• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : من مذكرات صخرة .
                          • الكاتب : زينب إسماعيل عبد الله .

من مذكرات صخرة

  بعد ليل طويل حالك الظلمة، بزغ الفجر وأشرقت الأرض بنورها الذي انبثق من بطاح مكة ضياء أضاء الكون بالعدل والخير والرحمة، كان محمد (ص) يدعو قومه الى عز الدنيا وخير الاخرة، ظهرت في بيت من بيوت مكة كواكب سطع ايمانها حتى اخترق شعابها ذلك الايمان المطمئن بذكر الله، فصار مسجداً يشعّ نوراً من نور الله تعالى ينير قلوب المؤمنين بتلاوة كلام الله الكريم فيه، وكان أساس الإيمان في مكة المكرمة بعد محمد (ص) وعلي (عليه السلام) انه بيت عمار بن ياسر بن عامر مولى بني مخزوم، وأمه سمية بنت خياط صحابي الرسول ومن السابقين في الإسلام، ومن شيعة أمير المؤمنين (عليه سلام الله)، وكان السبب في إسلام أسرته.

 تعرضت أسرة عمار بن ياسر لأشد انواع العذاب من قبل مشركي قريش، لكنها ثبتت على الإيمان بالله ورسوله، ولم تتراجع.
لنعود الى حكايتي أنا –الصخرة- التي كان يضرب بي المثل بالجمود والقسوة، لكن ما جرى في بطحاء قريش يثبت أن قلوب بعض البشر أشد قسوة من الحجارة، لقد تفتت جلمودي من كثر دموعهم وأنينهم، ولان قلبي لهؤلاء الذين وضعني الظالم على صدورهم، فلم اسمع غير دقات قلب معذب ينبض بالإيمان، فتكون ذبذباته (لا اله الا الله محمد رسول الله).
 ولم أرَ غير كتلة من الإيمان تتحرك تحتي كانت ذراتها تتحد في انفاس ياسر وسمية وأبنائهما، وشعرت بقوة الإيمان الذي يدفعني تارة ويسقطني تارة أخرى، لقد كنت خجلة عندما مرّ رسول الله (ص)، وقال: «صبراً آل ياسر إن موعدكم الجنة».
 لقد تعلمت الصبر والثبات منهم، ولن أسامح نفسي؛ لأنني كنت اداة لتعذيبهم، وقد شهدت استشهادهما، فكانا اول شهيدين في الإسلام. أما عمار فقد نجا من الموت بعد أن ذكر آلهتهم بخير، لكن قلبه ظلّ عامراً بالإيمان، وقد تاب واستغفر الله فغفر له، وهاجر مع رسول الله (ص) وشارك في حروبه حتى استشهد في معركة صفين، وكان له من العمر ثلاث وتسعون سنة، فكان من «وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ {10} أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ» {الواقعة/11} فنزلت به هذه الآية الكريمة، قال تعالى: ((مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ...» {النحل/106}.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=170175
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 07 / 03
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 13