• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : صراعات القبائل مستمرة .
                          • الكاتب : اسعد عبد الرزاق هاني .

صراعات القبائل مستمرة


 اعرف تماما  ان اتباع المذهب الوهابي  يحتاجون للدعم  المادي حتى  يمسكوا زمام الامور في مكة  المكرمة والمدينة، وافضل مصدر يدر عليهم  الثروة هو العتبات المقدسة لأن  الملوك  الايرانيين  أهدوا العتبات مبالغ  طائلة، فاغاروا على كربلاء وأعتدوا على حرم سبط  نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم.  هذا ما أعرفه وما يتداوله  الناس! قلت للاستاذ عبد الرزاق:  "أحداث توجع  القلب" ، سألته :ـ " استاذ كيف بدأت هذه الصراعات؟ " ، أجابني  بهدوئه المعهود: "صراعات  القبائل  مستمرة ، سيطر  المماليك  الكرجية  على حكم العراق منذ 1749 وتسنم  سليمان  ابو ليلة  باشوية بغداد، واليا عن العثمانين.  تميز حكمهم  بالاستقلالية  عن سلطة الباب  العالي  في اسطنبول، واتسمت العلاقات بالفتور وعدم الثقة بين الطرفين،  شعر سليمان بحضور الوهابين ونفوذهم  السياسي والديني،  وأن الدولة السعودية  تريد التوسيع "،  قلت:" اذا القضية  سياسية ؟"،  اجابني: "هي سياسية  وفكرية ودينية،  فالعثمانيون اعتبروا ان الوهابية  خروج عن الدين وتدعو الى هدم الكعبة وقبر النبي  صلى الله عليه واله وسلم"،  قلت:" اذا الوهابية صار مصطلح  وعنوان! "،  اجابني الاستاذ:" هم رفعوا عنوان ( الاخوان )  ووضعوا لانفسهم  عنوان آخر ( الموحدين ) أو يسمون بالحركة السلفية "،  قلت:" استاذعبد الرزاق ما هو موقف علماء السنة هل هناك تناغم مع الحركة السلفية  أم رفض ؟ اريد ان اعرف ردود  العراق سنة وشيعة"، اجابني:" اسطنبول بعثت توجيهات شديدة الى والي بغداد لإتخاذ اجراءات صارمة  ضد السعوديين  ، وعلماء اهل  السنة ردوا على اتهامات الوهابية، وكانت لهم رسائل حازمة  في رفض  التكفير والتشدد الطائفي والتحذير من مغبة تفريق كلمة المسلمين"،  قلت:" البعض يرى ان هذا الرد كان بايعاز من سليمان  باشا "ـ،  اجاب:" هذا وهم!  كان التعبير  صادقا  ومتضامن مع مرجعية النجف"
حين يسرد الاستاذ عبد الرزاق الاحداث ، اشعر بان  قلبه يتحرك مع كل كلمة وتسرع النبضات  حتى يكاد يقع  ارضا  لكنه كان يتماسك لأن كربلاء  عنده ليست  مجرد مدينة ، هي عشق ابدي، فمضيت اسأله: "الم يكن  لعلماء الشيعة أي دور في الاحداث؟"،  قال:" الدعوة السلفية  تنظر الى مراقد ائمة الشيعة على انها إحياء للوثنية، مع هذا جرت مراسلات بين محمد بن سعود،  الحليف الرئيسي للدعوة  في نجد والشيخ  ( كاشف  الغطاء )  وهو الشيخ جعفر الجناحي أحد ابرز اعلام قبيلة  بني مالك  العراقية، اذ تولى المرجعية  الدينية العامة في النجف بعد وفاة  استاذه السيد  محمد بن مهدي بحر العلوم "،  قلت: "ما اعرفه  عن الشيخ  كاشف  الغطاء هي مقدرته  الفقهية  العالية و امكانيته الكلامية  الواسعة ، ومناظراته  الناجحة مع مختلف المدارس الاسلامية" فعقب الاستاذ عبد الرزاق: " انتهت تلك المراسلات دون ان يقتنع  احدهما بالاخر ، أو ان يصلا الى