قال الله تعالى عن كلمة ميقات "وَوَاعَدْنَا مُوسَىٰ ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ۚ وَقَالَ مُوسَىٰ لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ" ﴿الأعراف 142﴾ ميقات اسم، مِيقاتُ: الوقت المعين، فتم ميقات ربِّه: وقت وعده بكلامه إياه، وواعد الله سبحانه وتعالى موسى لمناجاة ربه ثلاثين ليلة، ثم زاده في الأجل بعد ذلك عشر ليال، فتمَّ ما وَقَّتَه الله لموسى لتكليمه أربعين ليلة، و "لَمَجْمُوعُونَ إِلَىٰ مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ" ﴿الواقعة 50﴾ لمجموعون إلى ميقات: لوقت، قل لهم أيها الرسول: إن الأولين والآخرين من بني آدم سيُجمَعون في يوم مؤقت بوقت محدد، وهو يوم القيامة، و "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ ۖ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ۗ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَن تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَـٰكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَىٰ ۗ وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" ﴿البقرة 189﴾ مواقيت اسم، مواقيتُ للنَّاس: يعرفون بها أوقات العبادة، هي مواقيت: جمع ميقات، يسألك أصحابك أيها النبي: عن الأهلة وتغيُّر أحوالها، قل لهم: جعل اللهُ الأهلة علامات يعرف بها الناس أوقات عباداتهم المحددة بوقت مثل الصيام والحج، ومعاملاتهم. وليس الخير ما تعودتم عليه في الجاهلية وأول الإسلام من دخول البيوت من ظهورها حين تُحْرِمون بالحج أو العمرة.
جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى "وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَ أَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً" (الاعراف 142). و كلمة (الميقات) مشتقّة من مادة الوقت بمعنى الموعد المضروب للقيام بعمل ما، و يطلق عادة على الزمان، و لكنّه قد يطلق على المكان الذي يجب أن يتمّ العمل فيه، مثل (ميقات الحج) يعني المكان الذي لا يجوز أن يجتازه أحد إلّا محرما. و أمّا أن هذه الأيّام الأربعين صادفت أيّام أي شهر من الشهور الإسلامية، فيستفاد من بعض الرّوايات أنّها بدأت من أوّل شهر ذي القعدة و ختمت باليوم العاشر من شهر ذي الحجة (عيد الأضحى). و قد جاء التعبير بلفظ أربعين ليلة في القرآن الكريم لا أربعين يوما، فالظاهر أنّه لأجل أن مناجاة موسى لربّه كانت تتمّ غالبا في الليالي.
جاء في التفسير الوسيط لمحمد سيد طنطاوي: قوله تعالى "يسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" (البقرة 189) ورد في سبب نزول هذه الآية روايات منها ما أخرجه ابن أبى حاتم عن أبى العالية قال: (بلغنا أن بعض الناس قالوا: يا رسول الله، لم خلقت الأهلة فنزلت). والأهلة: جمع الهلال، وهو الكوكب الذي يبزغ في أول كل شهر، ويسمى هلالا لثلاث ليال أو لسبع ليال من ظهوره، ثم يسمى بعد ذلك قمرا إلى أن يعود من الشهر الثاني. ومن الروايات التي وردت في سبب نزول هذه الآية ما رواه أبو نعيم وابن عساكر عن ابن عباس قال: نزلت في معاذ بن جبل وثعلبة بن غنم قالا: يا رسول الله. ما بال الهلال يبدو أو يطلع دقيقا مثل الخيط ثم يزيد حتى يعظم ويستدير، ثم لا يزال ينقص ويدق حتى يعود كما كان، لا يكون على حال واحد؟ فنزلت. وعلى هذه الرواية يكون الجواب بقوله تعالى: "قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ" (البقرة 189) من قبيل أسلوب الحكيم، وهو إجابة السائل بغير ما يتطلبه سؤاله، بتنزيل سؤاله منزلة غيره، تنبيها له على أن ذلك الغير هو الأولى بالسؤال لأنه هو المهم بالنسبة له. فأنت ترى هنا أن السائلين قد سألوا عن سبب اختلاف الأهلة بالزيادة والنقصان، فأجيبوا ببيان الحكمة من خلقها، فكأنه- سبحانه- يقول لهم: عليكم أن تسألوا عن الحكمة والفائدة من خلق الأهلة لأن هذا هو الأليق بحالكم وهو ما أجبتكم عليه، لا أن تسألوا عن سبب تزايدها في أول الشهر وتناقصها في آخره، لأن هذا من اختصاص علماء الهيئة، وأنتم لستم في حاجة إلى معرفة ذلك في هذا الوقت.
