• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : المنبر والمؤامرات الدائرة حوله .
                          • الكاتب : حنان محمد البدري .

المنبر والمؤامرات الدائرة حوله

كان ولايزال المنبر من الوسائل المؤثرة، وله دور فعال في المجتمع؛ لأنه يوجه الناس لأمور دينهم ودنياهم, ويحثهم على التمسك بأهم القيم الاسلامية والأخلاقية, ويوضح لهم كل الأمور التي يصعب عليهم فهمها; لذلك لايحق لأي كان أن يرتقيه، إلا اذا توفرت به الشروط المناسبة، وكثيراً  ماكان العلماء ينصحون، ويوجهون في هذا المجال على الآداب التي يجب أن يتحلى بها الخطيب، والتي من أهمها الأخلاص، والصدق، والأبتعاد عن كل الخصال الذميمة التي تسيء للمنبر ومنها الرياء، والنفاق، وبيع الآخرة بالدنيا، والكذب من على المنبر، وعدم الدقة في نقل الأحاديث والرويات. 
كذلك على الخطيب إختيار الطرق الحسنة في وعظ الناس، وتوعيتهم، وتثقيفهم دينياً؛ حيث قال الله تعالى في كتابه الكريم: بسم الله الرحمن الرحيم ( ومن أحسن قولاً مما دعا إلى الله)؛ لذلك الدعوة إلى طاعة الله، يجب أن تكون بالقول الحسن؛ كي يُقَرِب الخطيب بين الناس وخالقهم، وأن لايكون سبباً في نفورهم من الدين. 
ومن أقدس المفاهيم، وأجملها عند المؤمنين، مفهوم ( المنبر الحسيني)، هذا المنبر هو من أهم اسباب خلود ثورة الأمام الحسين(عليه السلام) وبيان مظلوميته، وكان الأمام زين العابدين (عليه السلام) أول من نصب مجلساً، وأعتلى المنبر في الجامع الأموي بعد استشهاد الأمام الحسين( عليه السلام)، واخذ ينعى أباه ويبين مظلوميته، ثم بعدها سار خلفهُ شيعتهِ، وأقاموا مجالس العزاء إلى يومنا هذا.
وقد تطور المنبر على مرور الزمان، فلم يقتصر دورة على بيان مظلومية أهل البيت، وأقامة العزاء على مصابهم؛ بل أصبح له دور كبير في وعظ الناس، وتوجيههم، وتوعيتهم بأهم القيم التي استشهد من أجلها شهيد كربلاء( صلوات الله وسلامه عليه) وايضاً كان له دور كبير، في توجية الناس في كل أمور حياتهم، حتى السياسية منها والأقتصادية، لكن يوم بعد آخر، بدأ المنبر يتعرض للمؤمرات من قبل الأعداء، فأستغلوه للتأثير على الناس، وتغيير معتقداتهم الدينية، وقيمهم الأجتماعية؛ عبر بث الأفكار المنحرفة، البعيدة كل البعد عن مذهبنا، وعقيدتنا؛ فقد عمدت بعض الجهات المعادية، من صنع شخصيات، يخيل لك للوهلةِ الأولى، أنهم أشخاص مثاليين، ومن أشد المدافعين عن المذهب، والعقيدة حيث قاموا بالتصدي للخصوم، وبيان خطئهم، بأستخدام الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، وروايات أهل البيت؛ مما جعل الناس يلتفون حولهم، بأعتقادهم إنهم أشخاص صالحين، لكن بعد أن اشتهروا بين جموع الناس، وأصبح بعض الناس يصدقونهم في كل شيء، تحولوا فيما بعد الى وسيلة؛ لبث الأفكار المنحرفة، وللأسف الشديد انخدع بهم البعض، دون أن ينتبهوا لهم، فكل ما يسعي اليه هؤلاء هو تحقيق غايات مشبوهة؛ وتأسيس عقيدة فاسدة عند الشباب، ( كترك الواجبات وإتيان المحرمات وإستخدام الغلو والكفريات وغيرها) 
من واجب الجميع الآن التصدي له، وتوعية الشباب المغرر بهم، وكشف خطورة مشروعه، هو وأذرعه من الرواديد والشعراء، وعدم السماح لهم بإعتلاء المنابر. 
وهناك ايضاً صنف آخر ممن يرتقون المنبر، والذين تنقصهم الخبرة، ولايفرقون بين الرواية الصحيحة والرواية الملفقة، وجهلهم بمسؤوليتهم الكبرى إمام الناس عن كل ماينقلونه لهم، وأن فعلهم هذا، يعود بالمردود السلبي على المنبر ذاته.
بالأضافة إلى أولئكَ الذين دخلوا هذا المجال من اجل أمورٌ دنيوية، وهمهم الأول جمع المال؛ حتى لو اضطروا لنقل روايات غير صحيحة، وغير واقعية، وعبارة عن خيال مستغلين عواطف الناس، وجهلهم.
على المؤمنين الحيطة، والحذر في اختيار الخطيب أو الواعظ الجيد، ويجب أن تكون لهم ثقافة في معرفة من يستمعون إليه ويحضرون محاضراته، فحوزتنا الدينية تزخر بالكثير من الأساتذة، والشيوخ والفقهاء، الذين تلقوا علومهم على يد علمائنا الأجلاء، هؤلاء فقط من  يبعثون بالاطمئنان؛ لانهم يتمتعون بالأخلاص، والمصداقية في نقل الرويات، والأحاديث ويمثلون الخط المحمدي الأصيل. 
أما مواصفات الخطيب الجيد، الذي يجب نعتمدها عند اختيارنا لمتابعته وسماع محاضراته يمكننا أن نراجع توصيات المرجع الأعلى السيد علي السيستاني (دام ظله) للخطباء والمبلّغين في شهر المحرّم الحرام لعام 1438 هـ  واكد عليها  في عام 1440هـ والتي وردت فيها بعض النقاط:


