يبدو ان القائمة العراقية لا زالت تعاني من تفكك في موقف قيادتها وعدم وجود إستراتيجية واضحة في أدائها السياسي وهي القائمة رقم واحد في الانتخابات البرلمانية الأخيرة .. فيوماً بعد يوم يكتشف جمهور القائمة العراقية الأخطاء الجسيمة التي وقع فيها قياداتها وعلى رأسهم زعيمها إياد علاوي، فبعد أن وقعوا في شراك خداع المالكي الذي وقع لهم على بياض من اجل الوصول إلى كرسي السلطة وصدقوه رغم علمهم انه يختلف معهم في الأيدلوجية 180 درجة ويعتبرهم منافسه الأول على السلطة وقد أجاد المالكي اللعبة حيث استغل السلطة التنفيذية في إلجام أعضاء القائمة العراقية حجراً عندما قلب لهم ملفات أمنيّة تدينهم وتكشف ما وراء الكواليس عندما كانوا مناهضين للعملية السياسيّة وما منيت به القائمة العراقية من فضيحة كبيرة عندما هرب إلى خارج العراق احد أهم قياداتها ونائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي وبعد ان بُسطت الوسادة للسيد المالكي نقض عهوده ولم يفِ لهم بما أُلزم نفسه عليه تحت ذريعة ان ما تم الاتفاق عليه مخالف للقانون والدستور.
أمّا الأكراد الساعين دائما إلى تحقيق مصالحهم القومية على حساب مصالح البلد الذي ترعرع فيه آباءهم وأجدادهم ورغم كل الامتيازات التي حصلوا عليها قبل وبعد سقوط النظام لا زالت أطماعهم لا تقف عند حد تخصيص ميزانية تقدر 17%، من ميزانية العراق وتمتعهم بحكم ذاتي فدرالي بل تعدت إلى المطالبة بضم كركوك إلى إقليم كردستان ومحاولاتهم الى التخلص من التزاماتهم تجاه الحكومة الاتحادية, ووجد المالكي في نقطة ضعفهم هذه طريقاً إلى كسب تأييدهم له في تولي منصب رئاسة الوزراء لدورة ثانية وكما فعل بالقائمة العراقية فعل بالأكراد حيث لم يفِ بما وعدهم لأنه كان يخطط إلى نقض العهود مقدماً.
وبالمقابل الطرف الشيعي وهو التيار الصدري كسب تأييدهم المالكي بعد ان وعدهم بالإفراج عن معتقليهم من أفراد جيش المهدي والذي تم إلقاء القبض عليهم وإدانتهم بتهم الإرهاب في صولة الفرسان وأيضاً غض النظر عن الملفات القضائية الكثيرة التي تدين عدد من قياداتهم وعلى رأس هذه التهم قتل نجل المرجع الكبير (مجيد الخوئي)، والمدان بها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر نفسه وكما هو حال القائمة العراقية والأكراد نقض المالكي عهوده مع الصدريين لأنه يعلم جيّداً أنّ الوفاء لهم بوعودهم سوف يجر على حكومته الويلات وسوف تقوى شوكتهم ويعودون لإرهاب الشارع كما فعلو في 2005_2006، وتلاق مصالح الكتل السياسية الثلاث العراقية والأكراد والصدريين واجتمعوا على مجابهة المالكي فإمّا يفي لهم ما وعدهم أو يسحبوا الثقة عنه ويجروا البلاد إلى دوامة الصراع على السلطة من جديد.
إنّ طرفي النزاع الدائر في العراق خلافهم ليس له علاقة بالمصلحة الوطنية أيّاً منهم ينتصر في هذه المنازلة غير الوطنية يعني تقوية شوكة ونفوذ هذا الطرف على الأطراف الأخرى المنافسة، مما يعيد العراق إلى المربع الأول وتصبح السلطة في العراق محط أنظار الطامعين والمعتدين، وبما ان طرفي النزاع ينطلق من منطلق مصالحه الذاتية فان هذه المصالح لابُدَّ في يوم من الأيام أنّ تتقاطع مما يؤدي إلى الخلاف خصوصاً مع وجود تأثيرات خارجية على قرار هذه القوة، ويبدو في الأفق ان القائمة العراقية والأكراد سوف لن يدوم تحالفهم طويلاً بسبب تقاطع المصالح وان الصدريين سوف يخرجوا من هذه المعركة مفلسين بعد أنّ جعلوا التحالف الوطني خلف ظهورهم عندما اتخذوا قرار الحضور في اجتماعات أربيل وما تمخض عن هذه الاجتماعات من قرارات، إنّ الحلول الوسط هي السبيل للخروج من الأزمة فلا غالب ولا مغلوب والشعب العراقي هو من يدفع الثمن.
|