نصر أو شهادة، لا تراجع ولا تقهقر، هكذا وضع أبطال العراق هذا المرسوم الوجداني نصب أعينهم ومضوا، متزاحمين على أعتاب مراكز التطوع، بمجرد إعلان الفتوى المباركة، لم يقتصر النهوض على فئة الشباب، بل أثبتوا بأن هنالك ثلّة مؤمنة موالية تنتظر الدعوة إلى الجهاد؛ لتفدي دين الله وأرض الوطن بالغالي والنّفيس.
رجال اجتمعوا تحت راية الحقّ، فلا معنى للعمر أو لعنفوان الشّباب، العزيمة هي السّلاح، والإيمان هو اكسير العطاء، والدفاع عن المقدّسات هو الهدف، ثلّة هبّت لتفدي أرض الاولياء والسّادة الأبرار بطهر الدّماء لتستكمل مسيرة الإمام الحسين (صلوات الله وسلامه عليه) في تجسبد معنى الفداء، وتستمرّ كربلاء.
معسكر للحقّ وآخر للباطل، هو الصّراع الأزليّ، إنّها ثورة بكل ما تعنيه الكلمة، ثورة الشرفاء لإحقاق الحقّ ضدّ أخطر ما واجهته الأمّة من عدوان على مرّ السنين، معسكر الباطل جاء ليهدم دين الله، ويمحو آثاره وملامحه، هذا هو الهدف.
المداد والدّماء وجهان لمغزىً واحد: العزة والكرامة، هي انتفاضة الإباء تُكتب بالدّم الطَّاهر والحبر الذي يسطّر أروع صفحات الفداء، وها هي المرجعيّة تتولى أمور المجاهدين المتطوّعين من تسليح وتدريب وتجهيز، إنّها ملحمة حسينيّة بكلّ تفاصيلها، وكما علّمهم الحسين (صلوات الله وسلامه عليه) كيف ينتصر الدّم على السّيف، ها هم يبذلون الدّماء الزاكية التي تسقي أرض الولاية وتنبت كربلاء العصر بكل ما فيها من دروس وعبر.
لقد أضحت الشّهادة الحلم الذي يراودهم، ويسعون لتحقيقه، كيف لا وهم يسيرون على نهج سيّد الشّهداء (صلوات الله وسلامه عليه) وها هو النّصر قد لاح ولاحت بوادره، وها هم الدواعش يطردون شر طردة، ويأخذون درساً لن ينسوه ولن ينساه العالم بأجمعه، نعم فالنصر منهم وإليهم وهم أهله، وكلنا نعلم أن وعد الله حقّ والنصر حتماً للمؤمنين، وتاريخ الأمم الماضية يشهد كيف أبيد الظلم والظّلمة، فأين هم وأين آثارهم؟
يا أيها العظماء سلام من الله عليكم، سيذكركم التاريخ من شهداء ومقاتلين، وستكونون منار الأمّة عبر العصور، فأقلام الأبطال في جبهة أخرى تسطّر ملاحمكم وتوثّقها وتهيئ للأجيال القادمة سِفر البطولة، سفراً يحكي تاريخ آبائهم وأجدادهم.
ما أروعكم..! وأنتم تمضون دونما التفات إلى أيّ شيء من حطام الدنيا وزخرفها؛ لتعبروا شهداء مكللين بالغار وتيجان النّصر، ليليق بكم ذاك اللقاء مع سيّد الشّهداء(عليه السلام)، فهلا أخبرتمونا كيف كان اللقاء؟
تحيّة لكم، يا أحباب الله، وأنتم تشهدون اليوم فرحة النّصر، وسيكون النصر الأكبر حينما يأذن الله وتشرق الأرض بنور ربّها، حينها سندرك نحن ما غاب عنا وما لم نصل إليه، سندرك معنى الشهادة التي كانت عقولنا قاصرة عن إدراكها بكلّها، ستخلد ذكراكم أبد الدّهر، وها هي صحائف أعمالكم قد رفعت تشهد لكم.
تحيّة لكل بطل لازال حيّاً، ولكل شهيد، ولكل ذرة تراب ضمّت رفات شهيد، ولجبهات القتال التي تفخر بأبناء بررة، لقد غيّرتم خارطة الزمن، ورسمتم خطوطاً جديدة ملؤها الوفاء في تراب المقدسات.
|