لاشك أن الجميع مشغول ألآن بما ستؤول اليه ألأزمة السياسية الحالية وماهي السبل الكفيلة للخروج منها بأقل الخسائر ؟
لو تفحصنا ألأمر وخضنا في ماهيّة هذه ألأزمة فهل سنجدها تمت للحقيقة بصلة ما ؟ أو أنها غير ذلك ، بكل تأكيد فأن ألأزمة السياسية الحالية لاتمت للحقيقة بأية صلة كانت لأنها أصبحت مكشوفة للجميع ففي كل فترة نرى ان هذه ألأزمة تعود للساحة ومن ثم تتلاشى ، لذا فهي أزمة مفتعلة يروّج لها البعض من أجل حسبات معينة ، وقد تكون لتغطية مجموعة من الاخفاقات التي تعصف بمروّجي ألأزمة أو لتحقيق مكاسب سياسية من خلال افتعالها أو ليبيّنوا للمواطن العراقي أنهم يحرصون عليه ويخشون على مصالحه ويسهرون الليل من أجل أمنه وسلامته .
نتيجة لما افرزته العملية الانتخابية فأن كافة المناصب السياديّة والخدميّة ترتبط بالكتل والاحزاب التي شاركت في الانتخابات وحققت نتائج متقدمة فيها وبالتالي فأن الجميع يرتبط بمجلس النواب وهذا يعني أن الكتل والاحزاب هي التي تتحمل مسؤولية كافة الاخفاقات الحالية والاخفاقات التي ستظهر لاحقا لذا فأن علاج ألأزمة لايتم من خلال سحب الثقة عن رئيس الحكومة حيث أن النظام البرلماني لايسمح لرئيس الحكومة أن يعمل بمفرده بل يكون عمله من خلال البرلمان الذي يمتلك الصلاحيات المطلقة للموافقة على قرارات الحكومة أو رفضها أو تعديلها .
مانحتاجه ألان هو يتعلق بالكتل والاحزاب التي يتوجب عليها في هذه المرحلة أن تعمل بنكران ذات كي ترى ألأمور في شكلها الطبيعي دون تزويق أو رتوش وأن تقوم بمحاسبة كل اعضائها خصوصا الذين سجّلوا ارقاما قياسيّة في الغياب عن حضور جلسات البرلمان .
العراق لايحتاج لسحب الثقة عن رئيس الحكومة بل يحتاج الى تقويم العمل الحكومي المترهل لعدة اسباب منها :
1 . عدم متابعة عدد كبير من الوزراء للتشكيلات المرتبطة بوزاراتهم وترك ذلك للمدير العام لكل تشكيل والذي يكتفي في الجلوس في مكتبه من لحظة وصوله حتى وقت مغادرته وفي بعض الاحيان يقوم بجولة تفتيشية داخل الدائرة التي يديرها مصطحبا معه افراد حمايته الذين يقومون بأبعاد الجميع عنه وهذا ألأمر موجود ألآن في معظم مؤوسسات الدولة ومن الطبيعي جدا أن يكون الاخفاق هو السمة ألأبرز في تلك المؤوسسات .
2 . عد م وضع ضوابط صارمة من قبل كافة الوزرات حول مسألة ألأنفاق المالي غير المبرر من قبل التشكيلات المرتبطة بها والذي يؤدي الى ضياع ميزانية الدولة بشكل غريب وعجيب وألأمثلة على ذلك كثيرة جدا وأولها المكاتب الخاصة بعدد كبير من المدراء العامين والتي يُنفق عليها ملايين الدنانير ناهيك عن تغيّرها بشكل متكرر علاوة على الملصقات التي تملأ جدران مؤوسسات الدولة ومنها ملصقات خاصة بمنع التدخين وملصقات خاصة بأرقام هواتف المفتش العام والشكاوى والخط الساخن وكلها لاتجدي نفعا عند الضرورة لكنها تكلف اموالا طائلة من الممكن الاستفادة منها في امور جوهرية ، والمفارقة الغريبة هي ان وزارة المالية لاتحرك ساكنا ازاء هذا ألأمر لكنها تمتنع عن اطلاق التخصيصات المالية الخاصة بالتعينات التي هي احوج شيء للمواطن الذي لايملك عملا ثابتا يعيش من خلاله هو وافراد عائلته .
3 . عدم وجود المسؤول الذي يستمع لهموم المواطنين بجديّة من اجل تذليلها وغالبا مايلجأ المواطن الى المدير العام الفلاني او الوزير لطرح مشكلته لكنه لايحصل على شيء سوى عبارة موافق وحسب الضوابط وعندما بذهب المواطن الى الجهة المعنية يتفاجىء بعدم وجود الضوابط او انها لاتنطبق عليه مما ادى الى حدوث فجوة كبيرة جدا بين المواطن والمسؤول .
4 . عدم وضع آلية خاصة بتنظيم عمل دوائر الدولة التي أصبحت عبئا ثقيلا على الجميع نتيجة التأخير في انجاز الاعمال المناطة بها وهناك بعض المعاملات لاتتطلب سوى فترة زمنية قصيرة جدا لغرض انجازها لكن المواطن يعاني مايعانيه خلال مراجعات مستمرة من اجل انجاز تلك المعاملة وهذا ألأمر لايحتاج الى برهان وبأمكان أي شخص أن يسرد عدة قصص عن معاناته خلال مراجعته لدائرة ما .
تلك ألأمور هي من أهم اسباب ترهل العمل الحكومي ، تلك ألأمور لايمكن معالجتها من خلال سحب الثقة عن رئيس الوزراء بل تتطلب جلسة مصارحة ومكاشفة من قبل الكتل السياسية للوقوف على تلك السلبيات التي يعاني منها البلد .
على الكتل والاحزاب ان تبتعد مستقبلا عن افتعال أزمات وتطالب من خلالها بسحب الثقة عن رئيس الوزراء لأن هذا لايصب في خدمة الصالح العام ، واذا كان البعض يتخوف من عودة الدكتاتورية فأن الدكتاتورية لاتعود مادامت صناديق الاقتراع هي الفيصل بين الجميع ، والله ولي التوفيق . |