جاء في کتاب مناسك الحجّ وملحقاتها للسيد علي السيستاني: مواقيت الإحرام: هناك أماكن خصّصتها الشريعة الاسلامية المطهّرة للإحرام منها ، ويجب أن يكون الإحرام من تلك الأماكن ، ويسمّى كلّ منها ميقاتاً ، وهي تسعة. المراد بمحاذي الميقات : المكان الذي إذا استقبل فيه الكعبة المعظمة يكون الميقات على يمينه أو شماله بحيث لو جاوز ذلك المكان يتمايل الميقات إلى ورائه ، ويكفي في ذلك الصدق العرفي ولا يعتبر التدقيق العقلي. وإذا كان الشخص يمرّ في طريقه بموضعين يحاذي كلّ منهما ميقاتاً فالأحوط الأولى له اختيار الإحرام عند محاذاة أوّلهما. مكّة، وهي ميقات حجّ التمتّع، وكذا حجّ القِران والإفراد لأهل مكّة والمجاورين بها ـ سواء انتقل فرضهم إلى فرض أهل مكّة أم لا فإنه يجوز لهم الإحرام لحجّ القِران أو الإفراد من مكّة ولا يلزمهم الرجوع إلى سائر المواقيت، وإن كان الأولى لغير النساء الخروج إلى بعض المواقيت كالجعرانة والاحرام منها. والأحوط الأولى الإحرام من مكّة القديمة التي كانت على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله، وإن كان الأظهر جواز الإحرام من المحلاّت المستحدثة بها أيضاً إلاّ ما كان خارجاً من الحرم. المنزل الذي يسكنه المكلّف، وهو ميقات من كان منزله دون الميقات إلى مكّة، فإنه يجوز له الإحرام من منزله، ولا يلزم عليه الرجوع إلى المواقيت. أدنى الحل كالحديبية والجعرانة والتنعيم وهو ميقات العمرة المفردة لمن أراد الإتيان بها بعد الفراغ من حجّ القِران أو الإفراد، بل لكل عمرة مفردة لمن كان بمكة. السؤال: المتواجد في مكّة المكرمة إذا أراد الإتيان بحجّ الإفراد فمن أين يحرم له؟ الجواب: يجوز له الإحرام من مكّة نفسها. السؤال: من أتى بعمرة مفردة في ذي الحجّة ثم خرج من مكّة وعاد اليها وبدا له ان يأتي بحجّ الإفراد ندباً فهل يحرم من مكّة؟ الجواب: يجوز وان كان الاولى ان يخرج إلى بعض المواقيت ويحرم منها. السؤال: هل يصح الإحرام من المحلات المستحدثة في مكّة المكرمة كالشيشة والعزيزية وشارع الستين ونحوها علماً أن بعض هذه المحلات تبعد عن مركز المدينة بما يقارب من عشرين كيلو متراً؟ الجواب: المحلات المستحدثة إذا عدت جزءاً من المدينة المقدسة في العصر الحاضر جاز الإحرام منها على الأظهر إلا ما كان خارجاً منها من الحرم. المراد كون منزله اقرب إلى مكّة من الميقات وان لم يكن اقرب مما يحاذيه.
|