• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ متطلبات استجابة الدعاء (ح 3) .
                          • الكاتب : د . فاضل حسن شريف .

إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ متطلبات استجابة الدعاء (ح 3)


قوله تعالى " وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ" (الانبياء 90) جاء في مدارج السالكين: والفرق بين الرغبة والرهبة، هو: أن الرغبة رجاء خاص؛ فالرجاء طمع، والرغبة طلب، فإذا قوي الطمع صار طلبًا، أما الرهبة فهي: خوف خاص ووَجَلٌ خاص، فالرغبة نوع من الرجاء، وهي: أعلاه، والرهبة نوع من الخوف، وهي: منتهاه، فالرغبة والرهبة كل منهما ملتئم من الرجاء والخوف، والرجاء على الرغبة أغلب، والخوف على الرهبة أغلب. ومن الاعمال الصالحة ادخال الفرح على البنات من الذرية. ومن القصص القرآنية ان زكريا عليه السلام اراد من الله له ولد وكانت زوجته عاقر فوهب الله له ولد لانهما كانوا يسارعون في الخيرات "فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىٰ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ" (الانبياء 90).
قال الله تعالى "ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ" (الاعراف 55) لتضرع: هو التذلل والخضوع، وإظهار المسكنة والضعف. والدعاء بالخفاء أفضل من اظهاره. الدعاءُ مع فعلِ الطاعاتِ من أسباب استجابة الدعوات. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا دَعَوْتُمُ اللَّهَ فَاعْزِمُوا فِي الدُّعَاءِ) اي ادعو الله باصرار. وعن الإمام الصادق عليه السلام قال: (قال الله تعالى: وعزّتي وجلالي وعظمتي وبهائي، إني لأحمي وليي أن أعطيه في دار الدنيا شيئاً يشغله عن ذكري حتى يدعوني فأسمع صوته).
من صفات المتقين المسارعة الى رضا الله منها المغفرة والخيرات "وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ" (ال عمران 133)، و "يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ" (ال عمران 114) (الانبياء 90) (المؤمنون 61). عكس المسارعة الى الكفر والاثم والعدوان "يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ" (ال عمران 176) (المائدة 41)، و "يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ" (المائدة 62)، و "فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ" (المائدة 52). كما ان الله سريع الحساب "اللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ" (ال عمران 19) (ال عمران 199) (المائدة 4) (البقرة 202) (ابراهيم 51) (النور 39) (غافر 17)، و "أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ" (الانعام 62)، و "وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ" (الرعد41).
جاء في تفسير غريب القرآن لفخر الدين الطريحي النجفي: (خشع) "خاشعين" (ال عمران 199) (الانبياء 90) (الشورى 45) متواضعين، و "خشعت الأصوات للرحمن" (طه 108) أي خضعت من شدة الفزع وخفيت فلا تسمع إلا همسا وهو الذكر الخفي، والخشوع أعم. الخضوع، قال تعالى: "والذين هم في صلاتهم خاشعون" (المؤمنون 2) وقال: "خاشعة أبصارهم" (القلم 43) (المعارج 44) و "خشعت الأصوات للرحمن" (طه 108) و "خاشعة أبصارهم" (القلم 43) (المعارج 44) لا يستطيعون النظر من هول ذلك اليوم، والخشوع في الصلاة: خشية القلب والتواضع، وقيل: الخشوع في الصلاة أن ينظر موضع سجوده، قال تعالى: "والذين هم في صلاتهم خاشعون" (المؤمنون 2) قيل: كان النبي صلى الله عليه وآله يرفع بصره إلى السماء فلما نزلت هذه الآية طأطأ رأسه ونظر إلى مصلاه، وقوله: "ترى الأرض خاشعة" (السجدة 39) أي ساكنة مطمئنة.
