• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الفرق بين أكملت و أتممت ومشتقاتهما في القرآن الكريم (ح 2) .
                          • الكاتب : د . فاضل حسن شريف .

الفرق بين أكملت و أتممت ومشتقاتهما في القرآن الكريم (ح 2)


قال الله تعالى عن كلمة أتممت ومشتقاتها "قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَىٰ أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ ۖ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ ۖ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ ۚ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ" ﴿القصص 27﴾ أَتْمَمْتَ: أَتْمَمْ فعل، تَ ضمير، فإن أتممت عشراً: أي رعي عشر سنين، قال الشيخ لموسى: إني أريد أن أزوِّجك إحدى ابنتيَّ هاتين، على أن تكون أجيرًا لي في رعي ماشيتي ثماني سنين مقابل ذلك، فإن أكملت عشر سنين فإحسان من عندك، وما أريد أن أشق عليك بجعلها عشرا، ستجدني إن شاء الله من الصالحين في حسن الصحبة والوفاء بما قلتُ، فأتمهن: أداهن تامات، و "وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ۖ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ" ﴿البقرة 124﴾ فَأَتَمَّهُنَّ: فَ حرف عطف، أَتَمَّ فعل، هُنَّ ضمير، فَأتَمَهُنَّ: قام بهن على أتم وجه، واذكرأيها النبي حين اختبر الله إبراهيم بما شرع له من تكاليف، فأدَّاها وقام بها خير قيام، و "وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ" ﴿البقرة 150﴾ وَلِأُتِمّ: وَ حرف عطف، لِ لام التعليل، أُتِمَّ فعل، ومن أى مكان خرجت -أيها النبي- فتوجَّه إلى المسجد الحرام، وحيثما كنتم أيها المسلمون، بأي قطر من أقطار الأرض فولُّوا وجوهكم نحو المسجد الحرام؛ لكي لا يكون للناس المخالفين لكم احتجاج عليكم بالمخاصمة والمجادلة، بعد هذا التوجه إليه، إلا أهل الظلم والعناد منهم، فسيظلُّون على جدالهم، فلا تخافوهم وخافوني بامتثال أمري، واجتناب نهيي؛ ولكي أتم نعمتي عليكم باختيار أكمل الشرائع لكم، ولعلكم تهتدون إلى الحق والصواب، و "الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ۖ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ۚ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ" ﴿البقرة 187﴾ ثم أتموا الصيام بالإمساك عن المفطرات إلى دخول الليل.
وردت كلمة أكملت ومشتقاتها في القرآن الكريم: وَلِتُكْمِلُوا، كَامِلَةٌ، كَامِلَيْنِ، أَكْمَلْتُ. جاء في معاني القرآن الكريم: كمل كمال الشيء: حصول ما فيه الغرض منه. فإذا قيل: كمل ذلك، فمعناه: حصل ما هو الغرض منه، وقوله تعالى: "والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين" (البقرة 233) تنبيها أن ذلك غاية ما يتعلق به صلاح الولد. وقوله: "ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة" (النحل 25) تنبيها أنه يحصل لهم كمال العقوبة. وقوله: "تلك عشرة كاملة" (البقرة 196) قيل: إنما ذكر العشرة ووصفها بالكاملة لا ليعلمنا أن السبعة والثلاثة عشرة، بل ليبين أن بحصول صيام العشرة يحصل كمال الصوم القائم مقام الهدي، وقيل: إن وصفه العشرة بالكاملة استطراد في الكلام، وتنبيه على فضيلة له فيما بين علم العدد، وأن العشرة أول عقد ينتهي إليه العدد فيكمل، وما بعده يكون مكررا مما قبله. فالعشرة هي العدد الكامل.