نتيجةمحرزة!" كثير من الكتب  المؤدلجة  كانت تطرح قضايا غير حقيقية،  واللقاء  مع هكذا  مختص  مثقف يقرأ بعقله ويميز بقلبه فرصة ثمينة، اعتقد ان مثل هذه الشخصيات لابد ان تستثمر ؛ "هناك بعض الاخبار تقول ان العراقيين قابلوا الفكر السلفي بالاحتضان والتأييد"،  ابتسم حينها وقال:" ان الزيف  موجود من قبل  المنظرين  النجديين  انفسهم والا فهذا تجني  واضح على  الردود الشديدة  التي جوبه بها كتاب  الدعوة السلفية في عهد  سليمان  باشا وكتبت الكثير من الردود على كتاب ( التوحيد  هو حق  الله على العبيد )"، " بشكل عام  لم يتمكن  دعاة  الفكر  السلفي من شق صفوف الوحدة بين العراقيين مثلما فعلوا مع قبائل نجد  بل  واجهوا  مواجهة شديدة"، أبتسم  الاستاذ وكأنه اراد مساعدتي  الى جوهر القضية: "بعض  زعماء  منطقتي حايل  والاحساء ، انتقلوا الى غرب العراق  هربا من القبائل النجدية  فشن  السعوديون  ، سلسلة  من الغزوات"، قلت:" انا اعتقد ان القضية الاولى  هي المغانم  الحربية ( الغزو ) واشاعة الفوضى في الطرق التجارية ، وكي تثبت  للعثمانين ان لنجد  قبائل  قوية"، عقب حينها الاستاذ  وقال:" سببت الكثير  من المعاناة للعشائر  العراقية "، قلت :ـ" استاذ  انا ايضا  اقرأ الكثير عن التأريخ ، وخاصة ما يتعلق بتاريخ كربلاء واعرف ان هناك كان صلح انعقد بين والي بغداد سليمان  باشا والامير  السعودي"، أجابني فورا:
"انتهى  هذا الصلح  بسبب معركة  اندلعت  بين عشيرة  الخزاعل  وقافلة  نجدية تجارية  قرب النجف، يقول البعض  ان اسباب المعركة كانت دفاعية، كما يقول الخزاعل،  وانتقاما لمقتل زعيمهم على ايدي عدد من حراس القافلة، والمصادر  البريطانية أوردت  القضية، مهاجمة  قافلة من الحجاج،  لكن لاأحد يحدد من قام بالهجوم ،  المهم ان عبد العزيز آل سعود أتخذ من  الحادثة ذريعة لنقض الهدنة  ورفض عروض الصلح  المتضمنة  تأديب الحكومة  للخزاعل ودفع ديات القتلى، وطلب ان تخضع  له
جميع الاراضي العراقية  الواقعة غرب الفرات ما بين عانة شمالا  الى البصرة  جنوبا ، وهذا مطلب تعجيزي"، وراء كل  حدث من احداث  التأريخ لابد من افكار تشغلنا ولابد من خيال يسع تلك القدرات على صناعة  العدوان ، ومواهب  اللعب  بالوتر الديني لإدامة  حملات  الغزو والتوسع،  لذلك صنعوا احداثا  اربكت الانسانية واو قعت الاذى  في حياة العراق ، حيث  نفذ السعوديون  تهديداتهم حين هاجمت مجموعة من القبائل  النجدية  يقودها  سعود بن  الامير عبد العزيز مدن الفرات  الاعلى الغربية ، بدءا من بلدتي  عانه وكبيسة،  فقتل من ابنائهما العشرات،  ثم انحدر جنوبا  لمهاجمة  مدينة كربلاء، وتمكن  من مشاغلة  قوات الوالي سليمان  باشا، فيما  توجه سعود  نحو كربلاء ليكمن  على مقربة منها  بانتظار الفرصة،  شغل الاستاذ شاغل في البيت فقررت ان انسحب بانتظار الغد،  قلت له: "محصن بكربلاء استاذ".




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=184480
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2023 / 07 / 17
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12