• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : ذل و ذللا و ذلولا في القرآن الكريم (ح 1) .
                          • الكاتب : د . فاضل حسن شريف .

ذل و ذللا و ذلولا في القرآن الكريم (ح 1)

قال الله تبارك وتعالى عن الذل ومشتقاتها "هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ" ﴿الملك 15﴾ ذلولا اي سهلة ممهدة، الارض ذلولا اي مُذلـّـلة ليّـنـَـة سَهْلة تستقـرّون عليها، و "قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَّا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَّا شِيَةَ فِيهَا ۚ قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ ۚ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ" ﴿البقرة 71﴾ لا ذلول: لم يُذلَّها العمل، و ليست سهلةَ القياد، و "لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ ۗ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ" ﴿البقرة 61﴾ الذلة: ال اداة تعريف، ذلة اسم، ويُؤْثِرون شهواتهم على ما اختاره الله لهم، لذلك لزمتهم صِفَةُ الذل وفقر النفوس، و "قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ ۖ بِيَدِكَ الْخَيْرُ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" ﴿آل عمران 26﴾ وتذل: الواو حرف عطف، تذل فعل، قل أيها النبي متوجها إلى ربك بالدعاء: وتهب العزة في الدنيا والآخرة مَن تشاء، وتجعل الذلَّة على من تشاء، و "ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِّنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ" ﴿آل عمران 112﴾ الذلة اي الذلّ و الصَّغار و الهوان، و "وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" ﴿آل عمران 123﴾ اذلة اي قلة في العدد و العدة.
جاء في تفسير الميزان للعلامة السيد الطباطبائي: قوله تعالى "هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ" (الملك 15) الذلول من المراكب ما يسهل ركوبه من غير أن يضطرب ويجمح والمناكب جمع منكب وهو مجتمع ما بين العضد والكتف وأستعير لسطح الأرض، قال الراغب: واستعارته للأرض كاستعارة الظهر لها في قوله "ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ" (فاطر 45) وتسمية الأرض ذلولا وجعل ظهورها مناكب لها يستقر عليها ويمشي فيها باعتبار انقيادها لأنواع التصرفات الإنسانية من غير امتناع، وقد وجه كونها ذلولا ذا مناكب بوجوه مختلفة تؤول جميعها إلى ما ذكرنا. ولا يخفى ما في ذكر طيران الطير في الهواء بعد ذكر جعل الأرض ذلولا والإنسان على مناكبها من اللطف. قال في المجمع: والذلل جمع الذلول، يقال: دابة ذلول بين الذل ورجل ذلول بين الذل والذلة. قوله تعالى "ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً" (الاعراف 55) إلى آخر الآيتين. التضرع هو التذلل من الضراعة وهي الضعف والذلة. والخفية هي الاستتار وليس من البعيد أن يكون كناية عن التذلل جيء به لتأكيد التضرع فإن المتذلل يكاد يختفي من الصغار والهوان. قوله تعالى "أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ" (الحج 18) إلى آخر الآية، الظاهر أن الخطاب لكل من يرى ويصلح لأن يخاطب، والمراد بالرؤية العلم، ويمكن أن يختص بالنبي صلى‌ الله‌ عليه ‌وآله ويكون المراد بالرؤية الرؤية القلبية كما قال فيه "ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى أَفَتُمارُونَهُ عَلى ما يَرى" (النجم 12). وتعميم السجدة لمثل الشمس والقمر والنجوم والجبال من غير أولي العقل دليل على أن المراد بها السجدة التكوينية وهي التذلل والصغار قبال عزته وكبريائه تعالى وتحت قهره وسلطنته، ولازمه أن يكون "مَنْ فِي الْأَرْضِ" (الحج 18) شاملا لنوع الإنسان من مؤمن وكافر إذ لا استثناء في السجدة التكوينية والتذلل الوجودي. وعدم ذكر نفس السماوات والأرض في جملة الساجدين مع شمول الحكم لهما في الواقع يعطي أن معنى الكلام أن المخلوقات العلوية والسفلية من ذي عقل وغير ذي عقل ساجدة لله متذللة في وجودها تجاه عزته وكبريائه، ولا تزال تسجد له تعالى سجودا تكوينيا اضطراريا. قوله تعالى "وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلاً" (الانسان 14) الظلال جمع ظل، ودنو الظلال عليهم قربها منهم بحيث تنبسط عليهم فكان الدنو مضمن معنى الانبساط وقطوف جمع قطف بالكسر فالسكون وهو الثمرة المقطوفة المجتناة ، وتذليل القطوف لهم جعلها مسخرة لهم يقطفونها كيف شاءوا من غير مانع أو كلفة.
جاء في المعاجم: الأذلّ: الأضعف و الأهون، يعنون الرسول و المؤمنين: "يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ" (المنافقون 8). الأذلين: الزّائدين في الذلة و الهوان: "إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ" (المجادلة 20). الأرض ذلولا: مُذلـّـلة ليّـنـَـة سَهْلة تستقـرّون عليها: سورة :الملك، آية رقم :15 "هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ" (الملك 15). الذِلة: الذلّ و الصَّغار و الهوان: "ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ" (ال عمران 112). الذلّة: الذلّ و الصّغار و الهوان: "وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ" (البقرة 61).
عن الامام علي عليه السّلام قال: (ألا و إنّ التّقوى مطايا ذلل، حمل عليها أهلها، و أعطوا أزمّتها، فأوردتهم الجنّة)، و (فعدو اللّه إمام المتعصّبين، و سلف المستكبرين، الذي وضع أساس العصبية، و نازع اللّه رداء الجبرية، و ادّرع لباس التعزّز، و خلع قناع التذلّل ألا ترون كيف صغّره اللّه بتكبّره، و وضعه بترفّعه، فجعله في الدنيا مدحورا، و أعدّ له في الآخرة سعيرا). عن الإمام الرضا عليه السّلام (إن علة الصلاة أنّها إقرار بالربوبية للّه عزّ و جلّ، و خلع الأنداد، و قيام بين يدي الجبار جل جلاله بالذل و المسكنة و الخضوع و الاعتراف، و الطلب للإقالة من سالف الذنوب، و وضع الوجه على الأرض كل يوم إعظاما للّه عزّ و جلّ و أن يكون ذاكرا غير ناس و لا بطر، و يكون خاشعا متذللا، راغبا طالبا للزيادة في الدين و الدنيا مع ما فيه من الإيجاب و المداومة على ذكر اللّه عزّ و جلّ بالليل و النهار، لئلا ينسى العبد سيده و مديره و خالقه فيبطر و يطغى، و يكون في ذكره لربّه و قيامه بين يديه زاجرا له عن المعاصي و مانعا له عن أنواع الفساد).




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=176694
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 12 / 27
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12