• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : اسس اصطفاء الافراد والجماعات  في القرآن الكريم ح (19) شخصية قريش القيادية .
                          • الكاتب : السيد عبد الستار الجابري .

اسس اصطفاء الافراد والجماعات  في القرآن الكريم ح (19) شخصية قريش القيادية

احتلت قريش مكانة مرموقة بين القبائل العربية بعد ان تمكن قصي بن كلاب من لم شتات بني اسماعيل واسترجاع ادارة مكة من قبيلة خزاعة، واخذت المكانة الدينية لقريش تتجذر في نفوس القبائل لأنهم اصبحوا سدنة البيت وعلى عاتقهم تقع ضيافة الحجيج، ثم اصبحت لهم مكانة اقتصادية بعد ان تمكن هاشم بن عبد مناف من تأسيس رحلة الشتاء والصيف ليدخل تطوراً هاماً في حياتهم الاقتصادية، فأصبحت قريش تحتل مكاناً مرموقاً على الصعيدين الروحي والاقتصادي.
ومع مرور الزمن وتطور العلاقات الاجتماعية والقبلية للشخصيات القرشية اصبح لهم نفوذ كبير في اوساط القبائل العربية، وكان لهذا النفوذ اثره في نمو الشخصية القيادية للقرشيين، فتمددت علاقاتهم ليدخلوا في احلاف مع بعض القبائل المحيطة بمكة كلحف لعقة الدم وحلف المطيبين وحلف الفضول.
وعند ظهور الدعوة النبوية شعرت قريش ان هذه الدعوة تهز مكانتها الاقتصادية والروحية، وتسلب منها ما كانت حققته من انجازات في اوساط القبائل العربية، لذا بذل القرشيون جهداً عظيماً في سبيل القضاء على الدعوة النبوية، واستعملوا في البداية اسلوب الدعاية المضاد، ثم لجأوا الى محاولة اغتيال النبي (صلى الله عليه واله) الامر الذي دفع سيدنا ابا طالب (رضوان الله عليه) الى اللجوء الى الشعب المعروف بشعب ابي طالب  ليحمي النبي (صلى الله عليه واله) من كيد قريش، فكتبت قريش نتيجة ذلك وثيقة مقاطعة بني هاشم وعلقتها على جدار الكعبة، وبعد ثلاث سنين من الحصار الشديد ارسل الله الارضة على وثيقة قريش الجائرة فمحت ما فيها فتلاوم القرشيون فيما بينهم وانتهى حصار الشعب، وبعد وفاة ابي طالب (رضوان الله عليه) اشتدت ضغوط قريش على النبي (صلى الله عليه واله) وعلى المسلمين، فأمر النبي (صلى الله عليه واله) المسلمين بالهجرة الى الحبشة، وبعد اشتداد الضغوط القرشية امرهم بالهجرة الى يثرب بعد ان اسلم اهلها وبايعوا النبي (صلى الله عليه واله) على الإيمان به والعمل بما يأمر به ودفعهم عنه وعن اهل بيته مما يدفعون عن انفسهم واهليهم، وشعر القرشيون ان الامور تكاد ان تفلت منهم فاتفقوا على قتله (صلى الله عليه واله)، فأمر امير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) ان ينام في فراشه، ثم غادر (صلى الله عليه واله) داره دون ان يشعر به القوم الذين احاطوا ببيته كما تحيط القلادة بالعنق، فلجأ الى غار جبل ثور ثم انطلق الى المدينة بعد ان خف الطلب لتبدأ مرحلة جديدة من مرحلة الدعوة الى الله.
ان موقف قريش السلبي من الدعوة الإسلامية ومن شخص النبي محمد (صلى الله عليه واله) مع اتفاقهم على صدقه وامانته وتحليه بأكمل الفضائل الأخلاقية، كان السبب الأساس فيه واحداً وهو الخطر الذي يمثله الإسلام على مكاسبهم الشخصية، وكان الحفاظ على تلك المكاسب عامل لتوحيد صفوف القرشيين، على الرغم من إختلافهم في كثير من الموارد، اذ بين القرشيين حصل حلفان لكل حلف اصحاب يناوئون اصحاب الحلف الآخر وهما حلف لعقة الدم وحلف المطيبين، وكان بنو هاشم على رأس حلف المطيبين.
وهذا الموقف الموحد للزعامات القرشية يعكس طبيعة قريش الميالة الى التسيد واحتلال المواقع المركزية المهمة على الصعيد السياسي والاقتصادي، ويفسر للمتتبع طبيعة الالتفاف على الواقع السياسي في الدولة النبوية وتمكنهم من القفز على الواقع الاجتماعي والسيطرة على مقاليد الامور بعد رحيل النبي (صلى الله عليه واله)، ثم توحد صفوفهم لمنازلة امير المؤمنين (عليه السلام) بعد ان بويع بالخلافة في الجمل وصفين، وبعد ذلك تمكن الفرع الاموي من قريش من استلاب امر الامة بعد ان اجتمع القرشيون الى صف معاوية بينما لم يكن الى جنب امير المؤمنين (عليه السلام) من القرشيين سوى هاشم المرقال وعمار بن ياسر (رضوان الله عليهما).




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=184085
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2023 / 07 / 08
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13