كانت الحياة على بساطتها في العقد الخامس والسادس من القرن الماضي، ولم تكن وسائط النقل بالتطور والرفاهية الحالية، وحسب مقولة (الحاجة أم الإختراع) قام جماعة من فنيي واسطوات الحي الصناعي في النجف بالتفنن في تحوير اللوري الفولفو الموديل القديم، وذلك برفع الجزء الخلفي وتحويره بإضافة مقاعد ونوافذ، ومن ثم مده بحوض ماء معدني يوضع فيه الثلج في الصيف يقع على سقف السيارة، وتمتد منه حنفية ماء(بوري) لداخل السيارة لشرب الماء البارد.
وكانت منها عجلات اكبر للسفر خارج العراق (مكة، الشام، ايران) فكانت مزودة بمرافق ومغسلة، أما داخل السيارة فقد تفنن الرسامين بالرسومات والكتابات والنقوشات الجميلة لإضفاء الراحة والهدوء والتخلص من عناء السفر.
كان خط (كربلاء – النجف) حافلاً بهذه العجلات، إذ تتوجه من المرآب الخاص بها من كربلاء الى النجف الاشرف، وكان هناك محطة استراحة في منطقة خان النص حيث يأخذ المسافرون وقت للأكل والاستراحة، ويقوم السائق ومساعده (السكن) باستغلال هذه المدة لتبريد محرك السيارة، وبعد انتهاء المدة المذكورة ينادي على المسافرين للتوجه للسيارة لإكمال السفر.
كان غلاف سيارة (دك النجف) على نوعين القديم كان خشبياً، ثم تطور وأصبح معدنياً مغلفاً بمادة البليت ذات الألوان الزاهية.
وتم تحوير عجلة صغيرة شوفرليت أو الفورد القديم وغُلفت بالخشب، وكانت تحوي على مقاعد قليلة موجودة في محافظة البصرة لحد الآن للسياحة، وكذلك تم تحوير عجلة أكثر رفاهية عبارة عن تريلة مفصولة عن الصندوق (اللوري) الخلفي الذي حُوّر وزُوّد بمقاعد ووسائل الراحة، وزُودت بمراوح سقفية فتكون أكثر هدوءاً؛ لأنها مفصولة عن الرأس الذي يحوي ضجيج المحرك، وكذلك لا يدخل لها دخان العجلة الأمامية، لذا تعد هذه العجلة سياحية، وأيضاً زودت بمغاسل، وحوض للماء البارد، وكانت تحوي على باب خلفي، وايضاً كانت مقسمة الى قسمين (درجة أولى وثانية)، وقد تم تحوير انواع كثيرة أخرى.
ومرت الأيام وتطورت صناعة السيارات فأصبحت سيارة(دك النجف) تراثاً من الزمن الجميل الذي ارتبط لسنوات طويلة بذاكرة العراقيين وتفاصيل حياتهم اليومية، وقد انتصبت اليوم بشموخ فوق منصة في كراج النهضة في وسط بغداد؛ عرفاناً بفضلها وما قدمته من خدمات.
|