• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع :  من ذاكرة مدرس تأريخ  / الأستاذ عبد الرزاق الحكيم "يرحمه الله " .
                          • الكاتب : علي حسين الخباز .

 من ذاكرة مدرس تأريخ  / الأستاذ عبد الرزاق الحكيم "يرحمه الله "

 عبر هذه المحاورات صرت أعيش كربلاء أخرى ، هي كربلاء  التي ما فارقها الطف منذ يوم امتلكها الحسين "عليه السلام" ، حتى صارت تلك المحاورات تعيش معي ، وملأت علي حياتي ، صرت أقرأ عن تأريخ كربلاء كما يقرأ أساتذة التأريخ  ، أبحث عن أشياء أهملت  وهي مهمة  ،  او ذكرت من باب إسقاط الفرض على المنهج . قلت أستاذ عبد الرزاق قرأت عن شخصية حاول التأريخ أن يتجاوزها وأعتقد أنها مهمة ، هو السيد إبراهيم الزعفراني وعرفت أنه  قاد ثورة كربلاء ضد العثمانيين  وعاش فترة حصار العثمانيين لكربلاء . شعرت بأن الأستاذ عبد الرزاق حزيناً وهو يجيبني ، ولا بد أن هذا السؤال يحمل الكثير الكثير في ذاكرة هذا الرجل ، اجابني:ـ  قبل أن اجيبك هناك سلسلة من المعلومات التي لابد أن تتعرف عليها . كانت كربلاء تابعة لولاية بغداد حتى عام 1831 م استطاع السلطان محمود الثاني رد بغداد والعراق  للسيطرة التركية المباشرة ؛ هذا الحكم فتح أبواب من الفوضى ، سياسات الضرائب الجائرة ، وكربلاء مدينة ثائرة ثارت على هذه الحكومات . قلت أستاذ عبد الرزاق  ، أنا أريد أن تذكر لي بالتفصيل ، وإلا الكثير من أخبارها المدونة في كتب التأريخ أجدها مهمشة بحرفة المؤرخين مفبركة وسطحية . قال لي نعم . حكايتنا عام 1831م عزل داود باشا وهو آخر الولاة المماليك  و أسندوا منصبه  إلى قائد عسكري  عثماني هو ( علي  باشا اللاز )  الرجل أول  إسلامه للسلطة أعلن حربه على كربلاء ، ضاعف  الضرائب  التي كانت تجبى من أهالي كربلاء الى ضعفين ، جاء في موسوعة  تاريخ العراق  بين احتلالين  للمؤرخ عباس العزاوي ، الذي يروي لنا عملية الحصار ، خرجوا له سادات البلد وزعماؤها وتكفلوا  له بزيادة  الإيراد  فارتحل عنهم .قلت من المؤكد هذا الوالي لايهمه من أمر البلد سوى الجباية  ومادامت الدراهم تصل إليه ، والله أعلم كم أعطوه؛ ليتخلصوا من شره . أجابني:ـ  أهدوا إليه سبعين ألف قرآن أي ضعف ما كان يعطونه لداود باشا .  قلت أستاذ هل يعني أنه تركهم تماماً وذهب عنهم  وكانه لاعلاقة له سوى المال ؟. ولايخاف منهم . أجابني :ـ  أعتمد الولاة العثمانيين على الطائفية بشكل مريض ودخلوا في أعماقها، فلم يخرج الوالي الجديد عن كربلاء لكنه ترك لهم عصابات من قبيلة بنو سالم و الكبيسات  المناوئة لأهل كربلاء . قلت أنا أعتقد أن الأمر سيسبب  الكثير  من المخاطر  ؛ وجود حامية  مناوئة تكره كربلاء  وأهل كربلاء  وتتعصب  ضدهم مذهبياً سيجعل الأمر مربكاً ، أبتسم الأستاذ  كعادته وقال أنت لخصت الحكاية كلها  . عصابات الحامية  عاملت  الأهالي بقسوة ،  وعلي باشا ضم إلى قواته  قطاع الطرق  واللصوص  والمجرمين  الذين كانوا  ينهبون  قوافل ، التجار وزوار المراقد المقدسة  ، في نواحي  الحلة وكربلاء  والنجف ، ويوفر لهم الحماية وهو يعلم انحرافهم ؛ ليستعين بهم في حملاته العسكرية . إضافة الى انخفاض الإنتاج الزراعي للمدينة  ـ وأنا أستمع الى حكايات الأستاذ عبد الرزاق الحكيم عن كربلاء ، أشعر  وكأن الأحداث التي يرونها تمر أمام عيني . واحياناً أشعر إنها جزء مني . كنت أتمنى لو يمنحني برهة صمت عقب كل فقرة لأسترد أنفاسي و لأعيش الأحداث  . الحزن مأساة ،وكربلاء تمر من جيل إلى جيل ، أسأل نفسي كم يحمل عقل هذا الرجل من احداث ؟ وهل يمكن أن يقول لي يوماً انتهت الحكاية .  الآن وصلت مع الأستاذ إلى نهايات مقفلة لاتقبل سوى الثورة ولا أعرف أين هي حكاية السيد إبراهيم الزعفراني ؟  بعض المصادر تقر بأنه رئيس عصابة كبيرة والبعض يصفه بقائد الثورة . قال الأستاذ وكأنه يمنحني فرصة المناقشة مع  ذاتي ويقول لي لا تستعجل الحكاية بأولها . قال :ـ هذه الأمور كلها أفرزت غضباً شعبياً في كربلاء ،  ضد الحكومة وأدى الى اندلاع  الثورة  بها في النهاية ؛ لكن الذي حدث عام  1842 م ، جاء دور محمد نجيب باشا . قلت هو القائد الذي حل محل  علي باشا اللاز  في حكم بغداد  . قال والمصيبة إنه فرض على كربلاء تموين الحامية العسكرية  في منطقة المسيب  ، بالأرزاق  والرواتب  . رفض الأهالي تموين الحامية العسكرية  في منطقة المسيب ، وأعلنوا الثورة  تحت قيادة  السيد إبراهيم الزعفراني الرجل االذي سألتني عنه ، انتفضت كربلاء على السياسة  العثمانية  الجائرة  المستبدة  فحاصرها  نجيب باشا   المعروف بحبه لسفك الدماء ، واخضعها بالمدافع وقطع النخيل  واغار  المياه  ؛ حتى استطاع  دخولها بجيشه  فاستباحها قتلاً ونهباً  وتدميراً،  حتى اصطبغت أرضها  بالدماء . قلت أستاذ  : لو تسمح لي ، أن أسأل لماذا لايتم  التركيز على هذه الاحداث ؟ فهي لا تكاد تذكر أو ربما  تخفف عنها  تلك البشاعة ، قال لي : المصادر العثمانية  والغربية سعت بكل جهدها  للتمويه   ونشر الأكاذيب،  والشائعات  حولها  بما  يتفق  مع مصالحها  ، فوصفت الثوار على السياسة العثمانية  من أهالي كربلاء ؛ بانهم العصاة الأوباش و الاراذل  والهاربين من وجه العدالة  . العديد من التحركات  العسكرية  فشلت . مما جعل نجيب باشا  يقود الحملة على كربلاء بنفسه  ، قلت هذا اعتراف منه بقوة كربلاء ، والشعور بعجز قياداته  ؛ لذلك قرر أن يقود المعركة بنفسه ؛ لينقذ الجيش من حالة اليأس التي بدأت  تحل بالجنود ؛ لصعوبة  اقتحام  المدينة .  كان يقود  الثوار  في كربلاء السيد إبراهيم  الزعفراني  .  لم يترك نجيب باشا أسلوباً إلا إستخدامه  ، سألته هل تقصد غير الحرب   ؟. أجاب نعم  السياسة  ، فهو يعرف كيف يستغل  النزاع الفكري  المذهبي، بين الأصوليين والاخباريين ؛ لذلك دخل  من باب  تكليف الاخباريين بالتدخل، فهو كلف شخصياً  السيد كاظم الرشتي . أبرز  طلاب الشيخ  أحمد الاحسائي  زعيم الإخبارية  ، وطلب منه  أن يتدخل  ؛ ليوقف  الثورة  و يجنب المدينة كارثة . قلت أستاذ يرحم والديك أريد تفاصيل أكثر . لأعرف  كيف كانت كربلاء  ، وهي تواجه  أعتى الدول  ضراوة  . كنت متلهفاً لسماع الحكاية لكن نداءه من البيت أنهى اللقاء . خرجت من محله وأنا أقول لنفسي متى يحين الغد .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=184571
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2023 / 07 / 19
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13