قبل أيام تعرض مطار بغداد الدولي لحادثتين منفصلتين في يومين متتاليين بسبب حرائق لم تكشف أسبابها فالتحقيقات جارية ولم تعلن نتائجها بعد كما هو الحال في كثير من الحالات ، ونجم عن الحادثتين توقف جزئي وكلي للرحلات القادمة والمغادرة استمر لعدد من الساعات والمطار حاليا يعمل بشكل اعتيادي والحمد لله ، ورغم الحرص الذي يبديه الجمهور للمحافظة على امن وسلامة المطار من كل الحوادث بغض النظر عن مصادرها ومرتكبيها ورغم نجاح الجهات المعنية في الدفاع المدني ومن ساندهم في السيطرة على الحريقين ، إلا إن السؤال يبقى مشروعا فهل يعقل أن تكون العاصمة بغداد بأهميتها المعروفة ومكانتها العالمية وعدد سكانها الكبير ووجهاتها المتعددة بمطار واحد لا غير بلا بديل ، فبعد أن تم توقف العمل في مطار المثنى الذي كان يستخدم للرحلات الداخلية سابقا او كمطار شبه عسكري وتحوله إلى ارض متعددة الاستعمالات تشغل من قبل احد الأحزاب وتقام عليها مشاريع للجامع الكبير او المقر الجديد لمجلس النواب او لتشييد مجمعات سكنية او مشاريع أخرى لا نعرف عنها كل التفاصيل ، وبعد أن تحولت ارض مطار الرشيد العسكري إلى موقع ( للحواسم ) ومكانا لتنفيذ الأحلام التي لم ينفذ منها شيء ، لم يتبقى في بغداد سوى مطار واحد متعدد الأغراض وهو مطار بغداد الدولي الذي تمت المباشرة بتشييده عام 1979 وتولّت بنائه شركات فرنسية وبريطانية وكلّف إنشائه أكثر من 900 مليون دولار، وافتتح بشكل رسمي عام 1982 بمساحته كلية تقدر ب 780 كيلو متر مربع ، وهو واحد من اكبر المطارات الضخمة في المنطقة في حينها وكان مفخرة العراقيين أيام زمان من حيث التصميم والسعة وتوفير مختلف الخدمات ، ولكنه فقد اليوم الكثير من بريقه السابق نظرا لتشييد العديد من المطارات الحديثة في دول الجوار والمنطقة .
وبغض النظر عن وجهات النظر بخصوص أداء سلطة الطيران في المطار وشركات الخطوط العاملة فيه إلا انه يبقى محل اعتزاز للعراقيين عامة وسكان بغداد والمحافظات المجاورة بشكل خاص لأنه قدم خدمات كبيرة للجميع منذ تأسيسه لحد اليوم رغم توقفه لسنوات بسب الحروب والحصار ، ولكن هل من المعقول أن تبقى بغداد بمطار واحد رغم المساحة الكبيرة للعاصمة ومقترباتها فتعدد المطارات ليس ترفا وإنما حاجة ملحة لان بغداد في 2022 ليست بغداد قبل 40 عام بعد الزيادة العددية للسكان وتوسع المدينة لتكون على مساحات بعيدة ، فالمطار الذي يبعد 16 كيلو متر عن مركز العاصمة أصبح الآن على بعد كبير من بعض المناطق التي يفترض أن يخدمها في أطراف بغداد من كل الجهات ، فهو لا يخدم سكان العاصمة فحسب وإنما المحافظات القريبة من بغداد التي لا تتوفر فيها مطارات ، وبعض المطارات التي انشإت في المحافظات أصبحت اقرب لسكانها من مطار بغداد بسبب عدم إنشاء مطار آخر في بغداد ، ولا نعلم عن أسباب عدم تضمين التخطيط العمراني لمدينة بغداد وضواحيها لا نشاء مطارات أخرى لبغداد مما يجعل العاصمة بمطار واحد لا غير وما يترتب على ذلك من صعوبات في الوصول إليه او توفر البديل في الحالات التي تستدعي البديل في امتصاص الكثافة و إنعاش المدن والضواحي او من باب الطوارئ وفي أوقات الازمات ، ومشاريع إنشاء مطارات مساعدة وبديلة لمطار بغداد لم نسمع عنها لا من حيث الاستثمار ولا من خلال تبني الحكومة المحلية او الاتحادية لها رغم توفر المساحات الشاسعة في أقامة هكذا مشاريع في أطراف بغداد من كل الجهات ، فما نسمعه هو التوسع حول المطار سواء بإنشاء العاصمة الرديف ( الرفيل ) قرب المطار او إنشاء الجامعات والمجمعات السكنية التي باتت تقترب من موقع المطار ، ولا نعلم كم سنة سننتظر لكي ينشا مطار ثاني وثالث ورابع في بغداد لتلبية الحاجة وتقريب المسافات وتلافي الازدحامات وغيرها من المبررات ؟!