بمناسبة مولد الإمام المهدي الحجة عجل الله فرجه الشريف قررت الست جنان أن تجعل حصة درس الدين في أهمية المساهمة في التمهيد للظهور المبارك وبناء شخصية معنوية وروحية لدى المؤمن تؤهله لنصرة القيام المهدوي، وهناك آليات عديدة لبناء الشخصية الإسلامية عموماً، ولعل أهم تلك الآليات هو اتخاذ القدوة الحسنة والسير على نهجها والتزود بالعلم والمعرفة وغيرها.
وبناء هكذا شخصية يجعل الإنسان قويًّا عند الشدائد صبوراً عند النوائب، عزيزاً يرفض الذل، شجاعاً لا يعرف الجبن، صادقاً لا يكذب، أميناً لا يخون...
وساد الصمت المكان، وبأن الانشداد إلى الحديث عن صاحب العصر والزمان، وتابعت قائلة:
بناتي الطيبات: أعلمكن أن خير درس لخلق الشخصية المهدوية يكمن في زيارة الاربعين لسيد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام.
فأنَّ الانتظار للإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه من أهم المحفزات على العمل الديني والاجتماعي والإعداد لذلك من أهم الطاعات، فبين تراث الماضي وأمل المستقبل تكوّن الحاضر الإيماني والتعبوي لدى أتباع الحق، وتولَّدت حالة معنوية عالية تمخض منها عدة فعاليات وعبادات، وتحرّكات ومن هذه الفعاليات العبادية المهمة هي الزيارة الأربعينية المقدَّسة، والتي تميزت بربط الماضي الحسيني بالمستقبل المهدوي لتوليد حاضر يفرض علينا واقعاً يجعلنا ننظم أنفسنا من كل النواحي استعداداً وتمهيداً لدولة الحق.
وقطع الحديث صوت جرس انتهاء الحصة واستمر الحديث بلا هوادة في أمسية يوم الجمعة المبارك، حيث اجتماع الطالبات في بيت احداهن، طرحت احداهن سؤالا مهدويًا به اشتد الكلام، وأخذ جديته، وسط كتب متعددة كان أبرزها كتاب (الإمام المهدي من المهدِ إلى الظهور) لمؤلفه السيد محمد كاظم القزويني، وكتاب (المحجة فيما نزل في القائم الحجة) للمؤلف: السيد هاشم البحراني، وأيضا كتاب (بشارة الاسلام) في ظهور صاحب الزمان(عج)لمؤلفه: السيد مصطفى آل السيد حيدر الكاظمي، وكلما حدث الاختلاف في موضوع النقاش؛ يبحثن في تلك الصفحات إلى أن يَجدن الجواب.
فرحت الست جنان عندما عرفت هناك اهتمام بقضية الإمام الموعود(عج)، قالت: لكي تكوني مؤهلة ومستعدة لنصرة الإمام الحجة (عجل الله تعالى فرجه) ومما يوفر أحد مقتضيات تعجيل الظهور، هو وجود الموارد البشرية الناضجة والمستعدة استعداداً حقاً لنصرة المنقذ. وهذا ما تجدينه فعلا في زيارة الأربعين من دروس وعِبر. وقد وردت بعض الروايات في المشي وأهميته العبادية التي تشبه إلى حدٍ ما موسم الحج من حيث التنوع العبادي والجهد المعنوي والتعبوي، فيمارس فيها مجموعة من العبادات كالزيارة والصلاة - وخصوصاً صلاة الجماعة - والتسبيح والوعظ والإرشاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعاء والمشي - بناء على عباديته - وغيرها.
هذه الممارسات العبادية المتنوعة تخلق خصوصا مع طول أمدها واستمراريتها جواً روحياً عالياً من خلال ما يحصده المؤمن من حسنات ومحو للسيئات ورفع للدرجات وتوطين النفس على الصعوبات وخصوصاً المشي مع تحمل المتاعب.
ومن الملاحظ حرص علماء الاجتماع في البلدان على خلق جو اجتماعي بين أفراد مجتمعاتهم بعيداً عن الخلافات والصراعات والشتات، والحرص على خلق روح التعاون والمحبة وتقوية الروابط الاجتماعية والأسرية.
