• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : البقيع / ٢ .
                          • الكاتب : يحيى غالي ياسين .

البقيع / ٢

النقاش في موضوع بناء وتشييد مراقد ائمة أهل البيت ؏ مع المعترضين على هذا البناء يقع ضمن جهتين : فقهية وعقائدية ..

أمّا الفقهية : فإنها وفي أعلى درجات نقاشها وخلافها لا تعدو عن كونها إختلافاً في وجهات نظر فقهية وإجتهادية كسائر آلاف المسائل والأحكام الشرعية المُختلَف عليها بين مذاهب المسلمين ، لأنها خاضعة لميزان المنهج والصناعة الفقهية المتّبعة عند كل مذهب وقواعد استنباط الفروع من أصولها وأدّلتها المقررة لديه .. فتختلف المذاهب فيما بينها في الكثير من أحكام الصلاة والصيام والحج والزكاة .. بل في إطار المذهب الواحد تتكثر هذه الإختلافات والآراء الفقهية ، فلا خصوصية لمسألة البناء على القبور - كمسألة خلافية - لتكون نقطة فارقة عن غيرها ..

وأما الجهة العقائدية ، فعبارة عن مجموعة من الإتهامات يوجهها الطرف المعترض على الطرف الآخر تدور مدار الكفر والشرك والغلوّ ، والتي طالما دافع الطرف المُتهم عن نفسه بأنواع الدفوعات وبرّء ساحته منها وبيّن وحلّ لغز جميع الإشكاليات ولم يفلح ..! ، رغم أنّ الإسلام يكتفي بالحكم على إيمان الشخص وصحة عقيدته بظاهر قوله وعمله ولا يدقق فيما أنطوت عليه سريرته .. قال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا .. ) النساء ٩٤

ولهذا فإن المسألة أبعد من كونها خلافات فقهية أو عقائدية وإنما في جوهرها تحكمها عُقد نفسية وتاريخية وسياسية قد بَذَرتها السقيفة وسقتها أحقاد وممارسات أموية وعباسية ومَن على شاكلتهم حتى يومنا هذا ..

وما يدلّ على أن الموضوع غير خاضع لقواعد الخلاف الفقهية والعقائدية هو التركيز على مدرسة أهل البيت دون غيرها من المدارس والمذاهب الأخرى ، فالحنفية والمالكية وأصحاب الطريقة القادرية وغيرهم يقدّسون قبور اوليائهم ويتبركون بها ولها أبنية عامرة وشامخة ومعروفة .. فلم نسمع أحداً قد أتهمهم بالكفر أو الزندقة كما ولم يُبيحوا قتلهم وسبي نسائهم ..!!

ومما يدلّ أيضاً على عدم العلمية والموضوعية في النقد والإتّهام هو تغافلهم عن الردود والأدّلة المقدّمة لهم ، وفي أحسن الحالات فإنهم لا يأخذوها منّا على محمل الجدّ ويعتبرونها نوع تقية أو تورية وأنها لا تعبّر عن حقيقة الأمر ..! بل يتبرّعون من عندهم بوضع تحليلات وتفسيرات تنسجم ورغبتهم بإلصاق التهم التي يريدون قذفنا بها.. وبهذا يصبح النقاش عقيماً وليس مجديّا ..

فإذا لم تُشخّص الأسباب الحقيقية لا يمكن الوصول إلى حلول ناجعة في هذا الأمر ، فما دام الآخر قد حَكَمَ على نفسه بإتّباع السلف ، وتاريخ علاقة السلف بأهل البيت وشيعتهم بين أيدينا ، فالقضية محسومة اذن ، قال تعالى ( وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا ۗ قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ ۖ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) الأعراف ٢٨ .. يتبع




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=181286
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2023 / 04 / 25
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13