لا يُخْرِجُ (الإيمان) و(العمل الصالح) الإنسان من دائرة الخسران، ولا يدخلانه في دائرة الاستثناء، إلاّ بشرط الحق، وما لم يتحقق هذا الشرط، فلا يخرج (الإيمان) و(العمل الصالح) صاحبهما من دائرة الخسران إلى دائرة الاستثناء والربح. فما أكثر الذين يؤمنون ويعملون، ولم يخرجهم الإيمان والعمل من دائرة الخسران، يعيشون فيها ويموتون فيها.
وقد صحّ عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن أمته ستفترق إلى اثنين وسبعين فرقة، كلهم في النار إلاّ فرقة واحدة. ولا شك أن الفرق الهالكة تؤمن بالله، ولا تخلو من العمل الصالح. . ولكن الإيمان بالله والعمل الصالح وحدهما لا يخرجانهم من دائرة الخسران: ﴿إن الإنسان لفي خسر﴾ ما لم يتحقق في إيمانهم وعملهم شرط (الحق)، وهو سلوك (المنهج الحق)، والصراط المستقيم، في الإيمان والعمل الصالح.
إن للإيمان والعمل الصالح مسالك ومناهج كثيرة، ولكن ليس كل هذه المسالك تؤدي بصاحبها إلى الخروج عن دائرة الخسران إلى دائرة (النجاة). فإن النجاة لا يتم الا من خلال مسلك الحق، من بين هذه المسالك والمناهج جميعاً.
لقد رفع معاوية - بتدبير من وزيره عمرو بن العاص - في معركة صفين، عندما بدأت الدوائر تنقلب عليهم. . رفع معاوية المصاحف وأمر بنداء الناس من جيش علي (عليه السلام) بإننا وإياكم نؤمن بإله واحد، ونصلي صلاة واحدة نتوجه فيها إلى قبلة واحدة، ونعمل بكتاب واحد، فلماذا القتال؟ وهو مغالطة واضحة.
والجواب واضح، وهو ان الإيمان بالله والعمل الصالح وحدهما لا يخرجان صاحبهما عن الضلال، إلاّ اذا استجاب صاحبهما لشرط (الحق) وقبل به. . وكان علي (عليه السلام) في حرب صفين على الحق، ومعاوية على الباطل، وما لم يخرج أصحاب معاوية من طاعة معاوية إلى طاعة علي (عليه السلام) لا يخرجهم الإيمان والعمل الصالح، حتى لو كان صلاةً إلى القبلة، من (دائرة الخسران) إلى دائرة الاستثناء والنجاة.
لقد جعل الله تعالى (الحق) شرطاً للنجاة بالإيمان والعمل الصالح، وجعل للحق معالم في حياة المسلمين، لئلا يضلّوا، وكان علي (عليه السلام) من معالم الحق في أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله).
من كتاب في رحاب القران
|