آثارُ تأذّي الإمامِ المهدي (عجل الله (تعالى) فرجه)
إنَّ من يُخالفُ أمرَ الله (تعالى) فإنّه يؤذي المعصوم، والعكس صحيح، فإنّ من يؤذي المعصوم فإنّه يرتكب مخالفةَ الله (تعالى)؛ وذلك لأنّ رضا الله رضاهم (عليهم السلام)، وغضبه غضبهم.
وعلى نحو الإجمال فإنّه يترتبُ على تأذّي الإمام المهدي (عجل الله (تعالى) فرجه) العديد من الآثار، هذه بعضها، مع الالتفات إلى أنَّ هذه الآثار قد تكون سببًا لإدخالِ الأذى على قلبه، وليس دائمًا هي نتائج لذلك:
أولًا: البعد المعنوي عن أئمتنا (عليهم السلام):
إذ هم (عليهم السلام) يمثلون الطهارة، ومخالفتهم وإدخال الأذى عليهم يعني الابتعاد عن مواضع الطهارة، ومن ثَمّ يلزم منه البعد المعنوي عنهم (عليهم السلام).
وهناك إشاراتٌ عديدةٌ في الأدعية وغيرها إلى أنَّ البعد المعنوي أشدُّ من البعد المادي في بعض الأحيان، ومن ذلك ما جاء في دعاء كميل: (فَهَبْنِي يا إِلهِي وَسَيِّدِي وَمَوْلايَ وَرَبِّي، صَبَرْتُ عَلى عَذابِكَ فَكَيْفَ أَصْبِرُ عَلى فِراقِكَ؟ وَهَبْنِي صَبَرْتُ عَلى حَرِّ نارِكَ فَكَيْفَ أَصْبِرُ عَنِ النَّظَرِ إِلى كَرامَتِكَ؟)
ثانيًا: أنَّ من يؤذي الإمام (عليه السلام) عمومًا، فإنّه يؤذي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وإنْ لم يتُبْ ممّا هو عليه، فلعله يكون موضعًا للّعنة الإلهية!
فقد رويَ عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) : من آذى عليًا فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله (تعالى)، ومن آذى الله (تعالى) يوشك أن ينتقم منه.
ثالثًا: إدخال السوء على أهل البيت (عليهم السلام) ومذهبهم.
فقد رويَ عَنْ سَمَاعَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) قَالَ: سَمِعْتُه يَقُولُ: مَا لَكُمْ تَسُوؤُونَ رَسُولَ الله (صلى الله عليه وآله)! فَقَالَ رَجُلٌ: كَيْفَ نَسُوؤُه؟! فَقَالَ (عليه السلام): أمَا تَعْلَمُونَ أَنَّ أَعْمَالَكُمْ تُعْرَضُ عَلَيْه، فَإِذَا رَأَى فِيهَا مَعْصِيَةً سَاءَه ذَلِكَ، فَلَا تَسُوؤُوا رَسُولَ الله وسُرُّوه.
وعن الإمام الصادق (عليه السلام) أنَّه قال لأبي أُسامة زيد الشحّام: «اقرأ علىٰ من ترىٰ أنَّه يطيعني منهم ويأخذ بقولي السلام، وأُوصيكم بتقوىٰ الله (عز وجل) والورع في دينكم والاجتهاد لله...، إنَّ الرجل منكم إذا ورع في دينه وصَدَق الحديث وأدّىٰ الأمانة وحسَّن خُلُقَه مع الناس قيل: هذا جعفري، فيسـرّني ذلك ويدخلُ عليَّ منه السـرور، وقيل: هذا أدب جعفر، وإذا كان علىٰ غير ذلك دخل عليَّ بلاؤه وعارُه وقيل: هذا أدب جعفر...»
رابعًا: تأخير الظهور.
من الواضح أنّ للذنوب آثارًا على الكون كُلّه، كما يصـرِّح بذلك القرآن الكريم، قال (تعالى): "ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ"
ومن تلك الآثار هو تأخير الظهور، إذ ورد هذا المعنىٰ في مكاتبة الإمام المهدي (عجل الله (تعالى) فرجه) إلىٰ الشيخ المفيد: «ولو أنَّ أشياعنا وفَّقهم الله لطاعته علىٰ اجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد عليهم لما تأخَّر عنهم اليمن بلقائنا، ولتعجَّلت لهم السعادة بمشاهدتنا علىٰ حقّ المعرفة وصدقها منهم بنا، فما يحبسنا عنهم إلَا ما يتَّصل بنا ممَّا نكرهه ولا نؤثره منهم، والله المستعان وهو حسبنا ونعم الوكيل...»
|