• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : مسجد جمكران .
                          • الكاتب : د . دينا عبد الساده رسن المالكي .

مسجد جمكران

 جمكران هي بلدة  تبعد عن بلدة قم مسافة فرسخ واحد ، يقع في الجهة الجنوبية من قم وعلى بعد بضعة آلاف من الأمتار مسجد كبير يقال له مسجد جمكران إضافة إلى اسم المكان ، يقصده  المئات بل الآلاف من المؤمنين من شتى بقاع إيران وغيرها ، ولا سيما في ليالي الأربعاء من كل أسبوع ، يقضون فيه أوقاتا في العبادة والتهجد والتوسل بالحجة ابن الحسن العسكري ( عليهما السلام ) وهو عامر بالعبادة في جميع الأوقات ؛ ويعود تاريخ هذا المسجد إلى القرن الرابع الهجري ، وقد ذكرت في كيفية تأسيسه قصة عجيبة ترتبط بالإمام الثاني عشر من أئمة أهل  البيت ( عليهم السلام ) ، وهو الإمام المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف ، ولذا نسب المسجد إليه ؛ ويعد هذا المسجد من العلائم البارزة لهذه المدينة المقدسة .

 وقد ذكر أن له صلاة مخصوصة بكيفية خاصة كما سيأتي بيانها، ومنذ أن أسس هذا المسجد وإلى يوم الناس هذا ولا زال المؤمنون يتوافدون على هذا المسجد وحدانا وأفواجا ، ويبتهلون إلى الله تعالى ويتوسلون بوليه الحجة ابن الحسن ( عليهما السلام ) في مختلف شؤونهم وقضاياهم ، ولا سيما بالدعاء لتعجيل الفرج .

وقد اتسعت رقعة هذا المسجد بعد أن كانت مساحته صغيرة ، وأصبح يتسع للآلاف من المصلين وخصص قسم منه إلى النساء ، وتشرف عليه هيئة خاصة تدير شؤونه ولوازمه وسائر مرافقه . وإنك لتجد في كل ليلة أربعاء من كل أسبوع ازدحام الزائرين من أهل قم وغيرها من سائر المدن لزيارة حرم السيدة المعصومة ومسجد جمكران وبعض المزارات الأخرى .

   

 القصة منسوبة الى  شيخ جليل عفيف اسمه حسن بن مثلة الجمكراني ، روى عن الامام الحجة قصة بناء مسجد جمكران ([1])  وكان هذا الشيخ وكان عنده بعض المنافع من الاملاك الموقوفة ([2])   

سبب بناء جمكران : كان هناك رجل يسمى الحسن بن مسلم يمتلك اراضي في منطقة جمكران ويزرعها ويحصل على اموالها منذ خمس سنوات وهذه السنة ايضا باشر بزراعتها ؛ ويبدوا انه اخذ ارض اضافية واضافها الى ارضه وهي ليس من ملكه  (وهي أرض مباركة )واخذ محصولها ولقد ابتلاه الله بوفاة ولدين من اولاده شباب  ولم ينتبه ، من هنا تبدء القصة التي ذكرها   وردت في الكتب الشيعية ([3])   ويروي هذه القصة  الشيخ   ( حسن بن مثلة )  ويقول ان بناءه كان بأمر من الامام الحجة (عج)   ((كنت ليلة الثلاثا السابع عشر من شهر رمضان المبارك سنة ثلاث وتسعين ؛ وثلاثمائة نائما في بيتي فلما مضى نصف من الليل فإذا بجماعة من الناس على باب بيتي فأيقظوني ، وقالوا :

قم وأجب الإمام المهدي صاحب الزمان فإنه يدعوك ... فقمت إلى مفتاح الباب أطلبه فنودي " الباب مفتوح " فلما جئت إلى الباب ، رأيت قوما من الأكابر ، فسلمت عليهم ، فردوا ورحبوا بي ، وذهبوا بي إلى موضع هو المسجد الآن ، فلما أمعنت النظر رأيت

أريكة فرشت عليها فراش حسان ، وعليها وسائد حسان ، ورأيت فتى في زي ابن ثلاثين   متكأً عليها ، وبين يديه شيخ ، وبيده كتاب يقرؤه عليه ، وحوله أكثر من ستّين رجلا يصلّون في تلك البقعة ، وعلى بعضهم ثياب بيض ، وعلى بعضهم ثياب خضر .

