جدل أصبح يأخذ اشكال المزايدات الاعلانية أو الدعاية لدى الكثير من السياسيين الذين كانوا هم أنفسهم ممن رفعوا اياديهم بالموافقة على رفع سعر الصرف قبل إقرار الموازنة وحينها.
قرار البنك المركزي برفع قيمة الدولار لمعدل 1450 دينار، أصبح قانون ولا يمكن تغييره ألا بقانون وقانون إقرار موازنة 2021 التي ايضاً صادقت على هذا المعدل ألزم الجميع في التعامل على أساسه لنهاية العام 2021.
فبالتي أصبح ملزم ويتم التعامل به.
ونحن مقبلين على إقرار موازنة 2023 ننتظر مالذي ستقرره قراءات هذه الموازنة واي سعر لقيمة الدينار امام الدولار, حينها سيكون لحوارنا اتجاه اخر.
الأسباب التي أدت الى هذا الارتفاع الذي ارعب السوق المحلية والمواطنين؟
يمكننا تصنيف الأسباب التي أوصلت سعر التغيير للدولار امام الدينار العراقي تصعد الى معدلات تجاوزت ال 1660 دينار للدولار, منها السياسية بحكم تأثير العقوبات على الجارة ايران وعملية التبادل التجاري وغيره بين العراق وايران وشبهات تهريب الأموال (الدولار).
الجانب الاخر وهو برأينا يأخذ حيز مهم من هذه المشكلة التي نبتعد عن تسميتها ازم بقدر ما هي جريمة اقتصادية – البنك المركزي وفرضه آلية ضخ النقد الأجنبي عبر بوابة نافذة بيع العملة لعدد من المصارف الاهلية التي إدارة البنك فرضة انهم مؤهلين للتعامل بالدولار بشكل سليم – اضطر فيها التاجر العراقي بحكم تعقيدات عملية التحويلات المالية خلال المصارف الحكومية اللجوء للمصارف الاهلية والصيرفات في بعض الأحيان لغرض التحويلات المالية التي اخذت مديات غير منضبطة جعلت منها بوابات تهريب وتبيض أموال النقد الأجنبي بمعدلات مخيفة سجلتها تقارير الوكالات المختصة والتي أبلغت الحكومات العراقية المتعاقبة في خطورة هذه القنوات (المصارف الاهلية العراقية) في تهريب الأموال – دون رادع او امتثال ملتزم مع تعليمات البنوك الدولية.
العقوبات التي صدرت من الخزانة الامريكية بحق عدد من المصارف الاهلية, حد من عملية بيع الدولار من معدلات 220 مليون دولار باليوم الى تقريبا 50 مليون دولار باليوم – مما شكل ارباك داخل السوق المحلية غير مبرر اقتصادياً – الذي استغل من المضاربين بالدولار والمتاجرة الى استغلال الفرصة في عملية نسميها (جريمة اقتصادية) لرفع معدلات سعر صرف الدولار الى معدلات عالية جداً, بالاخص في غياب الخطط البديلة من البنك المركزي في استيراتيجية بديلة لأمتصاص الصدمة السلبية – مما جعل الامر يخرج عن نطاق السيطرة – لحين بروز بعض من الإجراءات الحكومية الصارمة في مواجهة هذه المضاربة التي تحتاج الى جملة من الإجراءات الفاعلة وسريعة التطبيق ونذكر منها – ضخ مواد غذائية بالسوق المحلية بشكل مباشر من القطاع العام, كذلك تسهيل عمليات التحويلات المالية للتجار (الحقيقين), توسيع نوافذ التحويلات المالية, فرق الامن الاقتصادي التي تتابع بحزم المتاجرين بالدولار بشكل جشع, كذلك الأسواق التي ترفع أسعار المواد الغذائية بشكل غير مبرر.
استحداث قواعد تسهيل التعاملات التجارية فيما يخص الضرائب والكمارك للحركة التجارية...
كذلك تبني استيراتيجية حكيمة للحد من عمليات تبيض الأموال وحماية المنتج المحلي لم يتم حماية المنتج المحلي (الغائب أساسا) وغير منافس، وزيادة الكلف المالية للدول المصدرة للعراق بنسبة 22 % لم تساهم في رفع التنافس بين المصدر العراقي والمصدر الأجنبي لأنه لا يوجد مصدر عراقي أساساً. ونسبة الزيادة في سعر الصرف ال 22% انعكست سلباً على ما يدخل السوق المحلية والتي تعتمد ب اكثر من 93 % على المستورد من المنتجات.
واذا انتقلنا للمبرر الاخر في أن معدلات غسيل الأموال انتهت حسب ادعاء وتصريحات البنك المركزي فهذا يعتبر تأكيد على ان نافذة بيع العملة كانت بوابة في غسيل وتهريب الأموال بمراقبة المصارف الحكومية, ومحاولة انهائها الان بتغيير سعر الصرف لم تنجح لأن معدلات بيع العملة عبر مزاد نافذة بيع العملة لازال بمعدلات ال 200 مليون دولار وهو لا يتناسب مع المعدلات الحقيقية للاستيراد السنوي.
الخطر الحقيقي الذي يواجهه الدينار العراقي هو – عملية الاستباحة الاعتبارية والاقتصادية للعملة المحلية من قرارات غير مدروسة من قبل الحكومات والإدارات التي حكمت العملية المالية والنقدية حيث إن أبرز التداعيات الاقتصادية من رفع قيمة الدولار امام الدينار.ارتفاع معدلات الفقر في العراق من 22 % الى 31 % حسب تقارير الأمم المتحدة والبنك الدولي, بالإضافة الى دخول 4.2 مليون شخص خط الفقر – بتأثيرات رفع قيمة الدولار امام الدينار .
والاضطرابات الغير مسيطر عليها في عملية حركة الدولار ومعدلات البيع الكبيرة من (نافذة بيع العملة), يضاف لها التضارب بأسعار الصرف.
كذلك أسعار المواد الاستهلاكية والخدمات الذي فاق معدلات ال 35 % - دون سيطرة او مراقبة من قبل الدولة. جدير بالذكر إن السوق المحلية تعتمد على اكثر من 94 % من المنتجات الموجدة في الأسواق هي مستوردة.
وتسابق اصاحب الأموال المسروقة من الدولة – في عمليات تبيض الأموال من خلال شراء عقارات بشكل غريب – مما أدى لارتفاع غير مبرر في سوق العقار الذي لا يتناسب مع الوضع الاقتصادي – والدولة ايضاً تاركة هذه الموضوع من دون حلول ..
لم تتحقق الغايات التي بررت بها وزارة المالية والبنك المركزي
وأوضح البنك أن قرار خفض قيمة العملة جاء كخطوة استباقية "حرصا من البنك على تفادي استنزاف احتياطياته الأجنبية"، ولمساعدة الحكومة على تأمين رواتب الموظفين العموميين.
هل هناك قلق كبير على قيمة العملة المحلية ؟
القلق الأكبر هو من سوء الإدارة النقدية والمالية فيما يخص قيمة العملة المحلية وتكرار عملية الاستباحة في خفض قيمته امام العملات الأجنبية, في حين كان الاجدر بكل السياسيات المالية والنقدية هو تقوية قيمة الدينار العراقي امام العملات الأجنبية وليس العكس كما يحصل .
|