• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : مَوْضُوعَات شائِكَة . . . !   .
                          • الكاتب : د . نيرمين ماجد البورنو .

مَوْضُوعَات شائِكَة . . . !  

  لقد قيل: "ابن الاصول يؤتمن في عداوته وقليل الأصل لا يؤتمن حتى في صداقته"، ستُحارب وستُكره وستُظلم وسيحقدون عليك، وسيدخل أسمك في حوارات ونقاشات وربما أشعار ورسوم وأفكار شائكة بلا داع، وستتعرف على شخصيتك الجديدة من خلال مؤلفاتهم ورسوماتهم وقصصهم المُريبة التي يحبكونها ويتلذذون برسمها بألوانهم الباهتة، وستكون الظالم المغرور المتكبر في أحداث رواياتهم الطويلة، وسيُمحي خيرك وجهدك ووقتك ودعمك ومعروفك الذي بذلته بلا رحمة، وستخسر كثيرًا وسيشيب شعرك لأنك لم تجاري  نفاقهم ونفسياتهم السيكوباتيه المريضة وسياساتهم وتكتيكاتهم التعيسة، سيكرهونك فقط لكونك تعشق الحياة وتعيشها بسلام وبأمان وهدوء، ولأنك فقط تنظر بغير عينهم، وتتذوق بغير ذوقهم، وتكتب ما تشعر به دون رتوش  ملوثة ودون تمثيل ولعب أدوار يمليها عليك أحد, سيكرهونك لأنك لا تكذب ولا تتملق ولا تنافق ولا تخون ولا تتلون ولا تنكسر وتتهاوي أمام حروفهم بين مكسور ومقهور.
آمنت أن العلاقات بين البشر لا تقاس بأشعار الحب والهيام وخواطر النثر وموسيقي الولع بقدر ما تقاس بالاحترام والأمان الدائم والثقة. أن تستأمن أحدهم على عيوبك وأخطاءك وجنونك وزلاتك وأسرارك حتى على الأمور التي تضمرها وترتعب من قولها لنفسك. وأن تستأمنه على حزنك وفرحك على حاضرك ومستقبلك وطموحك وأحلامك وعلى روحك وقلبك ووجهك الصبوح اليافع المبتسم، وعلى صحتك النفسية المتزنة بعيدًا عن العلاقات المتوترة القائمة على الشك والوهم والارتياب وسوء الظن والاستعلاء والقلق والاضطراب والخلاف بلا سبب لمجرد فرد عضلات وافتعال مشاكل وخلق توتر دون وجه حق، واستخدام استراتيجيات وتكتيكات خاسرة لمجرد التطاول والتعالي وفرض الرأي والتنقيص والنقد وزيف المودة.
الحياة لا تقف بل تستمر تتطور تتغير تتراكم. فهي أكبر من مشكلة صغيرة تعاني منها. الحياة  أقصر من أن تتوتر بسبب أشخاص متلونين مرضي نرجسيين لا يستحقون حتى أن يكونوا محور اهتمامك وحياتك وحديثك، ولا يستحقون حتى أن يكونوا مشكلة في حياتك أو حتى على هامش تفكيرك، فانضج وأرفض العلاقة المؤقتة الفاترة والصداقة الباردة و الجدال العقيم مع أحمق غبي بلا فكر ولا منطق ولا عقل. ولا تخوض وتورط نفسك ووقتك بقضية خاسرة فاشلة لا جدوى منها يصعب عليك الخروج من أحداثها, لملم أوراقك وأصنع النهاية كما تروق لك لان النهايات من صنع يد خفية أقوي من كل توقع, وأدر حياتك بعقلك لا بعاطفتك. وأعلم أن لديك ألف سبب لتعيش وتقاتل من أجله. التراجع والاستسلام ليس خيارًا. واصل شق طريقك ورافق من تحب حتى لو كانت أكواب شاي أو كتاب أو قط. كن لنفسك ومن بعد نفسك مسافة ثم الاخرين.
