تكملة للحلقات الثلاثة السابقة المنشورة في كتابات في الميزان، قالت سيدة نساء العالمين في خطبتها التي رواها الطبرسي (وَأَشْهَدُ أنّ أبي مُحَمَّداً صلّى الله عليه وآله عبْدُهُ وَرَسُولُهُ، اخْتارَهُ وَانْتَجَبَهُ قَبْلَ أَنْ أَرْسَلَهُ، وَسَمّاهُ قَبْلَ أنِ اجْتَبَلَهُ، وَاصْطِفاهُ قَبْلَ أنِ ابْتَعَثَهُ، إذِ الْخَلائِقُ بالغَيْبِ مَكْنُونَةٌ، وَبِسِتْرِ الأَهاويل مَصُونَةٌ، وَبِنِهايَةِ الْعَدَمِ مَقْرُونَةٌ، عِلْماً مِنَ اللهِ تَعالى بِمآيِلِ الأُمُور، وَإحاطَةً بِحَوادِثِ الدُّهُورِ، وَمَعْرِفَةً بِمَواقِعِ الْمَقْدُورِ. ابْتَعَثَهُ اللهُ تعالى إتْماماً لأمْرِهِ، وَعَزيمَةً على إمْضاءِ حُكْمِهِ، وَإنْفاذاً لِمَقادِير حَتْمِهِ.فَرَأى الأُمَمَ فِرَقاً في أدْيانِها، عُكَّفاً على نيرانِها، عابِدَةً لأَوثانِها، مُنْكِرَةً لله مَعَ عِرْفانِها.)
بينت سيدة النساء الزهراء عليها السلام بان أباها محمد صلى الله عليه وآله وسلم عبد الله ورسوله حيث قال الله تعالى "الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا" (الكهف 1)، و "فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَا أَوْحَىٰ" (النجم 1)، و "هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَىٰ عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ" (الحديد 9) و "وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ ٱلرُّسُلُ" (ال عمران 144)، و "مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَـٰكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ" (الاحزاب 40)، و "مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ" (الفتح 29). وان الله تعالى اختار نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم اوانتجبه اي تخيره واصطفاه قبل ان ارسله وابتعثه كما قال الله عز من قائل "وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ۗ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ۚ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ" (القصص 68)، و "وَتَقَلُّبَكَ فِى ٱلسَّٰجِدِينَ" (الشعراء 219)، و "قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَىٰ" (النمل 59)، و "إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ " (ال عمران 33)، و "اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ" (الحج 75)، وسمى نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم قبل ان اجتبله اي خلقه وفطره "وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ" (الصف 6)، و "وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا" (البقرة 31). كل ذلك والخلائق بالغيب مكنونة اي المستورة عن الاعين "مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ۗ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَـٰكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ" (ال عمران 179)، و "عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ " (الانعام 73) (التوبة 94) (التوبة 105) (الرعد 59) (المؤمنون 92) (السجدة 6) (الزمر 46) (الحشر 22) (الجمعة 8) (التغابن 18). و الخلائق بستر الاهاويل مصونة، والهول بمعنى الفزع والخوف "مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ" (النحل 89)، و "لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَـٰذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ"، و "وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاءَ اللَّهُ" (النمل 87).
وتستطرد السيدة الزهراء عليها السلام بالقول والخلائق بنهاية العدم مقرونة، والمقرونة يعني مجتمعة اي الخلائق مجتمعة عند الحساب "إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ" (ص 26)، و "هَـٰذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ" (ص 53). والله تعالى يعلم بمآيل الامور اي عواقب الامور "فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ" (ال عمران 137)، و "فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ" (الاعراف 184)، و "وَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ" (الاعراف 86)، و "فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنذَرِينَ" (يونس 73)" و "وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ" (الحج 41). وان الله تعالى محيط بحوادث الامور "وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ" (البقرة 255)، و "يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا" (طه 110)، و "وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطًا" (النساء 126). والله سبحانه يعرف مواقع المقدور، ومقدور مفعول قدر، وجمعه مقادير "وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا" (الاحزاب 38)، و " أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" (البقرة 106) (البقرة 259) (الطلاق 12)، و "إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" (البقرة 20) (البقرة 109) (البقرة 148) (ال عمران 165) (النحل 77) (النور 45) (العنكبوت 20) (فاطر 1).
وتبين السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام ان الله تعالى ابتعث نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم اتماما لأمره تعالى "لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ" (ال عمران 164)، و "وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَـٰذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا" (الفرقان 41)، و "هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ" (الجمعة 2)، و "رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ" (البقرة 129)، وعزيمة على امضاء حكمه سبحانه وتعالى اي بأرادة او فرض على تنفيذ حكمه، وعزائم جمع عزيمة، امضاء مصدر امضى، واي عزيمة افضل من عزيمة ان محمدا صلى الله عليه وآله وسلم رسول الله "إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ" (لقمان 17) (الشورى 43)، و "فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ" (محمد 21)، و "وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا" (الكهف 26)، و "إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ" (المائدة 1)، وانفاذا لمقادير حتمه سبحانه وتعالى، حتم اي احكام واتقان "فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ" (المرسلات 23)، و "إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" (البقرة 20)، و "صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ" (النمل 77)، و "إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ" (يس 82). وبعد ان رأى الله تبارك وتعالى ان الامم فرقا في أديانها "إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ" (الانعام 159)، و "وَلَـٰكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ" (التوبة 56)، و "مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا ۖ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ" (الروم 32)، و "فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ" (المائدة 70)، عكفا على نيرانها "مَا هَـٰذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ" (الانبياء 52)، و "قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ" (الشعراء 71)، و "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَىٰ وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" (الحج 17) حيث المجوس عبدة النار، عابدة لاوثانها "إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا" (العنكبوت 17)، و "وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا" (العنكبوت 25)، و "فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ" (الحج 30)، منكرة لله مع عرفانها "فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ" (النحل 22)، و "وَهَـٰذَا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ ۚ أَفَأَنتُمْ لَهُ مُنكِرُونَ" (الانبياء 50)، و "أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ" (المؤمنون 69)، و "يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ" (النحل 83)، و "فَلَمَّا جَاءَهُم مَّا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ" (البقرة 89)، و "الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ" (البقرة 146) (الانعام 20).
|