تقدم ان الحطيم افضل موضع للعبادة والدعاء والاستغفار وانه الموضع الذي تاب الله تعالى فيه على ادم (عليه السلام) وهذا يعني ان لهذا الموضع خصوصية كشف عنها اختياره موضعاً لقبول التوبة ، وهذه الخصوصية التي ترتب عليها قبول الاعمال والتوبة مشروطة بشرط عام وهو التقوى ﴿انما يتقبل الله من المتقين﴾ وهذا الشرط لا يتحقق الا بالالتزام بكل ما جاء في الدين الحنيف من عقيدة وتشريع واخلاق ومن بين مادل عليه النص القراني والمتواتر من الحديث النبوي مودة ذوي القربى فمودة ذوي القربى جزء لا يتجزأ من حقيقة الايمان والاخلال بها موجب للاخلال بتقوى الله تعالى ومع الاخلال يقع المانع عن قبول العمل لفوات شرط القبول.
وفي اشارة لاهمية مودة اهل البيت (عليهم السلام) في قبول العمل نصت رواية عن مولانا الامام الباقر (عليه السلام): "... اتدرون أي البقاع افضل فيه عند الله حرمة؟ فقال:ذلك ما بين الركن والمقام وباب الكعبة، وذلك حطيم اسماعيل (عليه السلام) ذاك الذي كان يدور فيه غنيماته، ويصلي فيه، ووالله لو ان عبدا صف قدمية في ذلك المكان قام الليل مصليا حتى يجيئه النهار، وصام النهار حتى يجيئه الليل ولم يعرف حقانا وحرمتنا اهل البيت لم يقبل الله منه شيئاً ابداً"
في هذا النص بيان لعدة امور تتعلق فيما بين العبد وربه، الاول موضع العبادة والثاني طبيعة العبادة الثالث شرط قبول العبادة فنستفيد من ذلك ان للمواضع عند الله تعالى خصوصية فبعضها افضل من بعض بلحاظ ما اولاها تبارك وتعالى من الخصوصية، وفي ذلك بعد تربوي للانسان يوجهه ان ينتخب لكل شي ما يناسبه وما يكون فيه افضل واتم واكمل فلو اراد الفلاح ان يرزع فعليه ان ينتخب الارض الخصبة الصالحة للزراعة، وكلما كانت الارض اكثر خصبا كلما كان النتاج اكثر وفرة واجود نوعاً هذا من جهة الموضع، ومن جهة العمل ان ينتخب من يريد القرب من الله تعالى من الاعمال ما يتناسب مع خصوصية الموضع الذي هو فيه، فالفلاح اذا اراد ان يزرع الارض ذات الخصوبة العالية فلابد ان ينتخب لها افضل المحاصيل التي تتلائم مع طبيعة تلك التربة، ومن جهة الشرط عليه ان يلاحظ طبيعة الظروف المؤثرة في ذلك الزرع من حيث عذوبة الماء وطبيعة المناخ فاذا تحقق من المزارع رعاية هذه الامور الثلاث خصوبة الارض ونوع البذر وطبيعة المناخ فمن الطبيعي ان يحصل على افضل النتائج لان هذه العناصر الثلاث تشكل الحالة المثلى للوصول الى الثمرة الافضل، وكذلك الحال في الجانب العبادي فاذا وقعت العبادة من الانسان في افضل موضع اختاره الله لاداء العبادة واتى بالعمل المناسب لذلك الموضع مراعياً شرط قبول العمل فمن المؤكد ان يتحقق الاثر وهو قبول عمله، فلو اختار الحطيم موضعاً للعبادة وهو افضل موضع بحسب النص واختار من انواع العبادة الصلاة التي ورد انها قوام الدين وعموده وانها قربان كل تقي وانها المائز بين الايمان والكفر واتى بها في ذلك الموضع مراعياً للتقوى التي هي شرط القبول والتي تتقوم بالمودة لاهل البيت (عليهم السلام) فانه من الطبيعي ان تقبل صلاته لتحقق جميع مقومات قبول الصلاة، فاذا قبلت صلاته في ذلك الموضع تحققت جميع الاثار المترتبة عليها ومن الاثار المترتبة عليها ما رود عن مولانا الصادق (عليه السلام): "ومن صلى في المسجد الحرام صلاة واحدة قبل الله منه كل صلاة صلاها وكل صلاة يصليها الى ان يموت والصلاة فيه بمائة الف صلاة، اواذ اخذ الناس مواطنهم بمنى نادى مناد من قبل الله عز وجل ان اردتم ان ارضى فقد رضيت"
|