• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الافك و أفاك و المؤتفكات في القرآن الكريم (ح 2) .
                          • الكاتب : د . فاضل حسن شريف .

الافك و أفاك و المؤتفكات في القرآن الكريم (ح 2)


تكملة للحلقة السابقة قال الله تعالى عن كلمة افك ومشتقاتها "أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ ۚ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ ۖ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَـٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ" ﴿التوبة 70﴾ المؤتفكات: قرى قوم لوط أي أهلها، و "إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ ۚ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم ۖ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۚ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ ۚ وَالَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ" ﴿النور 11﴾ بالافك: الباء حرف جر، ال اداة تعريف، افك اسم، بالافك اي أقبح الكذب وأفحشه، الإفك الكذب المقلوب وهو أسوأ الكذب، عصبة اي جماعة جاؤا بأبشع الكذب، و "لَّوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَـٰذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ" ﴿النور 12﴾ افك مبين اي كذب مبين، و "وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَـٰذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ ۖ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا" ﴿الفرقان 4﴾ افك افتراه اي كذب اخترعه من نفسه، و "تَنَزَّلُ عَلَىٰ كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ" ﴿الشعراء 222﴾ الأفاك: الذي يأفك الناس، أي يصدهم عن الحق بباطله، و "إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا ۚ إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِندَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ ۖ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ" ﴿العنكبوت 17﴾ إفكا: كذبا، لأن الكذب صرف الكرم عما ينبغي أن يكون عليه، تخلقون افكا اي تكذبون أو تنحتون كذبا او تكذبون فتنحتون أصناما وتسمونها آلهة، و "وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَـٰذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ وَقَالُوا مَا هَـٰذَا إِلَّا إِفْكٌ مُّفْتَرًى ۚ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَـٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ" ﴿سبإ 43﴾ افك مفترى اي كذب مختلق ويقصدون بذلك القرآن، و "أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ" ﴿الصافات 86﴾ أئفكا: أ حرف استفهام، ئفكا اسم، أتريدون آلهة من الإفك، والإفك: أسوأ الكذب، أي أتعبدون غير الله؟، و "أَلَا إِنَّهُم مِّنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ" ﴿الصافات 151﴾ افكهم اي كذبهم، و "وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ" ﴿الجاثية 7﴾ أفاك اي كذاب في قوله، أفاك أثيم اي كذاب كثير الإثم.
جاء في معاني القرآن الكريم: الإفك: كل مصروف عن وجهه الذي يحق أن يكون عليه، ومنه قيل للرياح العادلة عن المهاب: مؤتفكة. قال تعالى: "وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ" ﴿الحاقة 9﴾، وقال تعالى: "وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَىٰ" ﴿النجم 53﴾، وقوله تعالى: " قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۚ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ" ﴿التوبة 30﴾ أي: يصرفون عن الحق في الاعتقاد إلى الباطل، ومن الصدق في المقال إلى الكذب، ومن الجميل في الفعل إلى القبيح، ومنه قوله تعالى: "يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ" ﴿الذاريات 9﴾، "فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ" ﴿الأنعام 95﴾، وقوله تعالى: "أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا" (الاحقاف 22)، فاستعملوا الإفك في ذلك لما اعتقدوا أن ذلك صرف من الحق إلى الباطل، فاستعمل ذلك في الكذب لما قلنا، وقال تعالى: "إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ" (النور 11)، وقال: "لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ" ﴿الجاثية 7﴾، وقوله: "أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ" ﴿الصافات 86﴾ فيصبح أن يجعل تقديره: أتريدون آلهة من الإفك (قال الزمخشري: "أَئِفْكًا" مفعول له، تقديره: أتريدون آلهة من دون الله إفكا، وإنما قدم المفعول على الفعل للعناية، وقدم المفعول به لأنه كان الأهم عنده أن يكافحهم بأنهم على إفك وباطل في شركهم. ويجوز أن يكون إفكا مفعولا، يعني: أتريدون به إفكا، ثم فسر الإفك بقوله ألهة من دون الله على أنها إفك في أنفسها)، ويصح أن يجعل إفكا مفعول تريدون، ويجعل آلهة بدل منه، ويكون قد سماهم إفكا. ورجل مأفوكك مصروف عن الحق إلى الباطل.
