الحدث الروائي يضع نفسه في المواجهة الصريحة , في كشف عورات وعيوب المجتمع تجاه المسحوقين والمهمشين في المجتمع , فقراء العشوائيات الذين يعيشون على هامش الحياة بالسخرية والاستهجان والاستغلال , وحياتهم معرضة الى شتى أنواع الانتهاك والظلم والحرمان ببساطة تامة , دون سؤال ومساءلة , هذه الفئة المظلومة من المجتمع في الأخص في عاداته وتقاليده تكون القاسية عليهم ذو حدين . وتميز المتن الروائي في عرض الصورة الفعلية لنيران المجتمع تجاههم , برع الأديب طارق الكناني غن يقدم , في الفن الروائي السردي وتقنياته الحديثة في الابتكار , أن يطرح جملة من المفاهيم بما يخص هذه الشريحة المهشمة بالرؤية الفكرية الهادفة والرصينة . أن يضع حروفه السردية على جرح العلة . وكذلك كشف واقع المرأة في مجتمع يمتلك ازدواجية المعايير , التساهل مع الرجل , والصرامة القاسية مع المرأة , تأخذ حصتها الكاملة في الظلم والانتهاك ومسخ حقوقها , أي واقع المرأة تقع ضحية في معايير المجتمع الاجتماعية , واستغلالها لتكون سلعة لشهوة والمتعة الجنسية , وكذلك الازدواجية في مفاهيم الدين , هذه المشاكل لا يمكن حجبها , كما يحجب ضياء الشمس بالغربال , فأن اطروحات المرجعية للحدث السردي الروائي تكشف في خطابها , حقيقة مرايا المجتمع في عاداته وتقاليده المجحفة في الواقع الاجتماعي الذي يميل الى التزييف وازدواجية المعايير , وكذلك الواقع السياسي في التحزب والتعصب الحزبي . ولكن الشيء المضيء في الحبكة السردية , يسلط الضوء على الارادة والعزيمة والاصرار , هي القوة الفعلية في المواصلة الى الهدف المنشود للسعي الى بر الامان , وتمزيق الصعاب والمعوقات في الوصول الى المرام . تكشف احداث الروائية هذه الخصال الإيجابية , في طريقة روائية تتجاوز الأطر التقليدية في المنظور الروائي في الطرح . حتى يدلل بالبرهان الساطع , بأن لابد من تغيير وتبديل المفاهيم الاجتماعية الخاطئة , ولابد أن تتخلص المفاهيم الدينية من الشوائب والعيوب التي لا تخدم انسانية الدين . في التعاطي بازدواجية المعايير . ان الحدث السردي بتقنياته الحديثة يشد اهتمام القارئ بتلهف ويثير في ذهنه جملة من التساؤلات في المفاهيم العامة , ويدرك ان لابد من إصلاح المجتمع من عيوبه , يملك الاديب براعة ابداعية في الطرح الفكري , بأسلوب السرد داخل السرد. أي أن هناك صوتين في التقنية السردية الحديثة , صوت الكاتب الذي وجد في دفتر اليوميات في الصندوق لبيت تعرض الى الحرق والنيران , ولم يبق منه سوى الصندوق اليوميات , والصوت الثاني وهو الطاغي في سرد الأحداث بما جاء من تدوين في دفتر المذكرات ( يوميات مجاري ) وكلمة مجاري تطلق على الشخص الذي يقوم بكراء حيواناته لنقل البضائع , وجرت العادة في مناداة ( ابن المجاري ) وعلى زملائه ( المجارية ) للاستخفاف والإهانة والتحقير , أي أنها شتيمة ومسبة , رغم أنها مصدر رزق للفقراء المسحوقين في المدينة .
|