إِنَّ الرؤساءَ ، والقادةَ ، وصُنَّاعَ القرارِ ، والمنظِّرين للمواقفِ ، المختلِفين ، والمؤتلِفين لهم خواصُّهم الذين يتواشجون معهم.
أَمَّا المشكلةُ العجيبةُ ففي العَوَامِّ إِذ تَراهُم يتصارَعون ، ويتسابُّون ، يتشاتمون ويَغتابون ، يَهمِزون ويَلمِزون ، وبالافتراءِ والزورِ والبُهتانِ يتراشقون في كلِّ ما هم به يتحاورون أَو يكتُبون ، ويُنصِّبُون أَنفسَهم ناطقِين ومُكلَّفِين ومُحامِين عمَّن هم عنهم يُدافِعون ، ولهم يتملَّقون ، وهم في الواقعِ إِلى أَولئِكَ الرؤساءِ ، والقادةِ بصِلةٍ لا يَمُـتُّون ، بل هم عندَهم مجهولون ، وعن حاضرتِهم ونادِيهم ومؤسستِهم غائبون ، وفي عِدادِ حاشيتِهم لا يُعَـدُّونَ ، ولا يُذكَرون !
وإِنَّ العِلاقاتِ والصداقاتِ الأَخويةَ الكريمةَ النبيلةَ الصادقةَ مطلوبةٌ وتُرتجَى شرطَ أَلَّا تكونَ أَنتَ إِمَّـعةً تابعًا لأَحَدٍ مهما بلغ ؛ فالكلُّ زائلٌ و﴿كُلُّ نفسٍ بِما كَسَبَت رَهينَةٌ﴾ [المدثر/٣٨] ، و﴿…كُلٌّ يَعمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ …﴾ [الإسراء/٨٤] ، وسيذهبُ كلٌّ مـنَّا يوما مَّا وحدَه ؛ فلا يَقِفُ معه قائدٌ دنيويٌّ ، ولا زعيمٌ سياسيٌّ ؛ فالخطابُ الإِلٰهيُّ الذي وجههُ اللٰهُ تعالى لنا حقيقتُه ﴿ولقَد جِئتُمونا فُرادَى كما خلَقناكُم أَوَّلَ مرَّةٍ وتَرَكتُم ما خَوَّلناكُم وراءَ ظُهورِكُم وما نَرى معَكُم شُفعاءَكُمُ الَّذينَ زعَمتُم أَنَّهُم فيكُم شُركاءُ لقَد تَّـقَطَّعَ بينَكُم وضَلَّ عنكُم ما كُنتُم تَزعُمونَ﴾ [الأنعام/٩٤].
إِذًا لَّا تكُن حاشيةً لِّمَن يَّجهَلُكَ ، أَو يَتجاهلُكَ ، ولا مُدافعًا عمَّن لَّا يعرِفُكَ ، ولا يُدنِيكَ ، ولا يُقرِّبُكَ !
ابنِ عِلاقاتٍ طيبةً تنفعُكَ ، ولا تكن عبدًا لضعيفٍ مثلِكَ تكُنْ كريمًا سليمًا.