هناك مشاكل حقيقية تعصف بنا في حياتنا وهناك مشاكل نختلقها  نتخيلها بمخيلتنا نتوهم وجودها نضخمها لدرجة تفوق المشاكل الحقيقية بآلاف المرات. أن تشعر بمرارة الحياة هو شعور حقيقي طبيعي ولكنه ليس واقع فعليّ بل عوارض مؤقتة هشة، لأن الحياة هي الحياة لم تتغير بل الذي تغيرهو نظرتك ومزاجك ومحيطك، ولأنك تعاملت مع الأشباه في كل شيء، أشباه الأحبة وأشباه الأصدقاء وأشباه الزملاء وأشباه الأشباه. قد تتحسن حالتك النفسية إذا دربت نفسك على التفكير العقلاني لكيفية التعامل مع المشكلة، فبدلا من أن تندب حظك السيء على واقعك استبدله بكيف يمكنني أن أوجد الحلول والبدائل والطرق لحل المشكلة، ومن هم الأشخاص الذين أشعر بالحب والود بقربهم، ويمكنني أن أستعين بهم وأشعر بأنهم منشأ نفسي يحتضني وقت حاجتي وقت فرحي وحزني وجنوني. الحياة والفرص أمامك، فأنت ما زلت حيًا تتنفس. أجمع شتات روحك كل يوم  وكل صباح هناك فرص كثيرة فقط حاول وحاول و حاول ولا تدع الحياة بمرارتها  ووجعها وجبروتها تحطمك وتدوس عليك.
لذا، عليك أن تتجاهل وتتجاوز ندمك وهزيمتك وبعض الأشخاص بعدد أنفاسك وبعدد شعر رأسك لأنك إن وقفت على كل موقف ستكره الجميع وستخسر كثيرًا وأولهم عافيتك، ولأن ليس كل ما يقال بحقك يستحق الرد. لذا تقبل فكرة أنك إنسان غير مرحب بك بينهم دائما، فلا تأخذ الناس على محمل الجد وأرتق بنفسك حيث لا حسرة على مغادر ولا أسفًا على راحل ولا تفكيرا بمنافق، ولا تعطِ قيمة لمن لا قيمة لهم. وتقبل الفكرة التي تقول: "لا تكرهني بسبب كلام سيء سمعته عني، تعرف علىّ شخصيًا وسأجعلك تكرهني بدون تدخلات خارجية". ولا تحكم على الآخرين من أول موقف ونظرة لأنه لا يوجد فرق بين لون السكر والملح فكلاهما نفس اللون ولكنك ستعرف الفرق بعد التجربة. كذلك هم البشر وحدها المواقف كفيلة بإظهار وكشف معادنهم. ولا تصدق أي كلام مكتوب على عوالم السوشيل ميديا هناك بحار متلاطمة من المستعارين والمقنعين والمتلونين وأسماء ووجوه مستعارة تبحث عن مآلات وخبايا متسترة بحجج مكشوفة.
عود نفسك على التجاهل الذكي، وتعلم واحترف فن التجاهل لأنه فن ومهارة متله مثل فن الاتيكيت. وانسى واصفح وتناسى من أجل صحتك وحلمك، فالتجاهل حقا نعمة، فهو يعيد كل إنسان الى حجمه الطبيعي والحقيقي، وتجاهل الأشخاص الذين يملئون عقلك وفكرك وحياتك بالأفكار السلبية السوداوية. وتجنب الأشخاص الذين يجعلونك تشعر وكأنك غير مهم، ومشاعرك غير موجودة وحقوقك ليس لها قيمة. يقال في الأثر: (ﺗﺴﻌﺔ ﺃﻋﺸﺎﺭ ﺍﻟﻌﺎﻓﻴﺔ في ﺍﻟﺘﻐﺎﻓﻞ)... لذا تجاهل الذين ينتقدونك فقط بغرض إشباع رغباتهم المريضة لكي يشعروا بالإنتصار وبالرضا عن أنفسهم، وتجاهل الذين يسخرون من أحلامك الوردية المخملية وطموحاتك حتى لو كانت بسيطة. ولا تتنازل عن قيمك وكيانك ومبادئك وتجاهل الرغبة في إرضاء الجميع والتخطيط للإنتقام من الطرف الآخر حتى لو اساءوا إليك لأن الدنيا سترد لهم الصاع صاعين. أحيانًا التجاهل في بعض المواقف درس مفيد لتعليم بعض البشر آداب الحديث. تعجبني قناعات البعض بأنهم يعيشوا على مبدأ أكون من أكون وأفعل ما أريد فسعادتي بيدي والتجاهل مريح جدًا. فليس الانتصار دوما بالمجازاة فقد يكون التجاهل أكبر انتصار تحققه في مواجهة الاساءة. لا شيء يستحق أن تُرهق نفسك من أجله، تجاهل من يتجاهلك، وأهتم بمن يهتم بك، وسلامًا على من رحل، وجاور من يسعدون بوجودك من يتنفسون كيانك، من يقدرون قيمتك من يخلقون ألف سبب وسبب للحديث معك، و كن ودودًا في زعلك وخصامك تكن أجمل وأطهر.  وأعلم أن الله لا ينسى من ظلمك ومن أبكاك ومن قهرك فكن على يقين أن الحقوق ستُرد يوما فقط أصبر...




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=172550
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 09 / 07
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 14