• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : العائدُ من المنفى .. الجالسُ في المقهى .
                          • الكاتب : د . عبد الجبار هاني .

العائدُ من المنفى .. الجالسُ في المقهى

 قال رجلٌ عادَ من المنفى 
يجلسُ في مقهى -
للرجل الجالس في المقهى :
ما زلتُ أتذكّرُ هذا الشارع 
الذي يُحدّقُ فينا الآن !
أو نُحدّق نحنُ فيه ..
ما زلت أحفظُ تفاصيلهُ 
التي غادرتُها 
مُنذُ عام ألف 
وتسعمائة 
وتسعين  
ما زلتُ أحفظها                                                                    
 كما أحفظُ الأبجديّة 
وها نحن في العام 
الثامن من الألفيّة الثالثة
والشارع ذاتُ الشارع 
وتفاصيله التي غادرتُها :
الحواجزُ .. وما إليها 
والأرصفةُ                                                                             
والعابرون عليها
ذاتُ الحواجز 
والأرصفة
والعابرين
والمقهى ذاتُ المقهى 
غير أنّ جداريّةُ أخرى هنا 
وإطار آخر هناك 
ولافتات أخرى 
في الواجهة
مع ذلك 
فالأطارُ ذات الأطار 
بوجوه وملامح أخرى 
واللافتاتُ ذاتُ اللافتات  
بصيغ أخرى 
تُناسبُ الوقت 
وما تطرحهُ الأعاصيرُ 
فوق الجدران 
أو في سلّة المهملات 
بعد اثنين وثلاثين عاما
الزمان هو الزمان 
والمكان هو المكان   
 ورائحةُ الرطوبة 
والغبار .. ذاتُ الرائحة 
وحُزيرانُ ذاتُ حُزيران 
الذي يُداهمُ البيوت
بالرطوبة والبعوض 
والمساءُ ذات المساء 
الذي يمُرُّ على الغُرباء
والغريبُ ذات الغريب 
الذي ينزوي للغريب 
والشئُ ذاتُ الشئ 
الذي يميلُ الى مثله 
والعابرون ..
أقدامُهم ذاتُ أقدامهم 
أيّامُهم ذاتُ أيّامهم 
يأكُلون الطعام المُعدّ 
لهم سلفا 
فوق الأرصفة 
ويشربون العصير المُعدّ
لهم سلفا ..
في الغروب يعودون 
الى أوكارهم 
وحين يحاصرهم 
في الليل النُّعاس 
ينامون 
ولا تلامسُ الأحلامُ 
أسرّتهم !
وشئٌ ما 
يُقلّبُهم ذات اليمين 
وذات اليسار
 
والعائدُ .. قبل سنين 
ذاتُ الجالس في المقهى 
.......
يشربُ قهوته المُرّة 
يسألُ عابرا فوق الرصيف :
ماذا تُريد ؟ 
ويجيبه الرصيف :
هو لا يعرفُ  ما يُريد 
ولكنني أعرفُ 
أنّك تعرفُ ما تُريد 
 
 
 
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=18026
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 06 / 03
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 14