وكان ذلك الشيخ هو الخضر (عليه السلام) فأجلسني ذلك الشيخ عليه السلام ، ودعاني الإمام عليه السلام باسمي ، اذهب إلى حسن بن مسلم ، وقل له : انّك تعمر هذه الأرض منذ سنين وتزرعها ، ونحن نخرّبها ، زرعت خمس سنين ، والعام أيضاً أنت على حالك من الزراعة والعمارة ، ولا رخصة لك في العود إليها وعليك ردّ ما انتفعت به من غلاّت هذه الأرض ليبنى فيها مسجد ، وقل لحسن بن مسلم انّ هذه أرض شريفة قد اختارها الله تعالى من غيرها م وأنت قد أضفتها إلى أرضك ، وقد جزاك الله بموت ولدين لك شابّين ، فلم تنتبه عن غفلتك ، فإنْ لم تفعل ذلك لأصابك من نقمة الله من حيث لا تشعر .))

 بعد هذا الحديث الذي جرى طلب الحسن بن مثلة علامة لكي يصدقه الناس ، فكان جواب الامام عج((نّا سنعلم هناك فاذهب وبلّغ رسالتنا ، واذهب إلى السيّد أبي الحسن وقل له : يجيء ويحضره ويطالبه بما أخذ من منافع تلك السنين ، ويعطيه الناس حتى يبنوا المسجد ، ويتمّ ما نقص منه من غلّة رهق ([4]) ملكنا بناحية أردهال ويتمّ المسجد وقد وقفنا نصف رهق على هذا المسجد ، ليجلب غلّته كلّ عام ويصرف إلى عمارته .))

ثم اغطاه علامة اخرى وهي الصلاة في هذا المسجد  " فمن صلاها فكأنما صلى في البيت العتيق " . فعرف حسن بن مثلة ان هذا مكان سيكون مسجد للامام الحجة (عج) 
ثم دعاه واعطاه علامة ثالثة وهي  : ((  إن في قطيع جعفر الكاشاني الراعي معزا يجب أن تشتريه ، فإن أعطاك أهل القرية الثمن تشتريه وإلا فتعطي من مالك ، وتجئ به إلى هذا الموضع وتذبحه الليلة الآتية ، ثم تنفق يوم الأربعاء الثامن عشر من شهر رمضان المبارك لحم المعز على المرضى ومن به علة شديدة فإن الله يشفي جميعهم ، وذلك المعز أبلق كثير الشعر وعليه سبع علامات سود وبيض ثلاث على جانب وأربع على جانب سود وبيض كالدراهم ؛  فذهبت فأرجعوني ثالثة وقال : تقيم بهذا المكان سبعين يوما أو سبعا فإن حملت على السبع انطبق على ليلة القدر ، وهو الثالث والعشرون وإن حملت على السبعين انطبق على الخامس والعشرين

من ذي القعدة وكلاهما يوم مبارك .

وعاد الى المنزل وعندما اصبح الصباح اخذ معه رجل يسمى علي بن المنذر الى نفس المكان الذي ذهب الية البارحة ، وقال له  هذه اول العلامات وهي السلا سل و والاوتاد (( و لله إن العلامة التي قال لي الإمام واحد منها أن هذه السلاسل والأوتاد هاهنا )).

فذهبنا إلى السيد الشريف أبي الحسن الرضا ، فلما وصلنا إلى باب  داره رأينا خدامه وغلمانه يقولون إن السيد أبا الحسن الرضا ينتظرك  من سحر ، أنت من جمكران ؟ قلت : نعم فدخلت عليه الساعة وسلمت  عليه ، وخضعت فأحسن في الجواب وأكرمني ، ومكن لي في مجلسه ،  وسبقني قبل أن أحدثه ، وقال : يا حسن بن مثلة إني كنت نائما فرأيت  شخصا يقول لي : إن رجلا من جمكران يقال له : حسن بن مثلة يأتيك  بالغدو ولتصدقن ما يقول ، واعتمد على قوله ، فإن قوله قولنا ، فلا  تردن عليه قوله ، فانتبهت من رقدتي وكنت أنتظرك الآن ،  فقص عليه الحسن بن مثله القصص مشروحا ، فأمر بالخيول  لتسرج ، وتخرجوا فركبوا ، فلما قربوا من القرية رأوا جعفر الراعي وله قطيع على جانب الطريق ، فدخل حسن بن مثلة بين القطيع وكان ذلك  المعز خلف القطيع ، فأقبل المعز عاديا إلى الحسن بن مثلة ، فأخذه الحسن ليعطي ثمنه الراعي ويأتي به فأقسم جعفر الراعي أني ما رأيت

هذا المعز قط ، ولم يكن في قطيعي إلا أني رأيته ، وكلما أريد أن آخذه  لا يمكنني ، والآن جاء إليكم فأتوا بالمعز كما أمر به السيد إلى ذلك  الموضع وذبحوه .

