فيـا بائـعا هــــذا ببخـس معجــل *** كأنـك لا تـدرى؛ بلـى ســوف تعلــم
فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة *** وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم
الفصل الساس عشر- الإجازات .
في المادة (62/أولا) من مقترح القانون موضوع البحث، شرط تطبيق مضمونها في: أ- أن لا تزيد مدة الإجازة المرضية في كل مرة على (120) مئة وعشرين يوما براتب تام ويليها (90) تسعين يوما بنصف الراتب التام .
*- لقد أخطأ المشرع حين إستبدل عبارة (أن لا تتجاوز مدة الاجازة المرضية في كل مرضة)، بما هو في النص المقترح أعلاه، ظنا منه أنه يحسن صنعا بالتشريع الشكلي عندما يلغي القرار السابق بعد تثبيت مضمونه، وما يترتب على ذلك من إجراءات لا تتفق مع تعريف القانون ومجموعة القواعد المكونة له، التي تشكل خطابا موجها إلى الأشخاص تشعرهم بترتيب نتيجة معينة على حدوث واقعة محددة، إبتغاء ضبط النظام العام في المجتمع وتحقيق الإنسجام بين روابطه. وعليه فإن النظام القانوني يعني (مجموعة القواعد القانونية المتميزة بالتماسك فيما بينها وبالثبات في تطبيقها، والتي تهدف إلى تحقيق غرض معين مشترك)، وهو بذلك لا يضم قواعد متباينة عن بعضها من حيث الغرض، أو متهالكة على بعضها دون رباط وثيق يشد مجموعها، بل يتضمن قواعد قانونية تحكم وقائع محددة، ويبدو أن المشرع كان غافلا أيضا عن تجسيد قوة القانون عندما جاء بصياغة شرط الفقرة (أ) بما هو في أعلاه, غير الضامن لعدم تمارض الموظف وإسرافه بالتمتع بمدد الإجازات المرضية.لأن عدم تجاوز الحدود أبلغ في التعبير من إستخدام عبارة (أن لا تزيد)، وعليه فإن شرط ( أن لا تتجاوز مدة الاجازة المرضية في كل مرضة (120) يوما براتب تام يليها تسعون يوما بنصف راتب). أكثر حزما وحسما في ضمان عدم التلاعب بحقوق الدولة والمواطن، كما برهن النص المقترح على عدم فهم معنى عبارة (في كل مرضة) للأخذ بها وتثبيتها، فإستبدلها المشرع بعبارة (في كل مرة) مع إختلاف المقصود من كل منهما. حيث يقصد ب (المرضة) بموجب نظام الإجازات المرضية رقم (76) لسنة 1959- المعدل، أن يفصل بين التمتع بإجازتين مرضيتين متتاليتين مدة لاتقل عن عشرة أيام. وتلك من موانع حالات التمارض والإسراف رغبة بالتمتع بالإجازة المرضية (الثانية) التالية مباشرة للإجازة (الأولى) في أقل من عشرة أيام, وهو المتحقق في ظل قاعدة (في كل مرة) لعدم وجود ما يمنع ذلك، والذي سيؤدي في ظل خرق قاعدة (المرضة) إلى جمع مدة الإجازتين المتتاليتين أو الأكثر منهما، لغرض الوصول إلى الحد الأعلى البالغ (120) يوما براتب تام في أقل زمن، طمعا بتكرار التمتع للمرة الثانية بذات المقدار والأسلوب، عند توفر الرصيد المتراكم منها براتب تام، كما يجوز منح الموظف إجازة مرضية لمدة (120) يوما دفعة واحدة. وفي حالة وجود الفاصل لمدة تزيد على عشرة أيام بين الإجازتين المرضيتين المتتاليتين، فيتم منح كل إجازة منهما حسب الإستحقاق من الرصيد المتوفر حينها(براتب أو بنصفه). وهناك من تفاصيل الحالات ما لا يتسع المقال لذكرها، مثل عدم إحتساب مدة التمتع بالإجازة الإعتيادية أو الدراسية من ضمن مدة الفصل المحددة بعشرة أيام، إذا وقع التمتع بأحدهما أو كليهما بين الإجازتين المرضيتين المتتاليتين، لغرض المباشرة في التمتع بمدة الإجازة عن المرضة الثانية. ويسري ما تقدم على منح الموظف اجازة مرضية تالية لمدة (90) يوما بنصف راتب، أو عند نفاد الرصيد براتب تام في أي تأريخ لاحق .
