• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ .
                          • الكاتب : د . فاضل حسن شريف .

إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ


جاء في تفسير الميزان للعلامة السيدالطباطبائي: مدح الله تبارك وتعالى بيت زكريا بقوله "إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً وَكانُوا لَنا خاشِعِينَ" (الانبياء 90) وهم يحيى وأبوه وأمه. قوله تعالى "وقال ربكم ادعوني أستجب لكم ان الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين" (المؤمنون 60)، والآية تدعو إلى الدعاء وتعد بالاجابة وتزيد على ذلك حيث تسمي الدعاء عبادة بقولها: "عن عبادتي" (المؤمنون 60) أي عن دعائي، بل تجعل مطلق العبادة دعاء حيث انها تشتمل الوعيد على ترك الدعاء بالنار والوعيد بالنار انما هو على ترك العبادة رأسا لا على ترك بعض اقسامه دون بعض فأصل العبادة دعاء فافهم ذلك. وبذلك يظهر معنى آيات اخر من هذا الباب كقوله تعالى : "فأدعوا الله مخلصين له الدين" (المؤمنون 14)، وقوله تعالى: "وادعوه خوفا وطمعا ان رحمة الله قريب من المحسنين" (الاعراف 56)، وقوله تعالى: "ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين" (الانبياء 90)، وقوله تعالى: "ادعوا ربكم تضرعا وخفية انه لا يحب المعتدين" (الاعراف 55) وقوله تعالى: "إذ نادى ربه نداء خفيا ، إلى قوله ، ولم أك بدعائك ربي شقيا" (مريم 4)، وقوله تعالى: "ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله" (الشورى 26)، إلى غير ذلك من الآيات المناسبة، وهي تشتمل على اركان الدعاء وآداب الداعي، وعمدتها الاخلاص في دعائه تعالى وهو مواطات القلب اللسان والانقطاع عن كل سبب دون الله والتعلق به تعالى، ويلحق به الخوف والطمع والرغبة والرهبة والخشوع والتضرع والاصرار والذكر وصالح العمل والايمان وأدب الحضور وغير ذلك مما تشتمل عليه الروايات. قوله تعالى: "فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي" (البقرة 186)، تفريع على ما يدل عليه الجملة السابقة عليه بالالتزام: ان الله تعالى قريب من عباده، لا يحول بينه وبين دعائهم شيء ، وهو ذو عناية بهم وبما يسئلونه منه ، فهو يدعوهم إلى دعائه، وصفته هذه الصفة، فليستجيبوا له في هذه الدعوة، وليقبلوا إليه، وليؤمنوا به في هذا النعت، وليوقنوا بأنه قريب مجيب لعلهم يرشدون في دعائه.
عن تفسير غريب القرآن لفخر الدين الطريحي النجفي: (رهب) "استرهبوهم" (الاعراف 115) خافوهم من الرهبة الخوف، و "ترهبون به" (الانفال 61) تخيفون، و "الرهبان" (التوبة 35) جمع راهب وهو الذي يظهر عليه لباس الخشية وقد كثر استعمال الراهب في متنسكي النصارى. وجمع الرهبان رهابين ورهبانية، والرهبنة فعله أو فعلل. وال‌ "رهبانية" (الحديد 27) ترهبهم في الجبال والصوامع وانفرادهم عن الجماعة للعبادة ومعناها الفعلة المنسوبة إلى الراهب وهو الخائف و "رهبانية ابتدعوها" (الحديد 27) أي أحدثوها من عند أنفسهم ونذروها "ما كتبناها عليهم" (الحديد 27) أي لم نفرضها عليهم ولكنهم ابتدعوها "ابتغاء رضوان الله" (الحديد 27) فهو استثناء منقطع "فما رعوها حق رعايتها" (الحديد 27) كما يجب على الناذر رعاية نذره لأنه عهد من الله لا يحل نكثه، و "فارهبون" (البقرة 40) (النحل 51) خافوني وإنما حذفت الياء لأنها في رأس الآية، ورؤس الآيات ينوى الوقف عليها والوقوف على الياء مستثقل فاستغنوا بالكسرة عنها، و "واضمم إليك جناحك من الرهب" (القصص 32) أي من الخوف، وقيل "الرهب" (القصص 32) الكم يقال: وضعته في رهبي أي في كمي.
عنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسَى، عَمَّنْ‏ حَدَّثَهُ، أنَّهُ قال للامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام و هو يسأله. قُلْتُ: آيَتَانِ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ أَطْلُبُهُمَا وَ لَا أَجِدُهُمَا؟ قَالَ عليه السلام: (وَ مَا هُمَا؟) قُلْتُ: قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَ:‏ "ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ" (غافر 60) فَنَدْعُوهُ وَ لَا نَرَى إِجَابَةً؟ قَالَ عليه السلام: (أ فَتَرَى اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَخْلَفَ وَعْدَهُ)؟ قُلْتُ: لَا. قَالَ: (فَمِمَّ ذَلِكَ؟). قُلْتُ: لَا أَدْرِي. قَالَ عليه السلام: (َكِنِّي أُخْبِرُكَ، مَنْ أَطَاعَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ فِيمَا أَمَرَهُ ثُمَّ دَعَاهُ مِنْ جِهَةِ الدُّعَاءِ أَجَابَهُ). قُلْتُ: وَ مَا جِهَةُ الدُّعَاءِ؟ قَالَ: (تَبْدَأُ فَتَحْمَدُ اللَّهَ وَ تَذْكُرُ نِعَمَهُ عِنْدَكَ، ثُمَّ تَشْكُرُهُ، ثُمَّ تُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله، ثُمَّ تَذْكُرُ ذُنُوبَكَ فَتُقِرُّ بِهَا، ثُمَّ تَسْتَغْفِرُ مِنْهَا، فَهَذَا جِهَةُ الدُّعَاءِ).
وجاء في الحديث (لا رهبانية في الإسلام). والله جل جلاله هو الوحيد صاحب الرهبة، والمطلوب من عباده الإخلاص في طاعته. قال الله عز وجل "وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَٰهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ" (النحل 51)، و "وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا" (الأنبياء 90).




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=181766
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2023 / 05 / 09
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12