إن الأفكار والآراء ذات الطابع الديني اذا لم تكن محفوفة ومقترنة بممارسات وسلوكيات رمزية معبرة عن معان مختزنة فيها, فأن هذه الافكار والرؤى لا تترسخ وتتعمق في أذهان التابعين لها وأن درجة احتمال بقاء ذلك الدين تكون ضئيلة.
واننا نعتقد وبضرس قاطع ويقين تام ان التشيع هو الصورة الحقيقية للاسلام, وإنّ هذا الدين قد تكفلت السماء بحفظه. قال تعالى:
(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)
وهذا الحفظ لابد أنّ يجري وفق السنن الإجتماعية والأسباب الطبيعية. بعبارة أخرى لابد من وجود موجبات الحفظ والبقاء رغم تقادم الزمن. وهذه موجبات الحفظ هي مجموعة من الشعائر والممارسات التي من شأنها حفظ الكيان الشيعي من الاندراس, وهي أسباب طبيعية غرضها حفظ وابقاء (موضوعات الكيان الشيعي وقيمه ومنهجه وروحه).
وهذه غاية سامية ونبيلة (غاية الابقاء). فلا ضيرَ ان تقدم من اجلها الدماء المقدسة وكان دم الإمام الحسين صلوات الله وسلامه عليه واهل بيته واصحابه مُنتج التضحية والفداء من أجل تلك الغاية النبيلة وقد أشار الائمة عليهم السلام بمناسبات كثيرة الى هذا المعنى وبعبارات مختلفه تارة تصريحاً واخرى تضميناً لها.
لذا نرى ان أعداء اهل البيت عليهم السلام من الأمويين والعباسيين قد أدركوا وجود ملازمة واضحة بين الشعائر وبين وجود الكيان الشيعي. فأنهم ادركوا ان وسائل الأحياء لفاجعة الطف التي كانت موجودة آنذاك, كالبكاء والرثاء والزيارة والشعر ما هي الا وسائل مبقية للكيان الشيعي, بل وتزيده قوة وعمقاً في نفوس أبنائه. لذا فأنهم سعوا بمختلف الطرق للقضاء على هذه الوسائل.
وعليه نستكشف أهمية هذه الشعائر من خلال حرص الائمة عليهم السلام باستعدادهم من خلال تعبئة الناس وشدهم اليها فكانوا يحثون شيعتهم على الرثاء والقاء الشعر والزيارة لسيد الشهداء عليه السلام وبيان الثواب الكبير لها, وأن كانت على خوف وانه لا تقية في زيارة الحسين عليه السلام ولابد من زيارته وتعاهد قبره عليه السلام، وان اتصف ذلك بالقتل والسجن والمطاردة وفرض الضرائب المالية، لكن هذه مسألة ترتبط بما هو اهم ملاكاً اي انها أهم من حفظ النفوس والعرض والمال, اذ انها ترتبط بالحفاظ على الكيان الشيعي ومن خلال هذه الشعائر تثبت هوية التشيع ويتم ترسيخها بضمير الإنسان الشيعي.
شيخ محمود الحلي الخفاجي/ السابع من محرم الحرام/١٤٤٢هج

|