*- أما الشرط الثاني لتطبيق نص المادة (62/أولا) من مقترح القانون موضوع البحث. فيتوقف على: ب- أن لا يزيد مجموع الإجازة المرضية خلال مدة (5) الخمس سنوات التي تسبق إنتهاء مدة الإجازة المرضية على (180) مئة وثمانين يوما براتب تام و(180) مئة وثمانين يوما بنصف الراتب التام .
*- وهذا النص كسابقه، حيث تمت صياغته بالنص أعلاه بدلا من ( أن لا يتجاوز مجموع الإجازة المرضية خلال مدة الخمس سنوات .. إلخ ). وتلك من القيود المحددة للتمتع بالإجازة على الرغم من وجود الرصيد المؤهل لذلك، ولكن القانون لا يسمح للموظف بالتمتع من الرصيد المتراكم من الإجازة المرضية، لأكثر من ستة أشهر براتب تام ومثلها بنصف الراتب خلال السنوات الخمس الأخيرة التي تسبق إنتهاء مدة الإجازة المرضية بأي حد منها. وأعتقد أن مبنى ذلك قائم على أساس أن السنوات الخمس الفعلية الصافية من مدة الخدمة، لا يكتسب الموظف عنها أكثر من (150) مئة وخمسين يوما براتب تام، وإن ما زاد على ذلك المقدار بالتراكم يسقط إلا قليلا منه، لغرض التمتع بما سمح القانون به إستنادا إلى قاعدة ( ما لا يدرك كله لا يترك جله )، التي مفادها: أنه إذا تعذر حصول الشيء كاملا، وأمكن المكلف فعل بعضه، فإنه يفعل المقدور عليه، ولا يترك الكل بحجة عجزه عن بعضه، لأن إيجاد الشيء في بعض أفراده مع الإمكان ، أولى من إعدامه كلية .
*- إنها مسألة حسابية صعبة ومعقدة بشروطها المتجددة ؟!، ولا أعتقد أن تطبيق الشرطين المذكورين في الفقرتين (أ,ب) مما يجيده الموظفون ورؤسائهم حاليا بإجراءات الدقة المطلوبة إداريا، مع إمكان حل عقدها بتشريع ناضج يتجاوز كل العراقيل والعقبات بإزالتها، بتجديد التشريع الرافض لقاعدة (حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا)، التي إتبع بعضها المشرع غير الفقيه بشؤون الخدمة والوظيفة العامة، حين ترك الموظف ودائرته في متاهات الحل بعد تطبيق الشرط الثاني أعلاه ؟!، في وقت نصت المادة (46/3) من القانون النافذ على أن ( يجوز منح الموظف الذي منح كل الإجازات المرضية والإجازات الإعتيادية التي يستحقها، إجازة أخرى بلا راتب لمدة أقصاها مائة وثمانون يوما، وإذا لم يكن في إستطاعته عند إنقضاء تلك المدة إستئناف عمله يحال على التقاعد). التي إفتقر إليها القانون المقترح ؟!. مما يشكل هدرا مضاعفا للحقوق ؟!. لأن القرار(392) لسنة1980- المقترح إلغاؤه للمرة الثانية (ت39) ؟!. والخاص بإجازة الأمراض المستعصية قد سبق إلغاؤه بالقرار(285) لسنة 1990، مع مقترح إلغاء القرار(943) لسنة 1987(ت86) الخاص بإجازة الإصابة بقصد الإضرار المتعمد، بدليل عدم إحلال البديل المناسب عنهما، مع عدم إضافة أحكام قانون العجز الصحي للموظفين رقم (11) لسنة 1999 ؟!. لسد ثغرة النقص في التشريع، بتوحيد الأحكام المتفرقة في قانون واحد جامع يسهل تطبيقه.
|