1-ان يكون الخطيب مواكبا لثقافة زمانه، وهذا يعني استقراء الشبهات العقائدية المثارة بكل سنة بحسبها واستقراء السلوكيات المتغيرة في كل مجتمع وفي كل فترة تمر على المؤمنين، فان مواكبة ما يستجد من فكر او سلوك او ثقافة تجعل الالتفاف حول منبر الحسين (عليه السلام) حياً جديداً ذا تأثير وفاعلية كبيرة.
2- أن ينوِّع الخطيب في اطروحاته فان المجتمع يحتاج الى موضوعات روحية وتربوية وتاريخية وهذا يقتضي ان يكون الخطيب متوفرا على مجموعة من الموضوعات المتنوعة في الحقول المتعددة تغطي بعض حاجة المسترشدين من المستمعين وغيرهم.
3- أن يتحرى الخطيب الدقة في ذكر الآيات القرآنية أو نقل الروايات الشريفة من الكتب المعتبرة أو رواية القصص التاريخية الثابتة حيث أن عدم التدقيق في مصادر الروايات أو القصص المطروحة يفقد الثقة بمكانة المنبر الحسيني في أذهان المستمعين.
4-ان يترفَّع خطيب المنبر عن الاستعانة بالأحلام والقصص الخيالية التي تسيء الى سمعة (المنبر الحسيني) وتظهره وكأنه وسيلة إعلامية هزيلة لا تنسجم ولا تتناسب مع المستوى الذهني والثقافي للمستمعين.
5-أن يهتم الخطيب بما يطرحه من موضوعات من حيث ترتيب الموضوع وتبويبه وعرضه ببيان سلس واضح واختيار العبارات والاساليب الجذابة لنفوس وعقول المستمعين ، فان بذل الجهد الكبير من الخطيب في إعداد الموضوعات وترتيبها وعرضها بالبيان الجذاب سيسهم في تفاعل المستمعين مع (المنبر الحسيني).
6-أن يختار خطيب المنبر المواضيع التي تشكل جاذبية لجميع الشعوب على اختلاف أديانهم ومشاربهم الفكرية والاجتماعية انتهاجا لما ورد عنهم (عليهم السلام) (إنّ الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتبعونا)، ومحاسن كلامهم هو تراثهم الذي يتحدث عن القيم الانسانية التي تنجذب اليها كل الشعوب بمختلف توجهاتها الثقافية والدينية مع أن تراث اهل البيت (عليهم السلام) كله عظيم وجميل ولكن مهارة الخطيب وابداعه يبرز باختيار المواضيع التي يتفاعل معها الناس في عصره.
7- على خطباء المنبر الحسيني استشارة ذوي الاختصاص من اهل الخبرة والتخصص في المواضيع العلمية التي يطرحونها.
8-ان يتسامى الخطيب الحسيني عن الخوض في الخلافات الشيعية سواء في مجال الفكر او مجال الشعائر فان الخوض في هذه الخلافات يوجب اثارة فوضى اجتماعية او تأجيج الانقسام بين المؤمنين.
9-أن يهتم الخطيب بالمسائل الفقهية الابتلائية (التي يعيشها الفرد اليوم في تعاملاته) في مجال (العبادات والمعاملات) من خلال عرضها باسلوب شيق واضح يُشعِر المستمع بمعايشة المنبر الحسيني لواقعه وقضاياه المختلفة.
10-أن يُركِّزالخطيب على أهمية المرجعية والحوزة العلمية والقاعدة العلمائية التي هي سر قوة المذهب الإمامي ورمز عظمته وشموخ كيانه وبنيانه.
لنجعل من (المنبر الحسيني) وسيلة مهمة في إكمال ثورة الإمام الحسين (عليه السلام)، وتحقيق أهدافه في إصلاح أمة جده (صلوات الله وسلامه عليه) في كل زمان، ولندافع عن المنبر، ونرفض ونطرد كل شخص طاريء يحاول أستغلاله؛ لتحقيق اجندات خارجية، او يسعى لأمور دنيوية. 

سلسلة الأعداء وادواتهم يخططون( الحلقة 8)




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=183404
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2023 / 06 / 21
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12