جاء في موقع طريق الحق عن ادعية الصالحين في القرآن الكريم للكاتب محمد صالح المنجد: إنك تجيب سائليك، إنك تسمع أصواتهم مهما كانت ضعفاً وخفاءً، وأنت تعطي ولا تحرم، لأنك كريم منان، ولذلك لما سأل، وهب الله له يحيى كما قال سبحانه: "فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ" (سورة الأنبياء 90)، فهو أعطاه أكثر مما سأل، أصلح الله زوجته بعدما كانت عاقراً لا يصلح رحمها للولادة، فأصلح الله رحمها للحمل لأجل نبيه ودعائه، فبشرته الملائكة بذلك. ان الله لا يضيع عمل عامل الصالحات ولا ينسى دعاءه ولو بعد حين فكما ان محصول زرع قد تحصده بعد سنة وزرع اخر بعد سنوات فان جزاء العمل ايضا قد يطول لحصاده في الدنيا و يكون حاضرا بعد الممات وفي الاخرة، و ان زكريا عليه السلام واهله استجاب دعوتهم بيحيى عليه السلام لانهم يسارعون في الخيرات ويدعون الله تعالى "فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ" (الانبياء 90). اما محمد واله عليهم السلام فهم اكثر الخليقة مسارعين في الخيرات والدعوات فكانوا هم اهل الخيرات وببركاتهم يستجيب الله دعوات العباد ومن هؤلاء الال الحسين واخيه العباس وابنه السجاد عليهم السلام الذين يحتفلوا بميلادهم هذه الايام.
عن كتاب فقه الاخلاق للسيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر قدس سره: من نتائج العجب والتواضع: لئن كان العجب صفةً مذمومة، فإنَّ العبادة مع وجوده تقع مذمومةً أيضاً أخلاقياً، وإن لم تكن باطلةً فقهياً. أو قل هو ما يسمى بقلة الثواب، أو لا ثواب عليها على الإطلاق. وخاصةً إذا اقترن العجب بالذات إلى العجب بالعبادة نفسها، وأياً منهما اقترن بالعبادة كان مذموماً. ولئن كان التواضع ونكران الذات صفةً محمودةً لنفسه، فإنَّ العبادة تكون محمودةً معه أكثر مما هي عليه بصفتها العبادية. وخاصةً إذا اقترن التواضع في الذات إلى التواضع في العبادة نفسها، وعدم الشعور بأهميتها تجاه الله سبحانه. وهذا المعنى مما يزيد الخشوع والخضوع والتضرع للفرد في عباداته المستحبة والواجبة معاً. بخلاف العجب فإنه يكون سبباً أكيداً لقلة أو سلب هذه الصفات المهمة. وأما من حيث المحتوى الداخلي للإنسان، فلا شكَّ أنَّ العجب سببٌ للغلظة والقسوة والظلمانية في القلب والنفس. بخلاف التواضع، فإنه سببٌ للرقة والنورانية في القلب والنفس. والعكس أيضاً صحيح، فإنَّ الرقة سببٌ للتواضع، كما إنَّ القسوة سببٌ للعجب، وليس في هذا التقابل في السببية محذورٌ الدور، باعتبار تعدد المراتب المتصاعدة في كلا الإتجاهين. قد يكون الخشوع في كلِّ أحوال المؤمن أو في غالب أوقاته. قال الله عزَّ وجلَّ عن الزمرة الصالحة من عباده: "وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ" (الانبياء 90). وقال في الدعاء: اللهمَّ إني أسألك خشوع الإيمان قبل خشوع الذلِّ في النار. والخشوع ليس حالةً جسدية. وإن كانت قد تدلُّ حالة الجسد عليه، إلا أنَّ حالة الجسد قد تخلو من الإخلاص، والعياذ بالله. وأما الحالة القلبية، أو الخشوع حين يكون قلبياً، فلا يكون إلا مخلصاً لتعذر اطلاع الآخرين عليه، فلا يمكن أن يحمل الرياء إطلاقاً. فإن خشعت معه الجوارح أو الجسد، كان خشوعها مخلصاً أيضاً. وإلا أمكن الإكتفاء بالخشوع القلبي. ومن هنا قلنا: إنَّ الخشوع قابلٌ للإستمرار أو التكرر كثيراً في كلِّ عملٍ صالح، لأنَّ خشوع الجسد مؤقتٌ بطبيعة تكوينه، ومن الصعب جداً أن يستمر، مادام الفرد مسؤولاً عن حياته الدنيا، وأما خشوع القلب فهو قابلٌ للتكرار والإستمرار، مع حسن التوفيق الإلهي. خذ إليك مثلاً: عبد ذليل في قصرٍ جليل، فهو يشعر بالخشوع دائماً كلما تجوَّل في أنحاء القصر وتذكر صاحبه. وهذا الإلتفات كثيراً ما يحصل عادةً، لوجوده بين يدي صاحب القصر، وكلُّ ما في القصر يدلُّ على أهميته وعظمته.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=181818
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2023 / 05 / 10
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12