب أولاد يعقوب أخاهم يوسف، وردت الأمم على أنبيائها وأوصيائهم حسداً لهم وبغياً عليهم... إلى غير ذلك من مآسي البشرية الكثيرة. وهو نار يؤججها الشيطان في الفاشلين والمحرومين من ذوي النفوس الضعيفة والآفاق الضيقة، ولاسيما إذا جمعهم مع المحسود جهة جامعة، كوحدة العشيرة أو المدينة أو الدين أو الصنف أو العمل. ويزيد في تأجيجها الحاجة والتحير والفراغ، التي كثيراً ما يبتلى بها المغتربون. وقد أنكر الله تعالى ذلك وشدد عليه في قوله: "أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكاً عَظِيماً" (النساء 54-55). أن نعمة المحسود لما كانت من الله تعالى فبابه سبحانه مفتوح للراغبين وخيره مبذول للطالبين، وهو أكرم المسؤولين وأرحم الراحمين، فليسأله من فضله، بدلاً من أن يضيق بنعمة صاحبه. وإلى هذا ترجع الغبطة التي ورد عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال فيها: (إن المؤمن يغبط ولا يحسد، والمنافق يحسد ولا يغبط). وإذا لم يستجب الله تعالى له عاجلاً فليس ذلك لبخلٍ منه عزوجل عليه، بل لأنه ليس صلاحاً له، كما ورد في دعاء الافتتاح: (ولعل الذي أبطأ عني هو خير لي لعلمك بعاقبة الأمور). وعلى ذلك أكدت نصوص أهل البيت عليهم السلام. كما أكدت على أن الله تعالى قد يذخر للداعي إذا لم يعجل إجابته ما هو الخير له. وليتق الله سبحانه وتعالى ويرض بقضائه ويوكل أمره إليه "وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً" (الطلاق 2-3). ويجري ذلك في غير الحسد مما يؤدي للتباغض والنفرة، من الأخلاق والسلوكيات الذميمة، كاللجاجة، والإصرار على الرأي من دون فائدة، والتدخل في شؤون الآخرين من دون رضاهم، ودخول الإنسان في ما لا يعنيه، وغير ذلك مما يكثر الابتلاء به عند المعاشرة. فإنه ينبغي لكم تركه تجنباً عن المشاكل والمضاعفات الخطيرة وحذراً منه.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=185788
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2023 / 08 / 19
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12