مسلم بن عقيل بن أبي طالب ابن عمّ الإمام الحسين عليه السلام وهو أوّل من استشهد من أصحاب الحسين عليه السلام في الكوفة، شهد مع عمه الإمام علي عليه السلام حرب صفين وكان أحد قادة جيشه. ولد مسلم عام 22 هجرية بالمدينة المنوّرة واستشهد 60 هجرية بالكوفة. أمه السيّدة علية، وهي جارية. زوجته السيّدة رقية بنت الإمام علي عليه السلام. وكان الإمام الحسين عليه السلام يلقّبه بثقتي. عن أبي هريرة أنه قال (ما رأيت من ولد عبد المطلب أشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم من مسلم بن عقيل). ولشجاعته اختاره عمُّه أمير المؤمنين عليه السلام في حرب صفّين، ووضعه على ميمنة العسكر مع الحسن والحسين عليهما السلام. قال الإمام علي عليه السلام لرسول الله صلى الله عليه وآله: (يا رسول الله إنّك لتحبّ عقيلاً)؟ قال: (أي والله إنّي لأحبّه حُبَّين، حبّاً له وحبّاً لحبّ أبي طالب له، وإن ولده مقتول في محبّة ولدك، فتدمع عليه عيون المؤمنين، وتصلّي عليه الملائكة المقرّبون). ثمّ بكى رسول الله صلى الله عليه وآله حتّى جرت دموعه على صدره، ثمّ قال: (إلى الله أشكو ما تلقى عترتي من بعدي).
رج مسلم عليه السلام من المدينة المنوّرة متوّجهاً إلى الكوفة في الخامس عشر من شهر رمضان 60 هـ، ويصحبه قيس بن مسهر مع دليلان يدلاّنه الطريق. حمله لرسالة الإمام الحسين عليه السلام لأهل الكوفة: خرج مسلم عليه السلام من المدينة حاملاً رسالة الإمام الحسين عليه السلام إلى أهل الكوفة، جاء فيها: (بسم الله الرحمن الرحيم، من الحسين بن علي إلى الملأ من المؤمنين، أمّا بعد: فإنّ فلاناً وفلاناً قدما عليّ بكتبكم، وكانا آخر رسلكم، وفهمت مقالة جلّكم: أنّه ليس علينا إمام فأقبل، لعلّ الله يجمعنا بك على الحق، وإنّي باعث إليكم أخي، وابن عمّي، وثقتي من أهلي مسلم بن عقيل، فإن كتب إليّ أنّه قد اجتمع رأي ملئكم وذوي الحجا والفضل منكم على مثل ما قدمت به رسلكم، وقرأته في كتبكم، أقدم عليكم وشيكاً إن شاء الله تعالى).
اجاب مسلم بن عقيل سلام الله عليه وهو على المنبر للذين اتهموه بالضعف (أن أكون من المستضعفين في طاعة الله احب الي من ان اكون من الاعزين في معصية الله). خرج مسلم بن عقيل سلام الله عليه يقاتل الجنود الذين حاصروا البيت حتى لم يقدروا عليه وحين اعتقاله قال قولته المشهورة (اني والله ما لنفسي ابكي، ولا لها من القتل ارثي، وان كنت لم احب لها طرفة تلفا، ولكن ابكي لاهلي المقبلين الي، ابكي لحسين وال الحسين) واقتادوه الى قصر الامارة حيث عبيد الله بن زياد فامر بقتله ورموه فوق القصر، كما اقتادوا قبله نبي الله يحيى عليه السلام الى الملك هيرودس الذي قتله فالسلام عليكم يوم ولدتم ويوم متم ويوم تبعثون احياءا كما قال الله عز من قائل "وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا" (مريم 15). قيد جسد مسلم بن عقيل بعد ان قتله ابن زياد بالحبال ليسحب في أسواق الكوفة.
كتبت رسالة الى يزيد عن مسلم بن عقيل (أما بعد فإن مسلم بن عقيل قد قدِم الكوفة، وبايعته الشيعة للحسين بن علي بن أبي طالب، فإن يكن لك في الكوفة حاجة فابعث إليها رجلاً قوياً، ينفذ أمرك ويعمل مثل عملك في عدوك، فإن النعمان بن بشير رجل ضعيف أو هو يَتَضَعَّف) فاختار يزيد عبيد الله بن زياد ليرسله الى الكوفة. جاء عن دار الولاية للثقافة والإعلام عن سيرة سفير الإمام الحسين مسلم بن عقيل عليهما السلام: شهادته: استشهد مسلم بن عقيل في الكوفة يوم 9 ذو الحجة سنة 60 هـ بعد يوم واحد من خروج الإمام الحسين عليه السلام من مكة، وبعد مقاومة شديدة قتل فيها جمعا من جند ابن زياد تم إلقاء القبض عليه غدرا من قبل جيش ابن زياد، وقد أمر ابن زياد بقطع رأسه بالسيف وإلحاق بدنه بجسمه، فرفع أعلى قصر الكوفة فقتله بكير بن حمران الأحمري، ثم رميت جثته الطاهرة من أعلى القصر، ودفن بعد ذلك في مشهده المجاور لمسجد الكوفة.
|