• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : (كربلاء هي كربلاء)2   .
                          • الكاتب : علي حسين الخباز .

(كربلاء هي كربلاء)2  

 (من ذكريات أقدم مدرس للتاريخ في كربلاء الأستاذ عبد الرزاق الحكيم رحمه الله) 
 البحث عن كربلاء مع مدرس مختص بالتأريخ يحتاج إلى مثول كامل أمام قدسية هذه المدينة وتاريخها العريق، وأضطر أحيانا لإعادة السؤال لكن بهيئات متعددة 
-قلت للأستاذ عبد الرزاق الحكيم، نحن نسمع ونقرأ أسماء القرى التي تكوّن كربلاء، لكننا نجهل مكاناتها اليوم بالتحديد، مثلا أين تقع نينوى على خارطة اليوم، أجابني بكل هدوء كوننا لسنا في لقاء صحفي أو محاورة، إنما في حديث يومي عابر. 
- إن نينوى كانت قرية عامرة في العصور الغابرة، تقع شمال شرقي كربلاء وهي الآن سلسلة تلال أتربة ممتدة من جنوب سدة الهندية حتى مصب نهر العلقمي في الأهوار، وتعرف بتلال نينوى ومنها الغاضرية وهي الأراضي المنبسطة التي كانت مزرعة بني أسد، قلت أستاذ أبو ثامر أنا أريد أن أعرف مكانها اليوم وأسماء تلك الأماكن؟ أجابني بهدوء العارف المتمكن 
- اسمعني أستاذ علي، الموضوع كبير وضِّح لي أي قرية تريد موقعها الحالي انا أجيبك عنها: 
ـ مثلا الغاضرية: 
ـ قلت لك كانت مزرعة لبني أسد أما اليوم فهي تقع  في الشمال الشرقي من مقام أو شريعة الإمام الصادق عليه السلام، على العلقمي وتعرف بأراضي الحسينية، والنواويس تقع في أراضي تسمى اليوم  الجمالية، وكانت مقبرة  للأنباط والمسيحين وقيل أنها كانت قرية عظيمة وهي الآن مرقد الحر بن يزيد الرياحي 
- سألته أين ورد أسم النواويس فقد ذكرها الحسين عليه السلام. 
- أجابني وردت في كتاب من لا يحضره الفقيه وعن لسان الصادق عليه السلام والحموي قال النواويس والقبور معنى واحد 
سألته عن معنى الحير وموقعه، أجابني 
- الحير هي الأراضي المنخفضة والتي تضم موضع قبر الحسين عليه السلام، والحائر هي البقعة الشريفة التي حار الماء حولها في عهد المتوكل العباسي، كانت أرض فسيحة محدودة بسلسلة تلال وكأنها تشكل نصف دائرة موقعها خلف مرقد العباس عليه السلام، ولهذا سميت بالطف كونها تقع على جانب نهر العلقمي، قال لي الأستاذ عبد الرزاق الحكيم رحمه الله -- كانت بعض المناطق لها أكثر من عنوان وكانت بعض العناوين متقاربة عن بعض، العيون مثلا كانت هناك عناوين كثيرة لها عين ماء جارية الصيدج والقطقطانية والرهيمية 
 أخذ برهة استراحة ثم قال لي سأروي لك قصة ملك فارسي يدعى سابور، قال عنه المؤرخ المسعودي في كتابه مروج الذهب أن سابور ولد ملكا على امبراطورية الساسانين لأنه توج ملكا وهو في بطن أمه، لما كبر استرد أجزاء واسعة من مملكته وتوجه نحو العراق، استطاع سابور تأمين المناطق الجنوبية من الامبراطورية وخلع اكتاف العرب فسمي سابور ذو الأكتاف 
حفر سابور هذا خندقا طويلا مر جزء منه في كربلاء لصد هجمات أعداءه، وكان لهذا الخندق وظيفة إروائية كانت صدر وقناة سابور تمر في شرق وادي الطار في كربلاء بمسافة بعيدة، ويعتقد البعض أن منه نهر العلقمي، والخندق على طريق عين التمر وهذه العيون كانت عبارة عن مسالح سأذكر لك بعض منها 
مثلا هل سمعت أو قرأت يوما عن بئر (شفية)؟ 
هل سمعت بها، أو قرأت عنها؟ 
- ليس لدي سوى الانصات، ولا أملك إلا أن أهز براسي إعجابا بما يقول وكأني أخبره بحسن متابعتي للموضوع، فقال بئر حفرتها بنو أسد بالقرب من كربلاء وأنشأت عليه قرية مر بها الحسين عليه السلام وهي الغاضرية، 
ويقال أن هناك قرية بعنوان الشفية ويرى بعض المؤرخين أن لها عنوان ثانٍ هو العقر، وأيام صفين قال الإمام علي عليه السلام أن لهذه الأرض شأنا عظيما فهنا محط ركابهم وها هنا مهراق دمائهم، فسألوه القصد فأجاب (ثقل لآل محمد ينزلون هنا) قلت أستاذ أبو ثامر الآن تبين لنا أن كربلاء لها اسماء وعناوين كثيرة، أجابني بعد نفس عميق أنها أسماء وردت في التأريخ 
 مثلا ياقوت في كتابه معجم البلدان قال عنها كربلاء بتفسيراتها العديدة، والدكتور عبد الجواد الكليدار قال أنها كربلاء والغاضرية ونينوى، وعمورا، وشاطىء الفرات، ووردت أنها باسم النواويس / طف الفرات / مشهد الحسين / الحائر، وذكر صاحب دبستان المذاهب أن كربلاء كانت تحوي بيوت ومعابد المجوس (مه بارسور علم) أي المكان المقدس، وهناك قرى كثيرة كانت أيام الحسين عليه السلام عموريا / ماريه / صفورا، قلت تبين لي أن أهل كربلاء هم ناس يعملون بالزراعة لكثرة العيون التي كانت منتشرة في ربوعها: 
ـ أخذت كربلاء تزهر على عهد الكلدانين والتنوخيين واللخميين والمناذرة يوم كانت الحيرة عاصمة ملكهم، وعين التمر البلدة العامرة ومن حولها قراها والتي من ضمنها شفاثا 
وممكن أن الخص لك القول، كربلاء هي أُم لقرى عديدة تقع بين بادية الشام وشاطئ الفرات. 
ويحدّثنا التاريخ أنها كانت من أمهات مدن بين النهرين الواقعة على ضفاف نهر بالاكوباس - الفرات القديم - وعلى أرضها معبد للعبادة والصلاة كما يستدل من الأسماء التي عرفت بها قديماً. وقد كثرت حولها المقابر كما عثر على جثث الموتى داخل أواني خزفية يعود تاريخها إلى قبل العهد المسيحي. تجسد لنا المكانة الرفيعة التي منيت بها هذه البقعة المقدّسة والمنزلة السامية التي حظيت بها بين بلدان العالم. 
 أحسست أن الأستاذ عبد الرزاق تعب ولا بد أن يرتاح وأنا لي عودة اخرى معه




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=179211
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2023 / 03 / 11
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13