والذي يلاحظ في الزيارة الأربعينية قوة الترابط بين أفراد الزائرين كباراً وصغاراً رجالاً ونساءً أثرياء وفقراء رؤساء ومرؤوسين، فلا تميز بين غني أو فقير، فالكل سواسية، بل في بعض الأحيان ينقلب الميزان وترى الكبير يخدم الصغير.
فهي تجعل الترابط الاجتماعي ليس بين أبناء بلد ما فحسب، بل بين الشعوب والبلدان الأخرى ممَّا يُعزّز خلق نسيج اجتماعي كبير يربط دولاً وشعوباً فيما بينها بالرغم من اختلافها باللغة أو اللون أو الثقافة أو غيرها، لخلق مجتمع مهدوي منسجم فيما بينه مما يسهم في تعجيل الظهور.
وهي تُعمّق الوجود التعارفي، فرصة كبيرة للانفتاح الحضاري بين الامم، ومجال لحوار الحضارات على أسس دينية تدعونا للانتظار للإمام (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، فيكون ذلك تمهيداً ودعوة إلى عالمية دولة الإمام الحجة (عليه السلام)
سألت طالبة ماهي أهم وظيفة للمنتظرين العارفين الواعين المثقفين؟ فأجابت
إن أهم وظيفة تجب علينا لنساهم في التمهيد، ولنهيئ الناس لاستقبال الأمام عليه السلام، هي:
التعريف بالأمام عليه السلام
تعريف الناس وبالخصوص الشباب بالأمام عليه السلام وبكل ما يتعلق به وبالتمهيد لظهوره، وتعميق العلاقة معه، وتمتين أواصر الصلة به، بحيث لا يكون لهم ذكر غيره.
إن الناس إذا عرفت الإمام ع وأحبته فأن هذا مما يسهم في نشر العقيدة الصحيحة والأخلاق بين الناس، ويشحذ هممهم ويحفز نفوسهم ويرفع معنوياتهم، ويكون لهم حصنا حصينا من الفتن، ويحافظ على هويتهم من المحق والضعف، ويكون لهم دور في انتظار الفرج والذي هو أفضل العبادات.
لكن كيف نعرّف الناس بالأمام ع، وكيف نقدم بطاقة تعريفية عن الأمام عليه السلام؟
نفسه الأمام المهدي عليه السلام يوضح كيف أنه علينا أن نعرفه المعرفة الصحيحة المطلوبة، إنه صلوات الله يعرّف لنا نفسه المقدسة.
(أنا خاتم الأوصياء، وبي يدفع الله البلاء عن أهلي وشيعتي).
هذه هي المعرفة التي يريدها الأمام عليه السلام منا، معرفة جوهرية تخصه وحده دون باقي آبائه صلوات الله عليهم، على شيعته أن يعرفوه بها
وتكون هي أساس كل معرفة به صلوات الله عليه، وهي أنه:
1- خاتم الأوصياء
2- إن خلاص أهله وشيعته والأرض وجميع العالم متوقف عليه، لا على غيره
إن رفع البلاء والظلم والقهر والقمع والفساد عن الأرض لا يكون إلا على يديه.
وهذه نقطة جوهرية في معرفة الأمام ع.
لماذا يريد من شيعته ومنتظريه أن يعرفوه بهذه المعرفة؟
لأن هذه المعرفة، أولا: ترسّخ حقيقة الولاء وصدق الانتماء له عليه السلام.
وثانيا:
هي تنفي كل دعوة باطلة تدعي الانتماء إليه، أو كل من تسمى باسمه ولقبه المهدي أو غيره، أو ادّعى أنه اليماني، وكل من انتسب إليه زورا وبهتانا، وتفضح كل فرقة ضالة منحرفة من غيبته وإلى ظهوره المبارك، وتقطع الطريق على كل مدع.
فأن الناس لو عرفوا الأمام ع بهذه المعرفة وترسخت في قلوبهم، فأنها تكون لهم عصمة من الانحراف، ووقاية من الانجرار وراء كل دعوة والسير خلف كل ناعق؛ وبذلك يدخرون أنفسهم للأمام ع وينتظرونه ويمهدون له.
هذا ما يجب علينا في الوقت الحاضر في عصر الغيبة.
|