جاء في التفسير المبين للشيخ محمد جواد مغنية: قوله تعلى: "إِنَّ اَلَّذِينَ جَاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لاَ تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ" (النور 11) الافك اي بالكذب المحض، الذين رموا البريئة بالخيانة هم جماعة تظاهروا كذبا بأنهم على ملّة الإسلام، و ليسوا منه في شي‌ء إلا ظاهرا "لِكُلِّ اِمْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اِكْتَسَبَ مِنَ اَلْإِثْمِ" (النور 11) ضمير منهم يعود إلى أهل الإفك، و المعنى لكل واحد من الأفاكين عذاب بقدر ما أشاع و أذاع من الكذب و الافتراء وَ اَلَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ كان له الحظ الأكبر من إشاعة الإفك و نشره مِنْهُمْ من العصبة لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ في الدنيا بإظهار كذبه، و في الآخرة بحريق الجحيم. "لَوْلاَ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ اَلْمُؤْمِنُونَ وَ اَلْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَ قَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ" (النور 12) ينبغي للمؤمن إذا سمع شرا عن أخيه المؤمن أن يظن به الخير، و ينفي السوء عنه قياسا على نفسه. "لَوْ لاَ جَاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ" (النور 13) جاؤا على الزنا و إلا فلا تترتب عليه آثار الزنا كإقامة الحد و اللغو فيه. "وَ لَوْ لاَ فَضْلُ اَللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ فِي اَلدُّنْيَا وَ اَلْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ" أفضتم: خضتم، و ضمير فيه للإفك و حديثه، و رحمته تعالى في الدنيا على من عصاه هي الستر و الإمهال، و في الآخرة العفو إذا تاب و أناب. قاللغة: الإفك أشد الكذب. و العصبة الجماعة. و الذي تولى كبره أي تحمل معظم الإفك. و أفضتم فيه خضتم فيه. قالإعراب: أَنْفُسُهُمْ بدل من شهداء. فشهادة أحدهم أربع. قرئ بنصب أَرْبَعُ و رفعها، و على النصب تكون شهادة أحدهم خبرا لمبتدأ محذوف و أربع قائم مقام المفعول المطلق لشهادة، و التقدير فالحكم ان يشهد أحدهم أربع شَهَادَاتٍ ، و على الرفع تكون شهادة مبتدأ ثانيا و أربع خبره، و الجملة خبر المبتدأ المحذوف، و المبتدأ المحذوف و خبره خبر الذين يرمون. و باللّه متعلق بشهادات. و الخامسة الأولى مبتدأ و ما بعدها خبر. و المصدر من أن تشهد فاعل يدرأ. و الخامسة الثانية بالنصب معطوفة على أربع شهادات الثانية و بالرفع مبتدأ و ما بعدها خبر. "وَلَوْلاَ فَضْلُ اَللَّهِ" (النور 14) جواب لو لا محذوف أي لهلكتم. "عُصْبَةٌ" خبر ان. "لاَ تَحْسَبُوهُ" كلام مستأنف. "لَوْلاَ" أداة تحضيض بمعنى هلا. "إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَ تَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَ تَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَ هُوَ عِنْدَ اَللَّهِ عَظِيمٌ" (النور 15) تديرون حديث الإفك بألسنتكم، و ينقله بعضكم عن بعض من غير دليل، و تظنون ذلك سهلا، و هو عند اللّه من كبائر الآثام. "وَ لَوْلاَ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا" (النور 16) لا ينبغي للمؤمن أن يشارك في حديث الفاحشة إذا خاض فيه الأراذل و الأشرار، بل الأليق به أن ينهى عنه "سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ" (النور 16) هذا إشارة إلى اتهام الأبرياء بالإفك، و انه من أكبر الآثام و أعظمها عند اللّه. "يَعِظُكُمُ اَللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً" (النور 17) المراد بالوعظ النهي عن التكرار و الإصرار على حديث الإفك و أمثاله من المنكرات. "وَ يُبَيِّنُ اَللَّهُ لَكُمُ اَلْآيَاتِ وَ اَللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ" (النور 18) بيّن سبحانه لعباده الأحكام، و بثّ المواعظ عن علم بما يصلحهم و ينفعهم.
ومما قاله المفسرون في هذه الآية: "اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ" (الحجرات 12) ولم يقل: الظن كله، إذ كان قد أذن للمؤمنين أن يظن بعضهم ببعض الخير، فقال : "لَّوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَٰذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ" (النور 12)، فأذن الله تعالى للمؤمنين أن يظن بعضهم ببعض الخير وأن يقولوه، وإن لم يكونوا من قيله فيهم على يقين. قال ابن عاشور: ولما جاء الأمر في هذه الآية باجتناب كثير من الظن علمنا أن الظنون الآثمة غير قليلة، فوجب التمحيص والفحص لتمييز الظن الباطل من الظن الصادق.
جاء في كتاب آلاء الرحمن فى تفسير القرآن للشيخ محمد جواد البلاغي: أخرج احمد في مسنده و ابو داود في جامعه و الحاكم في مستدركه بأسانيد متعددة عن المقدام عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم انا وارث من لا وارث له ارثه و اعقل عنه: او افك عانية و أرث ماله‌ كما في جامع أبي داود. و في رواية انا ولي من لاولي له افك عنه و أرث ماله. و في رواية أنا مولى من لا مولى له أرث ماله و أفك عنه. او افك عانية كما في المستدرك‌. و على ما ذكرناه اجماع اهل البيت و الإمامية و حديثهم. و اما ما جاء في الحديث من ان رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم امر فيمن لا وارث له بإعطاء ماله لأهل بلده. او لواحد من قبيلته او لرجل من قبيلته كما في روايات أبي داود في جامعه فهو تنازل منه صلى الله عليه وآله وسلم عن حقه كما. روى الترمذي عن عائشة انه صلى الله عليه وآله وسلم أمر بميراث مولاه لأهل القرية. كما روى في الوسائل عن الكافي و التهذيب عن علي عليه السلام في ميراث من لا وارث له انه كان يعطيه او يأمر بإعطائه لأهل بلده. و قد استفاضت‌ الأحاديث الصحيحة عن الباقر و الصادق و الكاظم عليهم السلام ان ميراث من لا وارث له من الأنفال المختصة بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم و الإمام عليه السلام




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=175052
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 11 / 13
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 12