• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : قراءة في كتاب .
                    • الموضوع : اشارات قرآنية من كتاب السبايا للسيد الحسني (ح 8) .
                          • الكاتب : د . فاضل حسن شريف .

اشارات قرآنية من كتاب السبايا للسيد الحسني (ح 8)

جاء في کتاب سبايا آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم للسيد نبيل الحسني عن صنع الله تعالى هو المحور في بنية التوحيد ومعركة الإصلاح عند العقيلة زينب عليها السلام: انطلق ابن زياد بوحي شيطانه وتدليسه في معركته الفكرية في مجلسه الذي غص برموز الدولة والقادة العسكريين من الكوفة والشام العائدين من ساحة المعركة ووجهاء الناس وشيوخ القبائل في قصر الإمارة وهو المنتصر اليوم على خصمه الذي يدرك جيداً بأنه يمتلك رصيداً ضخماً في عقول الموحدين ومكانة لا يستهان بها عند المسلمين فهم لا يمكن إخفاؤهم على أهل الكوفة فبالأمس كانوا بها أسياداً وقادة ودعاة تلثم أعتابهم الأملاك وبحبهم تجري الأفلاك فعلى من يريد ابن زياد أن يخفي تلك الشموس الطالعة. ولذا: أراد كسب المعركة العقائدية والفكرية بعد أن توهم مع قادة جيشه، أنه انتصر في المعركة العسكرية فقام فنفث في الحاضرين أن هذا الصنع، هو صنع الله تعالى ليهون على الناس وأولئك الذين تلطخت أيديهم بدماء النبوة وما اقترفوه في كربلاء من جرائم، وصنعوا هذا الصنيع فهم لم يفعلوا وإنما الله هو الذي صنع؟ وظن أنه بنفثه هذا السم على الحاضرين أن لا طاقة لابنة علي عليهما السلام بالرد عليه، بل لم يخطر على باله أنه سينهزم في هذه المعركة الدائرة في مجلس قصر الإمارة شر هزيمة لتبقى تدور في قاعات القصور ومقصورات الطواغيت إلى يوم الوعد الموعود. فكان جوابها الكاشف عن رؤيتها في التوحيد الأفعالي لله تعالى: إنها لم تر إلا جميلا أنه صدر عن الله عزّ وجل فكل ما يصدر عن الله فهو جميل؟ إنه مفهوم جديد لم يطرق مسامع ابن زياد من قبل ولم يخالج عقله قبل هذا اليوم وهو الغارق في النفاق ليتربع في الآخرة في قعر جهنم قال تعالى: "إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ" (النساء 145).
وعن نواة التوحيد هو الإيمان بالغيب عند العقيلة زينب عليها السلام يقول السيد الحسني: بعد أن تظهر العقيلة زينب عليها السلام هذه الأسس في بناء الفكر التوحيدي تنتقل بعد ذلك إلى نواة هذا الفكر والذي به تستقيم المدارات الفكرية حول الوحدانية لله تعالى. فتقول عليها السلام: (وسيجمع الله بينك وبينهم). لكن متى؟ ليس الأمر ببعيد فمهما عمر الإنسان في الحياة فلابد له من الموت "أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ" (ال عمران 185). وما بعد الموت لأمرّ وأدهى فأين يكون المفر؟ أين ستذهب يابن زياد حينما يجمع الله بينك وبين هؤلاء؟ ألست القائل بوجود الله تعالى وإنه سبحانه هو الذي صنع هذا؟ فماذا ستقول له حينما سيجمعك مع هؤلاء المقتولين للتخاصم؟ فإن كنت تؤمن بالله فهذا الإيمان قوامه التوحيد ونواة التوحيد الإيمان بالغيب، قال تعالى: "الم (1) ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فيهِ هُدىً لِلْمُتَّقينَ (2) الَّذينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَ يُقيمُونَ الصَّلاةَ وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُون‌(3) وَ الَّذينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَ ما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُون‌ (4)" (البقرة 1-4). فإذن: استعد للسؤال، وإن كنت لا تؤمن فدع الله سبحانه ولا تلصق أفعالك به وقل أنا الذي صنعت بأهل بيتك كل هذا الذي وقع في كربلاء. وعليه: تقوم العقيلة زينب في معركتها الإصلاحية للمجتمع المسلم الذي خرج لقتل ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقد اجتمع وجهاء المجتمع وقادة الحكم وهم يشهدون هذه المعركة الفكرية بين أحد أقطاب الفكر الاشراكي الذي يشرك فعل الفاعل بصنع الله تعالى والمرتكز على الأمن من العقاب في اليوم الآخر أو بالأخرى انعدام حصول الحساب في اليوم الآخر، وذلك لأن الله هو الذي صنع فلماذا يحاسب؟، بل ومن يحاسب؟ فليس هناك جناة. وبين أحد أقطاب الفكر التوحيدي الذي يرتكز على أن الإيمان بالغيب هو نواة التوحيد.
وعن قوام التوحيد في العدل الإلهي عند العقيلة زينب عليها السلام يقول السيد نبيل الحسني في كتابه: ولأن الله سبحانه وتعالى عادل فلم يضع له شريك، فقوام التوحيد في العدل ولكونه سبحانه عادل لا يرضى ولن يرضى لعباده الظلم ولا يوقع عليهم الظلم. ولذا: قالت عليها السلام: (وستحاج وتخاصم). فعلى الرغم من أن عبيد الله بن زياد متلبس بالظلم وأقدم على هتك حرمات الله تعالى وقتل ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا أن ذلك لم يمنع من المحاكمة وسيسأل وستقوم عليه الحجج وسيخاصم فيكون هو الخاسر المبين. عندها: توعدته عليها السلام بالنصر عليه فقالت: (انظر لمن الفلج يومئذ). فليس النصر ما قامت به الجند من إزهاقها للأرواح المقدسة وسفك الدماء الطاهرة وتقطيع الرؤوس الزكية وسلب نساء النبوة وسبي بنات الرسالة وترويعها وذبح الأطفال الرضع الصبيان من آل الحسين بالسيوف وغير ذلك فهذا وغيره لم يحقق النصر وبل النصر بما يحكم به أعدل العادلين، فانظر يومئذ، وتلك الدعوة في النظر أشد على الكافر مما اقترفت يداه، فكل لحظة تمر عليه يشعر بأنه اقترب من الحساب فهو في غصة ومرارة إلى يوم يموت. فضلاً على ذلك: فإن هذه الأسس التصحيحية للفكر التوحيدي ستشيد عليها معتقدات الناس حينما يخيرون بين الإيمان بالله سبحانه والكفر فيجعلون له شريكاً في طاعتهم للمال أو السلطان أو الهوى أو غيرها. وقد أمرهم سبحانه قائلاً: "وَ ما أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصينَ لَهُ الدِّينَ" (البينة 5). ولا ينال الإخلاص في الدين إلا بمحمد وآله الطاهرين وإلا سيكون الإنسان توحيده كتوحيد عبيد الله بن زياد الذي وقف في المعسكر الآخر لقتال عترة النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، وقد جعل الله سبحانه شريكاً في تلك الجرائم والظلم الكبير الذي اقترفته يداه وأيادي أنصاره وأعوانه ومن رضي بفعله.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=185232
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2023 / 08 / 04
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12