في مواضيع سابقة، تناولت بعض العثرات في المناهج التربوية للمدرسة الابتدائية وهي بلا شك اللبنة الأولى في عملية التربية والتعليم، وكنت مهتماً بمنهج الرياضيات حصراً، إذ أن المعروف أن منهاج الرياضيات الحديثة - كما أسموه - كان عبارة عن خلاصة مقتطفات من منهج أوربي وحصراً منهاج الرياضات للمرحلة الأولى في دولة ألمانيا (الغربية والشرقية) اتى بهذا المنهاج بعض الموفدين من وزارة التربية ومن المختصين في منهاج الرياضيات.
حقيقة أتوا به في سلة واحدة، وهنا أفردوه حسب قناعاتهم ونحن في سبعينيات وثمانينيات القرن المنصرم بدأنا نقاشاً وحواراً مع المسؤولين التربويين حول جدوى هذه التجربة ومدى صلاحيتها وملائمتها واستيعابها في المرحلة الابتدائية.
وكانت هذه النقاشات ضمن دورات أقامتها وزارة التربية في عموم المحافظات وشملت منهاج الرياضيات الحديثة للصف الأول والثاني والثالث والرابع بداية.. وحقيقة وجدنا بعض الصعوبات حول العناصر والمجموعات والتفريق بين الأقل والأكثر والبعيد والقريب والشعاع والدائرة.. كانت هناك أمور ومفردات كثيرة لا يمكن حصرها ولمسنا عدم استيعاب سريع رغم ركاكة بعض المواضيع، إذ أن كتاب الحساب القديم كان مجديا ومقنعا ومفهوما واضحاً عند المعلم والتلميذ ولكافة المراحل، والدليل أن النخب من العلماء والمفكرين الذين أكملوا مراحل تلمذتهم سابقاً في المدرسة الابتدائية شبوا على أساس متين من المعرفة.
ولو أجرينا مقارنة مع المتخرجين في الأزمنة الحالية والذين كانت المناهج الحديثة في صلب معلوماتهم لوجدنا الفارق واضحاً جداً ضعفا وسطحية وركاكة..! ولا يخفى أن مفردات الرياضيات الحديثة فيها الكثير من الأخطاء والمبهمات وبعضها أشبه بالحزورات على نمط: أيهما أول البيضة أم الدجاجة...!
أنا لمست أن البعض من معلمي مادة الرياضيات في ارباك واضح من مفهومية المنهاج وهذا تجلى عند وضع الأسئلة في الامتحانات العامة، مما جعل التلميذ مشتت التركيز في الاجابة الصحيحة، وحتى بعض أسئلة الامتحانات غير مفهومة النص..!
حقيقة هذا غيض من فيض.. كانت نتائج ذلك هذه الاحتجاجات والاضرابات حول عدم صلاحية وكفاءة بعض المناهج التربوية وضرورة النظر باهتمام لتغيير بعض المفردات هذه المناهج في معظم المواد وخاصة للمدرسة الابتدائية.
وأنا أرى أن على من يتصدى لوضع المنهاج أن يختار نخبة من معلمي المدرسة الابتدائية من المخضرمين وغيرهم، فهم أدرى بمدارك تلامذتهم فهم الأقرب نفسياً واجتماعيا وعلميا للتلميذ.
|