وجاء السيد أبو الحسن الرضا   إلى ذلك الموضع وأحضروا الحسن بن مسلم واستردوا منه الغلات ، وجاؤا بغلات رهق  وسقفوا المسجد بالجزوع ، ( الجذوع ) وذهب السيد أبو الحسن الرضا رضي الله عنه بالسلاسل والأوتاد وأودعها في بيته ، فكان يأتي  المرضى والإعلاء - المعلولون - ويمسون أبدانهم بالسلاسل فيشفيهم

الله تعالى عاجلا ويصحون .

ويعني من هذه القصة ان اختيار المكان والاموال كانت كلها مهيئة وكانت عملية البناء بدائية  بجذوع اما بنسبة لسلالسل والاوتاد لم يستخدموها في البناء لانها تم وضعها في صندوق وقد اختفت حيث روي ان رجل  قال أبو الحسن محمد بن حيدر : سمعت بالاستفاضة أن السيد أبا الحسن الرضا في المحلة المدعوة بموسويان من بلدة قم فمرض – بعد وفاته - ولد له فدخل بيته وفتح الصندوق الذي فيه السلاسل والأوتاد فلم يجدها . ([5])

: أن هذه البقعة لا تخرج عن كونها مسجدا من المساجد العامرة بالعبادة ، وموطنا من مواطن الدعاء والتوسل بصاحب  الزمان ( عليه السلام ) وردت فيها هذه الخصوصية وظهرت لها آثار جليلة كثيرة .

صلاة المسجد :

ان احد العلامات التي اعطاها الامام (عج ) ليصدق الناس بحسن بن مثلة هي الصلاة في هذا المسجد وهي  (( ليرغبوا إلى هذا الموضع ويعززوه ويصلوا هنا أربع ركعات للتحية في كل ركعة يقرأ سورة الحمد مرة وسورة الإخلاص سبع مرات ويسبح في الركوع والسجود سبع مرات وركعتان للإمام صاحب الزمان ( عليه السلام ) هكذا يقرأ الفاتحة فإذا وصل إلى * ( إياك نعبد وإياك نستعين ) * كرر مأة مرة ، ثم يقرؤها إلى آخرها ، وهكذا يصنع في الركعة الثانية ويسبح في

الركوع والسجود سبع مرات فإذا أتم الصلاة : يهلل   . ويسبح تسبيح فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) فإذا فرغ من التسبيح يسجد ويصلي على النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مائة مرة ، ثم قال ( عليه السلام ) ما هذه حكاية لفظه :

فمن صلاها فكأنما في البيت العتيق  ))([6])

 

 

[1]) الشاهرودي ،  علي نمازي (ت : 1405ه ) مستدرك علم الرجال الحديث ،  (طهران- 1414 )ج3، ص30 .

[2])  ينظر الطبرسي ،  حسين (ت : 1320ه) مستدرك الوسائل الشيعة ،مؤسسة آل البيت (ع) لإحياء التراث  ( بيروت – 1988ه) ج3 ، ص432 .

[3]) الطبرسي ، حسين النوري  (ت : 1320ه)ا لنجم الثاقب في أحوال الإمام الحجّة الغائب ( عج )تح :  ياسين الموسوي ، أنوار الهدى( قم المقدسة-  دت ) ج2 ، 51 ؛ الامين ، محسن (ت 1270 ه) اعيان الشيعة ،  تح: حسن الامين ،دار التعارف للمطبوعات   (بيروت -1983 ) ح10، ص 119 .

  

 

[4]) ورهق قرية من توابع قم على عشرة فراسخ من طرف كاشان وهي إلى الآن معمورة : ينظر : البروجردي ، حسين الطبطبائي ،  جامع أحاديث الشيعة،  ( 1409- قم)ج4، ض472 .

[5]) المجلسي ،  محمد باقر(ت: 1111ه ) ،بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار ،  تح  : محمد الباقر البهبودي،   دار إحياء التراث العربي ( بيروت -  1983م) ج53، ص230-223؛ ،   المعلم ، محمد علي ، فاطمة المعصومة (عليها السلام ) ص 252 .

[6])  الحائري،علي اليزدي ، إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب ،تح :  علي عاشور(دم- دت) ج2 ، ص52 .

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=185637
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2023 / 08 / 14
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13