جاء في کتاب التشريع الإسلامي مناهجه و مقاصده للسيد محمد تقي المدرسي: قوله تعالى "ولكنْ يريد ليطهّركم وليتَّم نعمتَه عليكم لعلّكم تشكرون" (المائدة 6). فالحكمة من هذه الواجبات طهارة الإنسان التي هي وسيلة لإتمام النعمة. وبالتالي لشكر المؤمن. وبما أن إتمام النعمة الإلهية تتمثّل في قرُبه من الله تعالى وبما أنَّ الإنسان الطاهر يكون أقرب إلى الله وجبت الطهارة قبل العبادة. من هذه الحكمة نعرف أنّ كل قذرٍ ووسخٍ مكروهٌ عند ربنا، ويبعد الإنسان من ربه، فلا بدّ من تجنبه. وأنَّ كلَّ طهارةٍ محبوبةٌ، كطهارةِ البدن والثوب والبيت والشارع والهواء. وكما ان الجسد القذر لا يناسب العبادة، كذلك الثوب القذر والمحل القذر والهواء الملوّث بالدخان والغبار والغازات المضّرة لا يناسب الإنسان المسلم والمجتمع المسلم. وهكذا جاء استنباط حكم تلوث البيئة من هذه الآية، ومن آياتٍ مشابهة ولكنه بحاجة إلى قلبٍ واعٍ ينفذ إلى حكمة الواجب الشرعي، ويستلهم منها الأحكام الفرعية. وقد جعل الوفاء بالعهد علامة التقوى في عدة آيات مباركات فقال الله سبحانه: "فاتموا اليهم عهدهم إلى مدتهم ان الله يحب المتقين" (التوبة 4). فاتمام العهد إلى تمام المدة دليل التقوى، والله يحب المتقين (فيؤيدهم بنصره). وحين يدعو المؤمن ربه بأن يزيده نورا (وهدى ورحمة) يستغفره فلعل بعض ذنوبه تمنع من اتمام نوره يقول الله سبحانه: "يقولون ربنا اتمم لنا نورنا واغفر لنا" (التحريم 8). وكان الشرع كاملًا حيث قال ربّنا سبحانه: "اليوم أكملتُ لكم دينكم وأتممتُ عليكم نِعمتي ورضيتُ ركُمُ الإسلامَ ديناً" (المائدة 3). وري عن النبي الأكرم صلّى الله عليه وآله: (أيها الناس ما من شيء يقربكم من الجنة ويباعدكم من النار إلّا وقد نهيتُكم عنه وأمرتكم به). الكفار يجهلون أنهم يحملون اوزارهم (ويتحملون مسؤوليات افعالهم كاملة) يوم القيامة، ويحملون اثقالًا من اوزار الضالين بسببهم. قال الله تعالى: "لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَآءَ مَا يَزِرُونَ" (النحل 25). وفي تفسير قوله الله عز وجل: "وليحملوا اوزارهم كاملة يوم القيامة" (النحل 25) قال الامام الباقر عليه السلام: يعني ليستكملوا الكفر يوم القيامة. وقول الله عز وجل: "ومن الذين يضلونهم بغير علم" (النحل 25) يعني كفر الذين يتولونهم. قال الله:"ألا ساء ما يزرون" (النحل 25).
جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: يقول تعالى: "وَواعَدْنا مُوسى‌ ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَ أَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً" (الاعراف 142) و كلمة (الميقات) مشتقّة من مادة الوقت بمعنى الموعد المضروب للقيام‌ بعمل ما، و يطلق عادة على الزمان، و لكنّه قد يطلق على المكان الذي يجب أن يتمّ العمل فيه، مثل (ميقات الحج) يعني المكان الذي لا يجوز أن يجتازه أحد إلّا محرما. لماذا التفكيك بين الثلاثين و العشر؟ إنّ أوّل سؤال يطرح نفسه في مجال الآية الحاضرة، هو: لماذا لم يبيّن مقدار الميقات بلفظ واحد هو الأربعين، بل ذكر أنّه واعده ثلاثين ليلة ثمّ أتمّه بعشر، في حين أنّه تعالى ذكر ذلك الموعد في لفظ واحد هو أربعين في الآية (151) من سورة البقرة. ذكر المفسّرون تفسيرات عديدة لهذا التفكيك، و الذي يبدو أقرب إلى النظر و أكثر انسجاما مع أحاديث أهل البيت عليهم السلام هو أنّه و إن كان الواقع هو أربعين يوما، إلّا أنّه في الحقيقة وعد اللّه موسى في البداية ثلاثين يوما ثمّ مدّده عشرة أيّام أخرى، اختبارا لبني إسرائيل كي يعرف المنافقون في صفوف بني إسرائيل. فقد روي عن الإمام محمّد الباقر عليه السلام أنّه قال: إنّ موسى عليه السلام لما خرج وافدا إلى ربّه واعدهم ثلاثين يوما، فلمّا زاده اللّه على الثلاثين عشرا قال قومه، قد أخلفنا موسى فصنعوا ما صنعوا (من عبادة العجل). و أمّا أن هذه الأيّام الأربعين صادفت أيّام أي شهر من الشهور الإسلامية، فيستفاد من بعض الرّوايات أنّها بدأت من أوّل شهر ذي القعدة و ختمت باليوم العاشر من شهر ذي الحجة (عيد الأضحى). و قد جاء التعبير بلفظ أربعين ليلة في القرآن الكريم لا أربعين يوما، فالظاهر أنّه لأجل أن مناجاة موسى لربّه كانت تتمّ غالبا في الليالي.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=182833
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2023 / 06 / 06
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12