كان المقاتل كرار الشلال يتعامل مع مصطلحات العشيرة بشيء من المرح، فما ان تقترب رشقة رصاص إلا وصاح (هاي عليها فصل) والفصل هو دية القصاص، فقد نشأ كرار الشلال في بيئة عشائرية في جنوب محافظة بابل، وترعرع في مجالسها ومضايفها، تعلم أن لكل شيء حرمة، والتجاوز لابد من مقاومة تمنعه وقوة ترديه وقصاص يؤدبه.
عرض بين اقرانه موقفه الاجتماعي الالتزام الاخلاقي الرفيع، وكان يفتخر دائماً انه من خدمة زوار الحسين، مشاعر القصاص العشائري ليست مؤذية لو نفذت بشكلها الصحيح، هكذا كان يقول، فاذا جُرح مقاتل، أطلق صوته باتجاه الدواعش وناداهم بعبارته المشهورة، كانت هذه العبارة تحول قساوة المشهد الى نادرة ندية تعمق صلة روح الابتسامة في الانسان وفي اصعب الظروف.
كانت له جولات بطولية رائعة في النباعي واللطيفة ان كل حادث او اصابة مقاتل كان المقاتلون يرددون عبارته، درست هذه العبارة للموائمة مع خطورة الموقف المعاش فوجدتها اقرب الى المعالجة النفسية لتدارك الاكتئاب هول ما يراه الانسان من مواقف مأساوية، فهي حرب لا صديق لها، فالإحساس بروح القصاص ينزه الموقف ويثبت في الانسان روح الشجاعة، أمور حين حللتها في واقع ما اكتبه في الجبهات وجدت ان كراراً له الدراية بما يعمل ليعالج المكابدات بعبارات اكثر نداوة.
الجريمة ليست هي القتل لندرك به القصاص، وانما هو تجاوز على وطن ومقدسات واعراض امة حتى لو آزره طغاتها، هكذا كان ابن الحشد يفهم المعركة ليست غنائم او ارصدة في بنوك، حاول الخصم ان يظهر للعالم وكأنه يحارب حسب معتقد يؤمن به ليؤدي دور التضحوي.
واين اسرائيل من تضحوية المكر، هذا ما كان يبينه لزملائه ثم يعود لنكتته البليغة واللازمة المشهورة لديه، في احدى مواجهات النباعي، اصيب كرار الشلال، حمل جراح يديه الى الطبابة ولم يرضخ لأوامر الطبيب وكان يحتج عليه: كيف اذهب للبيت واترك من اصابني يتمتع بنصره الموهوم؟
تقول الكتب الرسمية والوقوعات اليومية انه رفض التخلي والتراجع، وبقي يقاتل وفي احدى الفعاليات استهدفه الرصاص فضرج بدمه، وهو يبتسم لمجموعته: (هاي صدك عليهه فصل والعباس) رحل ولم ترحل ابتسامته، وظلوا يكررون عباراته تارة بالدمع وتارة بالابتسامة والحنين.
|